| عزيزتـي الجزيرة
لسبب ما كنت أتصور أن مسؤول تحرير أية مجلة أو نشرة أقرب الى الحرص على التعامل مع الحقيقة والواقع لأنه الملوم دائما، والمشجب الذي تعلق على كاهله الأخطاء المحسوبة وغير المحسوبة,, وتوجه إليه وحده كل التهم، وتشير إليه كل الأصابع، لكن ما فاجأتنا به مديرة تحرير مجلة البنات في مقالها المنشور في جريدة الجزيرة يوم الاثنين 3 من شعبان 1421ه العدد 10259 تعقيبا على ما نشرته في نفس الصحيفة يوم الأربعاء الموافق 28 من رجب 1421ه نقض ما كنت أتصوره، فقد ابتسرت الحقائق، واكتفت بما يسهل عليها التنصل من المسؤولية.
فبينما كنت أتهم أعدادا كثيرة من مجلة البنات وأشير إليها برقم العدد والصفحة وذلك حينما تصفحتها فوجدت العديد من القصص المصورة والرسوم الكاريكاتيرية التي سبق أن نشرت في مجلة الشبل تصافحني مرة أخرى على صفحات تلك المجلة وإذا بها تختزل الموضوع وتزعم أنني أنشر مقالا أتهم فيه ملحق رياض الطفولة التابع لمجلة البنات,, وحتى تغيِّب الحقيقة عن فهم القارىء أشارت الى أنني أصف مجلة البنات بأنها تنشر الاعلانات التجارية التي تدعو الى الاستهلاك, وأمرر ما يشكك في مصداقية مجلة البنات.
والسؤال المطروح بحدة: هل إعادة نشر ما سبق نشره في مجلة أخرى دون الاشارة الى المصدر، من الالتزام بمواثيق النشر وأدبيات المهنة؟ وهل الاعلان عن أدوات الزينة والتجميل، مما أوردتُ نماذج منه، تجيزه معايير التربية مهما كانت تلك المعايير؟!.
أما القول بأن الرسومات المنقولة من مجلة الشبل من تأليف الرسام المعروف عبدالعزيز تاعب!! الذي كان يعمل محررا متعاونا في مجلة الشبل، وتعاقدت معه مجلة البنات قبل نحو ثمانية اشهر,, فمع أنه اعتراف صحيح بحقيقة الأمر لكنه لن يبرر ما ساقته وأنها لم تكشف أن ما قدم لها مادة مسروقة، ومن ثم هاتفت عبدالعزيز تاعب وأفادها عبر الهاتف بأن ما يرسمه مصدره التراث, أما الرسومات فحق خاص بالمؤلف، وان من حق الأطفال أن يطلعوا على تلك الرسومات، وأن صاحب مجلة الشبل كان يعلم بأمر تعاونه مع مجلة البنات,, ان أسوأ ما يقترفه مدّعي أدب الحوار أن يتحول الى منظِّر وقاضٍ وخصم في الوقت نفسه، وإلا فما معنى أنها تختلف مع هذا الرسام في مسألة اعادة نشر ما سبق نشره بدون موافقة، وتقديم للمواد على أنها جديدة,, ونسيت الأخت في خضم هذا الاعتراف الجيد أنه ما دام الأمر كذلك فإن عليها أن تأخذ للأمر حيطته وأن تشترط على من تتعامل معه بألا يكون ما يقدمه من عمل قد سبق نشره، ثم إن عبدالعزيز تاعب ليس كما تود أن تصوره لنا مديرة التحرير، أو كما صُوّر لها بأنه رسام معروف متعاون مع مجلة الشبل! وإنما الحقيقة أنه كان مخرجا وهاويا للرسم فقط، وقد أُعجبت برسومه التي قدم لي نماذج منها عندما كان يعمل في مجلة الحرس الوطني بالرياض، وسُمح له آنذاك أن يتعاون معي فجعلت أحرر له ما أحتاجه من معلومات تراثية واجتماعية تكون في متناول فهم الصغار بطريقته الخاصة بتحويلها الى سيناريو ثم يرسمها,, وذلك في أوائل إنشاء مجلة الشبل عام 1402ه، ولم يُعرف وقتها أن المذكور رسام ولا كاتب، وإنما كان مخرجا فنيا للصفحات ثم انه ليس الرسام العربي الوحيد الذي يعمل في مجلة الشبل كما يدِّعي أو كما زعم لمن تحدث معه، حتى يبقى على صلته بمجلة البنات، بل كان هناك عدد من مشاهير الرسامين الذين تعاملت وتتعامل معهم مجلة الشبل منذ انشائها قبل تسعة عشر عاما وحتى اليوم,, من بينهم جلال عمران، شوقي متولي من مصر ومعاوية فرزات رسام أصيل في مقر المجلة ، وكمال برشومي رسام أصيل في مقر المجلة ,, وقحطان طلاع من سوريا وسحر محمود ونجلاء محمود طبيبة في المستشفى التخصصي ، ولجين الأصيل، وهيفاء زهراء، ومشاهير كثر يعرفهم من تتبع مجلة الشبل في أعوامها التسعة عشرة,, مما يدل على كذب هذا الرسام الذي زعم أن مجلة الشبل كانت تتعامل فقط مع رسامين فلبينيين قبله، وأنه كان محررا متعاونا في مجلة الشبل في الماضي.
