| عزيزتـي الجزيرة
المكرم رئيس تحرير جريدة الجزيرة,.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,.
إن ما يدعيه اليهود بأحقية وجودهم في فلسطين وتملكهم لأراضيها أمر باطل لا صحة له وهم أنفسهم يعلمون ذلك تماما.
فقد كان وقوع فلسطين تحت الحكم البريطاني بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى فرصة لتحقيق آمال وأطماع اليهود حيث سهلت بريطانيا الطريق لهجرة اليهود لفلسطين، كما قامت بتنظيمهم وتدريبهم على استعمال السلاح، ولما حاول اخوتنا في فلسطين الصمود أمام اليهود وبريطانيا تدخلت الحكومة الأمريكية آنذاك وأجبرت بريطانيا بأن تسمح بدخول أكثر من مائة ألف يهودي الى فلسطين في فترة محدودة جدا.
ولما انسحبت بريطانيا من فلسطين عام 1367ه أعلن اليهود قيام دولتهم في فلسطين وسموها اسرائيل.
نعم ان هذه حقيقة تواجد اليهود في فلسطين وإلا فهم حفنة قذرة من البشر متفرقين في أنحاء العالم لا هم لهم إلا جمع المال والحرص على البقاء في هذه الدنيا.
ومن هنا يتضح كيف نجح الاستعمار بقيادة كل من بريطانيا وأمريكا في زرع هذه الغدة السرطانية الخطرة في جسم العالم العربي والاسلامي لتنهش في هذا الجسم المتهالك مستغلة تفرق الصفوف العربية والاسلامية بين الحين والآخر.
إذن فإن ما يفعله اليهود في هذه الأيام ليس مستغربا عليهم وإنما الغريب العجيب أن يحدث منهم خلاف ذلك فالعداء مستحكم لديهم والحقد والغدر متأصل فيهم منذ أن عرفهم التاريخ وأوضح دليل على حقدهم وغدرهم أن رسول الله صلىالله عليه وسلم طردهم من المدينة المنورة لتكرار نقضهم العهود مع المسلمين قال تعالى: (أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون).
وما نسمعه هذه الأيام من أخبار آذت أسماعنا ومن مشاهد قرّحت أعيننا أمر طبيعي لأن هذا ديدنهم وتلك عادتهم وكيف يستغرب هذا وهم قتلة الأنبياء عليهم السلام, قال تعالى:(فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق).
بل إن الجرأة قد وصلت بهم والعياذ بالله الى النيل منه سبحانه وتعالى وهو خالقهم وهذا ما أثبته القرآن الكريم في كثير من الآيات منها قوله تعالى (وقالت اليهود يد الله مغلولة), وقالوا (إن الله فقير ونحن أغنياء).
أيها الأعزاء: لقد تابعت كما تابع غيري ذلكم التعاطف الشديد الذي أبداه المسلمون لما حدث لذلك الطفل الصغير ووالده المسكين من غدر صريح، فالطريقة الوحشية التي تم بها قتل هذا الطفل لا يمكن أن يقبلها أي انسان يحمل ذرة احساس أو عطف حتى ولو لم يكن مسلما بل إننا نلاحظ أن الحيوانات التي لا عقول لها تأنف من فعل هذا بل نجدها تدافع وتستميت من أجل صد الأذى عن صغارها.
أيها القارىء الكريم: هل سألت نفسك ماذا سيكون وضعك لو كنت مكان هذا الأب المغلوب على أمره وان هذا الابن الشهيد هو ابن لك؟ لا شك أنك ستتوقف عن الاجابة عن هذا السؤال بمجرد شروعك بها لأن جلدك سيقشعر وبدنك سيرتجف فالموقف عصيب والمشهد لا يطاق.
ثم فلنسأل أنفسنا أليس هذا الوالد المنكوب وذاك الطفل المقتول من المسلمين وهل هؤلاء الشهداء الذين سقطوا بأسلحة القناصة اليهود هل هم من غير المسلمين؟ إذن فأين نحن من قول الرسول صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن للمؤمن كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .
وقوله صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا, ثم شبك بين اصابعه .
إذاً فالواجب علينا نصرة اخواننا في فلسطين وفي هذا الوقت بالذات لتكالب وتكاتف قوى الشر عليهم ونصرتهم لا تكون ولن تكون بالتعاطف معهم فقط ولا بالكلام المجرد ولا بالادانة والاستنكار والشجب ان الأمر خطير والخطب جسيم فهاهم اخواننا في فلسطين يقتلون في كل يوم بل في كل حظة وهاهي بيوت الله تحرق نكاية بالدين وأهله.
فكيف نسكت بعد هذا كله وكيف نهدأ بمنامنا وكيف نأكل ونشرب ونلاعب أطفالنا هل خلقنا لهذا لا لم نخلق لهذا وولله إن باطن الأرض خير لنا من ظهرها ان سكتنا على ما يفعله اليهود في فلسطين, إن واجب النصرة أمر حتمي على كل مسلم الذي هو عصب الحياة حتى يتم تجهيز المسلمين عند ملاقاة العدو قال تعالى:( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم).
