| الاقتصادية
يتصف سوق العمل السعودي بالعديد من الخصائص التي افرزتها سنوات الطفرة الاقتصادية وما تلاها من سنوات الركود الاقتصادي, ولعل من اهم هذه الخصائص انحسار فرص العمل المتاحة في القطاعين العام والخاص، سياسة الاستقدام المفتوح التي اتبعت منذ بداية الطفرة الاقتصادية مع بداية السبيعينيات ولا زالت سارية المفعول على الرغم من تبدل الواقع وتغير اتجاه المتغيرات الاقتصادية في اتجاه معاكس لهذه السياسة مما ساهم في زيادة عرض الايدي العاملة الاجنبية الوافدة من شتى بقاع الأرض بثقافات وخلفيات سلوكية وفكرية مختلفة ووفق اهداف محددة مسبقا تسعى لتحقيقها بغض النظر عن الوسيلة المتبعة خاصة في ظل انعدام الوعي الديني والفكري للغالبية العظمى منها, واذا اخذنا في الاعتبار زيادة العرض من الايدي العاملة السعودية الباحثة عن فرصة عمل مناسبة تستطيع من خلالها تأمين مستلزماتها الحياتية والاجتماعية فان سوق العمل السعودي قد اصبح يعاني من التصنيف الفئوي للايدي العاملة في سوق العمل السعودي,, فئة العمالة الاجنبية ذات الاجر المنخفض والخبرة العالية نسبيا وفئة الايدي العاملة السعودية ذات الاجر المرتفع والخبرة القليلة نسبيا, وهذا التصنيف يلقي باعبائه على شباب هذا الوطن الذي وجد نفسه وحيدا يصارع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية ويتنافس مع منافس شرس يملك مقومات السيطرة الفعلية ويتمتع بميزة نسبية تمكنه من تحقيق ذلك.
ونتج عن عجز الايدي العاملة السعودية عن منافسة الايدي العاملة الاجنبية بقاء بعض الايدي العاملة السعودية عاطلة عن العمل ومعرضة للانحراف الفكري والاجتماعي والاخلاقي والمسلكي مما يجعلها قابلة لارتكاب الجريمة متذرعة بوضعها الاقتصادي البائس وبفشل المجتمع في مساعدتها لتحقيق مستوى معيشي مناسب, كما ان التزاحم على فرص العمل المتاحة في سوق العمل السعودي قد ادى ايضا الى بقاء الكثير من العمالة الاجنبية عاطلة عن العمل خاصة في ظل سياسة الاستقدام غير المقننة وفي ظل انتشار ظاهرة التستر وتزايد اعداد اصحاب الاقامة غير النظامية مما ساهم في زيادة اعداد الجرائم المرتكبة وبخاصة من قبل الايدي العاملة الاجنبية, ولعل السبب في ذلك يعود الى عجز هذه العمالة عن تحقيق اهدافها بالطرق المشروعة مما دفع بها الى ارتكاب الجريمة بحثا عن المال ورغبة في تحقيق الاهداف في اسرع وقت ممكن, واذا اخذنا في الاعتبار التواجد المكثف لهذا النوع من العمالة وتمركزها في مناطق سكنية ذات تخطيط عشوائي فان من المتوقع ان تواجه الجهات الامنية مشاكل عدة عند الرغبة في التدخل الامني.
وبالتالي فان النقاش حول قضية توطين فرص العمل في القطاعين العام والخاص يجب ان يكون شاملا لجميع جوانب وابعاد هذه القضية حتى نستطيع ابراز التكلفة الحقيقية التي يتحملها المجتمع نظير هذا التواجد الاجنبي المكثف, وفي اعتقادي ان تسليط الضوء على البعد الامني لواقعنا العمالي سيكون كافيا لاقناعنا جميعا بضرورة التخفيف من وتقنين استقدام واستخدام العمالة الاجنبية.
استاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الامنية
|
|
|
|
|