وللحقيقة فعندما فوجئت بقصص مجلة الشبل تنشر في مجلة البنات تحدثت مع المذكور هاتفيا لأستفسر منه، ولما علمت وبّخته وأنكرت عليه عمله المشين، مما جعله يبادر بإرسال خطاب بخط يده أنشره ضمن هذا المقال ويشير فيه الى إرفاق قصص لشهر رمضان المبارك القادم أعدها للمجلة مما يدل على أنه وحتى هذه اللحظة لا يزال متعاونا مع مجلة الشبل وهذا يدحض ما نسب إليه من حديث.
أما محاولة مديرة تحرير مجلة البنات تحويل الحديث عن مسوغات نقل مادة من مجلة الشبل دون حق الى بحث الاعلانات التجارية وتجييره على مضض، مع تنبيهي الى ذكر اسم الله حتى لا أصيب مجلة البنات بالعين وأن مجلة البنات قادرة على استقطاب أكبر شريحة من القراء للإعلان فيها فقول فيه الكثير من المبالغة والاستخفاف بفهم القارىء.
والسؤال الذي أود أن تجيب عليه مديرة التحرير بأمانة: هل المعلن يذهب مباشرة لمجلة البنات لكي يستميت في نشر إعلانه فيها؟! أم أن دور تلك المطبوعة هو دور الذي يحتسب الأجر على الله؟!,, وسؤال آخر بسيط,, من الذي يدفع أجور طبع تلك الاعلانات بما فيها مادة المجلة؟,, الرئاسة العامة لتعليم البنات أم الشركة المعلنة؟ وطبعا ستقولين: وهذا دليل على نجاح المجلة وأنها تطبع مجانا، ولا نجاح بعد هذا.
لكن الإعلاميين المخضرمين والحداثيين لا يرون في هذه الصيغة إلا عملا ينبغي الحذر منه ويرون أن الفرق شاسع بين مجلة تصدر لتكون موصلا سهلا للإعلان المضلل، وأخرى تضع في أولوياتها الاهتمام بتربية النشء تربية قويمة بعيدة عما يثير شهوة الابتياع.
ومن هنا فلا وجه للاستغراب بأن يرد ذكر وكالة الاعلانات التي تنشر هذه المجلة وتولها,, وإلا فما معنى كلمة الناشر التي تتصدر واجهة المجلة في كل عدد من أعدادها, ثم أليس من مهمة هذه الوكالة المتخصصة النشر الصحفي والانتاج الثقافي والاعلاني؟
أما سعادتي بمنافسة مجلة للبنات تكون رصيفة لمجلة الشبل فأمر طالما تمنيته إلا أن تلك الأمنية لم تشمل أن أبحث في صفحاتها فأجدها صورة أو على الأقل جزءا منها صورة طبق الأصل من مجلتي قبل عشر سنوات,, كما أنني لا أشك أن الرئاسة العامة لتعليم البنات حريصة كل الحرص على القيام بمسؤوليتها تجاه كل وسائل تثقيف فلذات أكبادنا أيا كان مصدرها، لذلك لم أنس أن أشير فيما كتبت بأنني أترك هذا المجال وما يتعلق بنشر الاعلانات التجارية التي تدعو الى هوس الاستهلاك ومدى ما يترتب عليه من تأثير نفسي وسلوكي على الأطفال والمراهقين لمن هم أكثر اختصاصا ومسؤولية.
ثم لِمَ كل هذه الحماسة المستفزة للدفاع عن مشروعية الاعلان المضلل بكل أساليبه والاستشهاد بالاعلاميين والمعلنين؟! نعم المعلنين!! عن أهميته، دونما اشارة ولو من بعيد عما قصدته تحديدا، وهو ذلك الاعلان الترويجي البالغ السلبية والقائم أساسا على المبالغة والتضخيم، مما أشرت الى نماذج منه في مجلة البنات، ولم أتعرض مطلقا للإعلانات الاعلامية التي هي مجرد أخبار أو كشف عن مجهول دعت إليه الضرورة,, وعلى الرغم مما قلته فقد انتهجت صاحبة المقال سياسة قلب الطاولة كما يقولون بهدف صرف نظر القارىء عن الأساس الذي من أجله أنكرتُ أحقية مجلة البنات في استعارة ما يحلو لها من مادة معلوماتية من مجلة الشبل ونقلها الى مجلة البنات، مما يتنافى مع أخلاقيات النشر وأساليب المهنة,, ومع هذا وذاك,, فلا أزال أكرر بأن من الخطأ الفادح أن تحمل أوعية العلم والثقافة والتربية سوءة الاعلانات الفجة المضللة ارضاءً للمنتج مقابل ما يدفعه من ثمن، والتي من شأنها أن تغري الموسرين بالاغراق في الكماليات وتحويلها بالممارسة في حياة المجتمع الى ضرورات، كما يترتب على نشرها أن غير الميسورين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط تتيح لهم تلك الصفحات الغصة وضيق الصدر أمام أسرهم وأطفالهم كلما رأوها محمولة بين يدي أطفالهم,إن الإعلان الذي قبلت الحديث عنه، هو الاعلان المضلل المروج ذي الأثر السلبي على العادات التي ظلت العائلة السعودية تحافظ عليها لمئات من السنين، ولعل أخطر تلك السلبيات هو ما يمس الحياة العائلية وتقاليدها الاجتماعية التي دأبت أن تسمح بالعلاج الفوري لكل المشكلات بمجرد ظهورها دون أن تتراكم أو تظل حبيسة في صدور أصحابها.
عبدالرحمن الرويشد
|
|
|
|
|