| مقـالات
حمد الجاسر هو أستاذ الأجيال فكراً وذكراً غفر الله له وأسكنه الجنة, مفكر ومؤرخ وعالم فرض محبته واحترامه بما كان فيه من سعة العلم والخلق وصدق التوجه والاتجاه, أخلص لعلمه ولم يتكسب به كما قال أخي وصديقي الأستاذ الدكتور ناصر بن سعد الرشيد, ولم يكن في اعماله محلي الطرح بل امتد من المحلية الى العالمية كما قال أستاذي الأستاذ الدكتور اسعد عبده, كان عالما لغويا مؤرخا نسابة وعلم شرع كما يرى اخي الاستاذ الدكتور عبدالرحمن العثيمين وأخي الاستاذ الدكتور عبدالله عسيلان, ولقد كان الرجل أمة في رجل كما وصفه الاستاذ الدكتور الوزير عبدالعزيز الخويطر, وأما سعيد أبي نزار فهو عسكري بطل وقائد مغوار من هذا الوطن: هو اللواء سعيد بن عبدالله الكردي الملي الذي استسلم للملك عبدالعزيز رحمه الله عند استلام الحجاز, وكان الرجل سعيد من ضباط الملك الشريف علي بن الحسين, ولأن الملك ابن سعود رجل يعرف قيمة الرجال فقد رحب بالكردي وغيره وضمهم الى ادارته وقال: اللي فيه خير ما يعدم الطيب, وعمل الرجل العسكري في مواقع متعددة مخلصا لله وزعيم البلاد ابن سعود, واختاره الملك عبدالعزيز ليكون قائدا للجيش السعودي في حرب فلسطين 1948م وكان قائدا شجاعا في مواطن الشجاعة لا التهور، حازما صارما شفوقا مقدرا مواقف الرجال, وبعد العودة من فلسطين كلف بمهمة كبيرة جال خلالها انحاء المملكة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا,, وأعد عنها تقريرا صدر على اثره أمر الملك عبدالعزيز رحمه الله بتعيين الزعيم العميد سعيد الكردي رئيسا لأركان حرب الجيش السعودي, فكان ثاني رئيس للأركان بعد محمد طارق الأفريقي, ولم أجد من كل من عرفته ممن عمل مع الرجل الا وهو مصدر ثناء وإعزاز ومحبة واحترام, ولقد أدى الرجل لبلاده خدمات جليلة كانت ولا تزال موضع التقدير والإشادة من قادة هذا الوطن, ولقد كان آخر عمل له مدير الاستخبارات العامة حتى تقاعده ثم وفاته رحمه الله, لقد كنت طفلا حين وفاته رحمه الله واذكر علاقة والدي رحمه الله به كأحد الضباط المشاركين في حرب فلسطين تحت قيادته ثم صديقا وفيا, لكن العلاقة الاكبر هي علاقة والد زوجتي فقد كان جنديا مرافقا في الحرب وبعد الحرب حتى تحولت العلاقة الى صداقة وبنوة حانية ومساكنة في بيت واحد وكأن محمد بن عبود الاسمري أخ لنزار بن سعيد, وعندما مات الكردي كان الابنان الأخوان في الله معه في نفس المنزل وتفرقت بهما السبل وبقي الوداد حتى مات محمد وبقي العمر المديد في طاعة الله ان شاء الله لنزار, والعلاقة بين سعيد الكردي وحمد الجاسر عليهما رحمة الله علاقة عجيبة!! فهذا مفكر عالم وصحافي جسور في طرح قضايا فكرية ووطنية وقومية في غاية الأهمية, وهذا مدير المخابرات, وكيف يستقيم حال العلاقة مع اختلاف المهنية الوظيفية, لقد وجدت حمد الجاسر الذي أحبه في الله وأغليه كما والدي ذات يوم قبل وفاته بأشهر يبحث عن من يعرف ابن سعيد الكردي, وقال انه يريد ان يعرفه ان والده من خيرة رجال هذا الوطن وانه قد قدم خدمات جليلة وكانت له مساهمات فكرية رائدة بمقالاته وطروحاته في صحيفة اليمامة، ويتمنى ان يكتب عنه وفاءً ومحبة واحتراما, وكيف كان منزله في الملز بالرياض ملتقى فكريا ومكان مسامرات أدبية, وذكر الشيخ الجاسر قصة إحدى المسامرات وشهود سماع هذه القصة في ضحوية الجاسر احياء يرزقون وانه بعد نهايتها وعندما وصل الجاسر الى منزله واذا بطارق لمنزله يبلغه ان احد الشعراء قد اعتقل بسبب قصيدة قالها، وعندها لم يك بد من العودة الى منزل الكردي في وقت متأخر وطرق الجاسر الباب وابلغ ان اللواء قد نام ومن خلال محاولة إقناع ومحاورات لمدبر ومدير اعمال ومنزل اللواء والمرافق الشخصي محمد بن عبود الاسمري وإلحاح الشيخ الجاسر استيقظ اللواء وقابل حمدا بثياب النوم, واستنجد حمد الجاسر بأبي نزار وعاد حمد الى منزله ولم يطلع الفجر الا وقد افرج عن الشاعر المعتقل, وكان لي شرف جمع حمد الجاسر رحمه الله في منزله دارة العرب بالمهندس نزار بن سعيد الكردي حين نقلت رغبة الشيخ الى نزار الذي فرح بهذا وامتن كثيرا لوفاء الشيخ لوالده وانه يذكر صداقتهما بكل الخير, وأفصح الشيخ للمهندس ما يكنه من محبة وتقدير لوالده وما هو له من اهل للنبل والشهامة, ولقد فرح الرجلان باللقاء وكانت سعادتهما كبيرة لا اعتقدها اقل من فرحي وسعادتي,
وقد كان هدف الشيخ رحمه الله ان يكتب عن الكردي رحمه الله ليعرف بما كان له من الشيم والشهامة والرجولة, وان منصبه الأمني لم يكن له أذى لأحد, وأعتقد ان الشيخ غفر الله له ربما قد كتب شيئا أو أن الوقت قبل وفاته لم يسعفه, ولعل ابنه معن يجد شيئا ان كان قد كتب وإلا انني احمد الله ان أكون بكتابتي هذه قد حققت رغبته في إشاعة هذا الذكر الجميل لكلا الرجلين غفر الله لهما, وفي يقيني ان ابني الراحلين لهما من الشيمة والوفاء ما يمكن ان يعملاه بالرجوع الى أعداد صحيفة اليمامة في الستينات والسبعينات الهجرية واخراج ما كتبه الكردي من مقالات ومساجلات قوية الطرح والفكر, ولعل الدعوة لأحباب الراحلين في إمداد مجلة العرب بما يعرفونه من علاقة الرجلين حتى تتحقق امنية حمد الجاسر في الوفاء لرجل كبير في قامة سعيد الكردي، ولعل الطلب مني الى الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات العامة ان يسهم في الأمر من خلال ما قد يتوفر من معلومات وأوراق شخصية للكردي رحمه الله من المقالات أو غيرها مما له علاقة بتاريخ الوطن، وأخي الأمير تركي من النابهين في هذا الوطن.
|
|
|
|
|