| الثقافية
إن واقعنا الثقافي يدعو إلى الحيرة ويثير الشفقة في آن معاً,, فملامحنا ما زالت تغط في سبات عميق لا أظنها ستستيقظ منه قريباً,, ذلك أن هناك من لم يزل يمسك بقيادنا إلى حيث يشاء هو، لا إلى حيث نشاء نحن!!
وما ذلك إلا لأن الوعي الذي ندّعيه لم ينته بنا إلى فكرة واضحة عن كل ما يدور حولنا من أفكار متناقضة بالنسبة لنا على الأقل وآراء متعددة تظهر بين الحين والآخر ,ونحن وإن تقمّصنا دور الإدراك فإننا ما نلبث ان نهلل لتيار تنامى هنا، أو أن نجهز على تيار تراجع هناك، دون أن يكون لنا دور المساهمة الفعلية في هذا التنامي أو حتى ذاك التراجع !!
كل ما نستطيع فعله هو الانتصار للاتجاه الذي نسير على هداه أو هكذا يخيل إلينا مع معاداة جميع الاتجاهات الأخرى دون أدنى دراسة لماهية هذه الاتجاهات أو حتى ما سبب معاداتنا لها!!
وليت هذا الانتصار وتلك المعاداة يكونان على مستوى الفكرة، وإنما كل ذلك يتم على مستوى الأشخاص فقط والأشخاص التابعين بالذات الذين لا هُم يمثلون الاتجاه ولا هم يؤثرون فيه أصلاً!!
وتتم هذه المواجهات بين أنصار هذا الاتجاه وذاك وكأنها حرب النجوم,,ولا تصل في النهاية إلا إلى تجريح مقيت يطال كل جزء من حياة أولئك الأشخاص، ولا يتعرض لمضمون الفكرة ولو حتى بكلمة واحدة!
هكذا وللأسف: يساهم معظم مثقفينا و (مفكرينا) في تشتيت وعينا، فلا فكر واضح، ولا رؤية ثابتة,, وتنحصر كل اهتماماته في بروز اسمه وصورته فوق كل مقال وخلف كل كتاب,, وأنت إذا قرأت كل كتبه وتتبعت كل سطوره لن تجد إلا تبعية صارخة، وانتقاصاً حاداً للآخرين، أو قفزاً فوق وعي القارئ، الذي يمثل آخر اهتماماته بسخف باهت وإنشاء مكرر ولا جديد!!
ومن الملفت حقاً: أن بعض كتابنا وبمختلف انتماءاتهم الأدبية وحتى الفكرية، لا تنقصهم الجرأة إطلاقا في نقد الآخرين والانتقاص منهم بَيد أن هذه الجرأة تخذلهم كثيراً عند تقديم أي عمل إبداعي يدل على أن في الإناء ماء!!
وأنا هنا لا أتجاهل أحداً، ولكني أسأل وأؤكد على سؤالي: أين ملامح العمل الإبداعي في كل ما يكتب حالياً على مستوى الثقافة العربية برمتها,, اللهم إلا القليل النادر؟!!
أنا لست ناقماً ولا وصياً على أحد، وأعلم تماماً أنني لست أهلاً لذلك، ولكن,, أما آن لنا أن نبني صرحاً فكرياً متيناً تستطيع الأجيال من بعدنا الوثوق به والاستناد إليه دون توجس من خيبة أو خوف من سقوط!!
ولكم نتمنى أن نرقى إلى مستوى الفكر حقاً,, الفكر الذي ينبع من ثوابت أصيلة تخصنا نحن,, يتجذر فينا ونتداخل معه,, وبذلك يمكن أن نُخلَق من جديد.
محمد إبراهيم يعقوب
|
|
|
|
|