|
| القوى العاملة
تحدث جون أدير عن العزلة عند بعض المديرين وقال:
يشبه بعض المديرين التنفيذيين شجرة الأوباس الاستوائية التي تقف شامخة ولكن في عزلة عن غيرها لأنها تمتص المياه اللازمة لها من المساحات الواسعة جداً المحيطة بها بحيث لاتسمح لأي نبات آخر بالحياة حولها ونفس الشيء ينطبق على المديرين الشبيهين لها فهم لايتركون أي مجال لمن حولهم أن يعيشوا وينموا وبالتالي يترك ذوو الكرامة والاعتبار منهم العمل في الجهاز ويغادرونه تاركين هذا المدير محاطاً بمجموعة من الأقزام العديمي الحيثية, الأمر الذي يجعله يعتقد أنه حقا شخص لايمكن الاستغناء عنه أو العثور على من يحل محله.
غير أنه على النقيض من هذا النوع من المديرين، فان المديرين والمشرفين الناجحين والمبدعين يدركون بأنهم مسؤولون عن تطوير الأفراد على المستوى الإداري التنفيذي لعلمهم بأن أحد هؤلاء سيكون في الغالب من يخلفهم عند تقاعدهم.
ولكن لابد من القول بأن هناك عقبتين تقفان في بعض الأحيان بين المدير التنفيذي وبين تحقيق هذه المهمة:
أولاهما: الغرور الذي يجعلهم يعتقدون بأنهم سيعيشون أبد الدهر وبالتالي فانهم لايتخذون أية تدابير لإعداد خليفة لهم.
وثانيتهما: ترتبط أيضاً بذلك الغرور, فحتى إذا أرادوا اعداد خليفة لهم، فانهم يبحثون عن اشخاص يشبهونهم في خصالهم وتصرفاتهم وميولهم دون ان يأخذوا بعين الاعتبار تغير الظروف والأحوال وبالتالي تغيير النمط الإشرافي الذي بات الجهاز بحاجة إليه وربما يفسر هذا السبب في عدم نجاح بعض الوكلاء الذين يكون المديرون التنفيذيون قد رعوهم بعنايتهم وأعدوهم ليحلوا محلهم.
ومن الجدير بالذكر ان الكثير من الأجهزة والمؤسسات أخذت تدرك هذه المشكلة وبالتالي عمدت إلى تدريب وتطوير مجموعة صغيرة تتألف من 4 إلى 5 من الاشخاص الذين تتوسم فيهم المقدرة على أن تتولى أعمالها الاشرافية في المستقبل، ليجري اختيار أحدهم عندما يحين الوقت المناسب لذلك,غير أنه لابد لي من الاشارة هنا إلى أنني قد اكتشفت بالخبرة الشخصية أن بعض الاشخاص لايرغبون في تحمل أعباء المناصب الرئاسية العليا وما تتطلبه من رحلات واجهاد بينما يفضل بعضهم الابداع في حقل فردي.
ولذا فمن الافضل للأجهزة ان تتعرف على ميول من تعدهم لأعلى المناصب فيها قبل تعيينهم في تلك المناصب.
ولكن ماهي الصفات والخصال الواجب توفرها في المرشحين لاحتلال منصب المدير التنفيذي الأول والتي تستطيع الأجهزة عن طريقها تحديد الأشخاص المؤهلين للنجاح في مثل هذا المنصب؟ ربما كان أول تلك الصفات توفر الطموح لديهم وان يكونوا يرغبون في الوصول إلى اكثر المناصب مسؤولية في الجهاز فبدون توفر الحافز الرئيسي وهو الرغبة في الاشراف، فلا يستطيع أحد تحمل مشقة اعداد نفسه لتولي القيادة العليا.
أما الصفة الثانية فربما كانت المقدرة الفنية والسجل الذي يدعم ادعاء مثل تلك المقدرة، ويليها التصميم والمقدرة على تحقيق النمو للجهاز، أما الصفة الرابعة والأخيرة فهي ملكة الابتكار والابداع، فهذه الملكة توفر حافزاً قوياً لأنها تبعث الراحة والحماس للعمل في نفوس من تتوفر لديهم.
ولقد دلت ابحاثي على ان تحقيق الانجازات الكبيرة يكاد يكون الحافز الرئيسي لدى جميع كبار المديرين الذين قابلتهم بغض النظر عن جنسياتهم أو الثقافات التي ينتمون إليها, فعلى سبيل المثال، قال لي أحد المديرين الاداريين السويديين: إنني مولع بالابتكار، وأنا أسر كثيراً عندما أرى المؤسسة التي أرأسها تنمو وتزدهر وأرى العاملين فيها الذين أثق بهم يحققون النجاح تلو النجاح ، وقال لي أحد المسؤولين التنفيذيين الامريكيين: ان اكثر مايسيطر علي هو الرغبة الجامحة في تنمية المؤسسة التي أرأسها وهذا ما يدفعني على العمل باستمرار مع ادراكي بأن علي أن آخذ الأمور بروية حتى لا أنهك نفسي .
أفضل الأمثلة:
وربما يعتبر كارلودي بينيديتي، رئيس مجلس ادارة شركة (انج اوليفتي) واحدا من أفضل الأمثلة على هذا النهج الجديد من الزعامة الإدارية المبتكرة.
فمع أن سنه لاتتعدى الواحدة والخمسين، فإنه يعتبر اسطورة في ايطاليا وشهرته آخذة في الانتشار، وكان قبل أعوام قد ربط شركته بصناعة الالكترونيات الأمريكية عن طريق اتفاقية عقدها مع احدى الشركات الأمريكية.
ثم قام بعقد اتفاقية مماثلة مع إحدى الشركات اليابانية.
ويفكر بنيديتي وأمثاله من المسؤولين التنفيذيين الكبار في الأجيال القادمة وهم دائماّ يسألون أنفسهم قائلين: ما الذي سنتركه بعدنا؟ ولاشك بأن الناس سيتساءلون بعد رحيلنا أو تقاعدنا عن العمل ما إذا كنا قد شجعنا من حولنا على النمو والتطور، فإذا لم نكن قد فعلنا ذلك، فمعناه اننا لم نقم بواجبنا كقادة ولم نكمل مهمتنا .
|
|
|
|
|
