أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 7th November,2000العدد:10267الطبعةالاولـيالثلاثاء 11 ,شعبان 1421

محليــات

لما هو آتٍ
هذا القادم في غير احتفاء,,.
د . خيرية إبراهيم السقاف
هذه نسائم الشتاء,.
تقبل,,.
والطبيعة بجمالها تمضي في سكينة,,, لا يعتورها إلا ما يفعل الإنسان,,.
هذه نسائم الشتاء,,.
واحتفالية اللقاء به,,, تعكرها فجيعة المناضلين,,.
فالشهداء يتقاطرون,.
وغربة الشتاء,, ووحشة الزمهرير,,, بقدر ما تحرك في غموضها كوامن المبدعين،
بقدر ما تحرك في سطوتها ألم الشعور بقسوتها عليهم,,, عراةً,,, حفاةً,,.
يتقاطرون مضرَّجين في الدماء,,.
وأحضان الملابس الدافئة تستقبل أجساد المترفين، والسادرين في تيه رفه الحياة وبسطتها لهم,,,، تنأى عن أولئك,,, فتستقبلهم حمم اللهيب,,, تزيدهم اتقاداً,,.
لأنهم لايشعرون بالبرد والدماء تغلي في عروقهم,,.
يتقاطرون في احتفائية الشهادة,,.
تحتضنهم المقابر,,, تدفيء أجساد العراة,,, يستقبلون بصدور عارية صولة السلاح,,.
هذه نسائم الشتاء,,.
تقبل,,.
والأسواق تبدلت واجهاتها,,, ومضامين دكاكينها ,,.
والناس أقبلت على الاقتناء,,.
وأولئك,,,؟!
الشتاء ذو وجهين,,.
وحين يأتي بوجهه النسائمي البارد، بعد امتداد مذيب لقدرة الاحتمال في لهيب صيفي بدأ وما عرف له انتهاء,,.
يكون هذا الوجه حافلاً برسائل البهجة للإنسان,,.
فيدس نفسه في انتشاء داخل إطار الهواء,, وقطرة الماء,,.
يقدم صفحة وجهه كي تضمها كفا الهواء الشتائي وهو يعبئ مراكبه يأتي في أية لحظة بأمطاره، وزمهريره,,,,، ووحشته، وضبابيته، وصمته، وسطوته,,, وتختلط عند ذلك كفَّتاه، ويمتزج وجهاه,,.
يكون الشتاء سلاحاً لدماء خلطها الحر في بوتقة الاصطلاء,,,، ونزفت لها المسامُّ عرقاً يغسل لسعة الزمهرير في هجيره القائظ,,.
والشتاء المسالم تتعثر قدماه,,.
والصيف المكابر يزج بذيوله,,.
والإنسان إما في يقظة أو في غفلة,,.
أما الذين يتحايدون بين اليقظة والغفلة,,, فإنهم عُزّلٌ، لا يملكون مفاتيح اليقظة كي ينهضوا، ولا مفاتيح الغفلة كي يتواروا,,.
والشهداء يتقاطرون,,.
وتلتهمهم المقابر,,, كي تدسهم في بؤر النور الذي لايصطلي، ولا يتزمهر,,.
وهذه نسائم الشتاء,,.
والرمال تُقبل على أن تُدَكَّ في صمت طويل,,.
والمسافات الطويلة,,, تخفت أضواؤها,.
والحدَّاؤون يحملون عصيَّهم,,.
وينوحون,,.
وثمة نداء حزين يعمِّر مداخل الاستقبال لشتاء قاتم,,.
لا تنجو فيه الصدور من الغبن، والبكاء,,.
فالإنسان يشوِّه مداخل الشتاء,.
والإنسان يشِّوه مخارج الصيف,,.
وبقدر ما تفتح الأرض منافذها للمستدفئين في جوفها,,.
بقدر ما تضم الصدور مفاتيحها على حسراتها,,.
فالإنسان يقتل الإنسان,,.
فيما تمضي الطبيعة في طبيعتها,,.
يفرح العصفور بقطرة الندى الباردة,,.
وتدسُّ الطيور رؤوسها في صدور أمهاتها,,.
وتنطلق في الفضاء فرِحةً بنسائم الشتاء,,.
وقد عبّأت النّمل بيوتها، في رحلة اختفاء شتوي يطرق الأبواب,,.
فيما تشتعل صدور المناضلين,,.
وتتأوه صدور الأمهات الفاقدات,,.
ويسقط الشهداء,,.
وفم السلام البشري فوق الأرض لايزال مفتوحاًً,,.
يلقمه الإنسان الغسلين والنار,,.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved