| الاقتصادية
من القضايا التي هي على قدر كبير من الأهمية لكنها قد لا تعطى قدرا موازيا من الاهتمام قضية درجة اللا مساواة أو التفاوت في الأجور الحقيقية بين العمال المهرة وغير المهرة ومقدار التغير فيها وذلك لما لها من آثار اقتصادية واجتماعية لا يمكن تجاوزها بسهولة, والتفاوت في الأجور الحقيقية قد يحدث بسبب أن أجور كل فئة قد تزداد ولكن الزيادة النسبية في أجور العمال المهرة أعلى منها بالنسبة للعمال غير المهرة، وقد تحدث اللامساواة بسبب ان أجور الفئة الأولى تزداد او تبقى ثابتة بينما أجور الفئة الثانية تتناقص، وكلا الأمرين ينطويان على آثار سلبية عديدة وإن كان الأول أخف ضررا إلا ان ذلك لا يعني ان المشكلة ليست موجودة، فالتفاوت الشديد في الدخول يخل بشكل كبير بالاستقرار الاجتماعي الذي يعيشه المجتمع، إضافة إلى ان الاحساس بالغنى او الفقر هو أمر نسبي، فالذي دخله ألف ريال شهريا يشعر بأنه من أصحاب الدخول المتدنية عندما يعيش في مجتمع متوسط دخله الشهري خمسة آلاف ريال، ولا يشعر بذلك عندما يكون في مجتمع متوسط الدخل الشهري فيه تقريبا قريبا من الألف ريال.
وبناء على هذه فإن اتساع الهوة بين دخول أفراد المجتمع حتى ولو كانت متزايدة تؤدي إلى تنامي الاحساس بالفقر وعدم العدالة، ولذا فإنه لا يعد كافيا للتخفيف من حدة الفقر النسبي مجرد توفير فرص العمل ووضع حد أدنى للأجور، بل لا بد من العمل على ايجاد آلية ووسائل تساعد على تقليص الفجوة بين أجور الشرائح المختلفة من العمال، ويصبح موضوع التفاوت في الأجور أكثر أهمية في الدول النامية التي تسعى إلى توفير فرص العمل لكافة الراغبين فيه من مواطنيها وبخاصة أولئك الذين لا يحملون تأهيلا عاليا ذلك أن تزايد التفاوت في الدخول الحقيقية يقلل من الإقبال على الأعمال ذات المهارات المتدنية ويزيد الاقبال على التعليم الجامعي وما بعده لاسهامه في زيادة احتمال الحصول على عمل يحقق دخلا حقيقيا أعلى حتى وإن كانت هذه النوعية من الأعمال متاحة وموجودة, ولو بحثنا عن أسباب هذه المشكلة لوجدنا الدراسات في هذا المجال تشير إلى مجموعة من العوامل أبرزها التقدم التقني المستمر والمتسارع والتوسع في استخدام الأساليب الإنتاجية الحديثة وأجهزة الحاسب الأمر الذي من شأنه خفض الطلب على العمالة ذات المهارات المتدنية وابقاء اجورها عند مستويات متدنية، يضاف إلى ما ذكر من عوامل التوسع في استيراد السلع والمنتجات التي تستخدم العمالة غير الماهرة في إنتاجها بدرجة كبيرة مما يؤثر سلبا على دخول هذه الفئة من العمال محليا, والنقطة الأخيرة مهمة جدا إذا اخذت من منظور أشمل وهو مدى تأثير التجارة الدولية الأكثر حرية على سوق العمل المحلي وعلى الطلب على العمالة المحلية والعرض منها وعلى مستويات الأجور في القطاعات الاقتصادية المختلفة,
إذ انه من المتوقع ان تؤثر التجارة الدولية الأكثر حرية على هذه الجوانب وجوانب اخرى بطرق مختلفة، فعلى سبيل المثال يتوقع أن تؤثر في الطلب على العمل في القطاعات التي تنتج لغرض التصدير بكيفية مختلفة عن تأثيرها ويترتب على ذلك انماط الطلب على العمل ونوعيات المهارات المطلوبة وهيكل الأجور السائدة في القطاعات الاقتصادية.
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود
|
|
|
|
|