كما أنه يجب على كل من يملك قلما مؤثرا أن يستعمله في حث الناس على نصرة المسلمين وانقاذ المسجد الأقصى من تلك الأيدي النجسة والاعلام العربي الاسلامي عليه دور هام في شحذ همم المسلمين في كل مكان ليهبوا الى نصرة اخوانهم في فلسطين.
إن ما يقال عن قوة اسرائيل ومن يقف خلفها يجب ألا يثني عزيمتنا عن السعي بكل قوة لنجدة المسلمين في فلسطين وتخليص الأراضي المقدسة من تلك الشرذمة القذرة.
وليعلم جميع مسلمي الأرض ان الله ينصر من ينصره ولكن بشرط أن نصدق مع الله وان نخلص النية له.
والأدلة على نصرة الله للمسلمين كثيرة لا يمكن حصرها ومنها انه عندما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصدع بكلمة الحق وأن يقاتل المشركين قال تعالى (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ومع قلة عدد المسلمين وضعف تجهيزهم العسكري فالمشركون يفوقونهم عددا وعدة ومع هذا فقد نصرهم الله في مواقع عدة لأنه تعالى رأى من المسلمين صدق الايمان والاقبال عليه تعالى, كذلك نصرة الله للجيوش الاسلامية في عهد الخلفاء الراشدين وخير دليل على ذلك ما حدث من نصر مؤزر للجيوش الاسلامية في معركتي اليرموك والقادسية عند مقابلتهما لأعظم قوتين في ذلك الوقت الروم والفرس .
كما يجب ألا ننسى الحروب الصليبية ففيها من العبر والدروس ما يكفي لأن نكون أكثر شجاعة واصرارا وعزيمة على مواجهة هؤلاء الأعداء مهما بلغت قوتهم وقوة من يقف خلفهم, فبعد ان استولى الصليبيون على أراضي الشام قاموا بقتل الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء كما قاموا باحراق المنازل بعد نهبها وجعلوا من المسجد الأقصى الشريف مخازن لأطعمتهم واستطبلات لخيولهم ثم أسسوا لهم امارات في أماكن متفرقة من بلاد الشام حتى أصبح الناس يتحدثون في مجالسهم وأسواقهم وزواياهم عن قوة الصليبيين وعن استحالة الانتصار عليهم وطردهم من أراضينا الاسلامية وعندما أراد الله تعالى نصرة المسلمين قيض لهم البطل صلاح الدين الأيوبي الذي وحد صفوفهم بعد أن تخلص من كل خائن وعميل للصليبيين, بعد ذلك تقدم بكل شجاعة يقود المسلمين لملاقاة الأعداء في معركة خالدة هي معركة حطين عام 583ه ولأن الله تعالى وجد من المسلمين الصدد والاخلاص له وحده نصرهم على أعدائهم نصرا مؤزرا.
مما سبق يتضح أن الله ينصر من ينصره ولكن بشرط أن يرى صدقنا واقبالنا عليه قال تعالى:(ولينصرن الله من ينصره), وما يحدث الآن من شجب واستنكار فقد جُرب كثيرا ولم يعهد عنه أنه قد جاء بأي نتيجة ايجابية بل إن ما حدث هو عكس ذلك تماما فقد أخذ الأعداء يستهزئون بنا فهم يعرفون أن الاستنكار والشجب هو سلاح الضعيف العاجز .
إن مواقف الدول الكبرى لا تنبنى على العدل والانصاف ولا تحددها المحافظة على حقوق الانسان والمساواة بين الدول كما نصت على ذلك أهداف هيئة الأمم المتحدة, ان الذي يحدد مواقفها مصالحها الخاصة فمتى ما رأت أن مصلحتها في نصرة دولة من الدول حتى ولو كانت ظالمة ومعتدية فهي لا تتردد أبدا في نصرتها والوقوف الى جانبها وعندما تحس هذه الدول التي طالما وقفت وتقف الآن مع اسرائيل بأن مصالحها في الشرق الأوسط مهددة فإنها حينئذ ستنسى أن هناك دولة في العالم اسمها اسرائيل.
إننا الأقوى نعم الأقوى بقوة ايماننا وعقيدتنا والأقوى بشجاعتنا العربية التي سجلتها كتب التاريخ والأقوى بثرواتنا النفطية والطبيعية والمواقع الجغرافية الحساسة والمهمة والتي تتحكم في طرق المواصلات العالمية.
أما إن كان لدينا ضعف أو تأخر فهذا عائد الى اختلاف كلمتنا ووالله الذي لا إله إلا هو لو اتحدت كلمة الأمة الاسلامية في مشارق الأرض ومغاربها وأصبحت على قلب رجل واحد لأصبح بامكانها مسح اسرائيل ومن يقف معها من خارطة العالم بأكمله.
مثنى حمود الشعيبي بريدة
|
|
|
|
|