| الثقافية
2 المكان: وهو البقعة الجغرافية التي يلعب البطل عليها ادوار الرواية من البداية الى النهاية من خلال الزمان وبقية العناصر المكونة للعمل الروائي وتكمن اهمية المكان في كونه ذلك المسرح الفسيح الذي يلعب عليه البطل كل الادوار ويستطيع ان يكوِّن عليه الاحداث الدرامية من خلال المثلث الذي تبدأ الرواية من قاعدته وتصل العقدة الى رأسه ثم تتخذ مسارا مغايرا في طريقها الى الحل او النهاية التي يرتضيها الروائي, ولا يمكن للزمان او المكان ان يقوم بدون قيام الاركان والعناصر المكونة للعمل الروائي فالرواية نسيج متكامل (السدو يمثل اركانه والعناصر لحمته) والرواية تأخذ صفتها من العنصر الذي يغلب عليها وتكثر صفته عن غيره من العناصر الاخرى, فقد وجدنا في حديثنا السابق بعضا من الروايات التاريخية التي غلب عليها العنصر الزماني لكن ذلك العنصر لم يلغ دور العناصر الاخرى التي يقوم عليها البناء الروائي واطلق عليها (الرواية التاريخية) لكنها رواية وليست سردا تاريخيا يخلو من الصبغة الروائية المميزة، والرواية بحر لا يضيق صدره بشيء من الفنون والعلوم، وما على الروائي الا ان يستغل هذا العنصر او ذاك ويكيّفه بالطريقة التي يجدها مناسبة للصيغة الفنية, ان الرواية التي كتبها الروائي المبدع خيري شلبي بعنوان (بطن البقرة) تحدث شلبي في هذه الرواية عن مدينة القاهرة من الناحية الجغرافية واصفا اياها ادق وصف لم يستطع ان يصفها به الجغرافيون انفسهم والميزة التي تميزت بها هذه الرواية وامثالها انها جمعت بين المعلومة الجغرافية والصياغة الفنية وهذا الجانب لا يوجد في الوصف الجغرافي المنهجي الجاف فاذا استطاع الكاتب ان يقدم عملا ذا معلومة عامة بدون ان تقدم في صياغة فنية لا يستطيع تقديمها الا الروائي الموهوب فسيكون العمل عملا جافا ليس فيه سلاسة الفن الروائي والوصف الجميل الذي يجذب القارىء لمتابعة القراءة.
وكما ابدع شلبي في روايته هذه فقد ابدع ايضا في عمله الآخر المعنون (وكالة عطية) فأبدع فيها وصفا جغرافيا بجانب الغوص في الاحداث النفسية للمشتغلين في تلك الوكالة وارتباط الكل منهم بالبقعة الجغرافية التي نشأ عليها وكما قدم هذا الكاتب عملا جيدامرتبطا بالارض فقد قدم آخرون اعمالا مشابهة لهذا العمل من حيث البقعة المكانية التي لعب عليها البطل ادواره كما ذكرنا من قبل لكنها اعمال تختلف في فنيتها من كاتب لآخر فقد ابدع الدمنهوري في وصف جغرافية مكة المكرمة والقاهرة وهما المكانان اللذان دارت فيهما احداث روايته، ثمن التضحية وكذلك احمد السباعي في روايته فكرة وابراهيم الناصر الحميدان في روايته (سفينة الموتى) ولم يتنقل قارىء مع كاتبه مثلما تنقل القارىء مع (تور جينيف في روايته) شهر في الريف Turgenev. Amonth in The Country فقد اخذ القارىء معه في رحلة ريفية ممتعة في رواية اكتملت فيها اركان الرواية وعناصرها وهذه هي القدرة التي يتمتع بها الروائي عن غيره من المبدعين (رواية جغرافية، جغرواية) وقد يكون العمل وصفا جغرافيا لبقعة مكانية ليس فيه من الشروط الروائية شيء كالمذكرات التي حسبها الكثير من المتلقين ودعاة النقد رواية وهي لا تتعدى السرد اليومي ما بين الزمان والمكان والى ان نلتقى مع العنصر الثالث (الشخصيات) استودعكم الله.
|
|
|
|
|