أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 6th November,2000العدد:10266الطبعةالاولـيالأثنين 10 ,شعبان 1421

مقـالات

قراءة في كتاب
تاريخ قبيلة العجمان: دراسة وثائقية( 4 )
د, عبدالله الصالح العثيمين
لم تتجاوز الحلقتان الثانية والثالثة من هذه القراءة الفصل الثاني من الكتاب، وعنوانه حلول العجمان في نجد وعلاقتهم بالدولة السعودية الأولى , ولعل السبب في عدم التجاوز هذا ان الفصل الثاني في نظر كاتب هذه السطور أكثر من غيره اشتمالا على ما ينبغي أن يعاد النظر فيه ليكون أكثر دقة وتمحيصا, ولهذا، أيضا، ستستمر هذه القراءة في التعليق على بقية ما ورد في الفصل المذكور.
رجع في الكتاب ص 134، ه 1 في ذكر تاريخ دخول منطقة الاحساء تحت حكم الدولة السعودية الأولى الى كتاب المؤلف البريطاني لونجرج أربعة قرون من تاريخ العراق, ولو فرض ان هذا المؤلف قد ذكر ذلك التاريخ فانه كاتب بعيد عن الحادثة ذاتها، زمناً وانتماء الى أهل المنطقة التي وقعت فيها تلك الحادثة, وكان الأجدر أن يرجع الى أول مصدر تاريخي مكتوب للدولة السعودية، وهو تاريخ ابن غنام، الذي كان مؤلفه من الاحساء نفسها وممن عاش ودرّس في الدرعية, فقد ذكر الحادثة بالتفصيل, وذكرها، أيضا، ابن بشر النجدي الذي تعلم في الدرعية.
قيل 34 :
واشترك العجمان في صد ثويني عام 1211ه فبعد انتصار جيش الدرعية في الاحساء ومكة وصحة التعبير: وعلى جيش مكة لأن السعوديين حينذاك لم يصلوا مكة ذاتها غضبت الدولة العثمانية وأرادت فتح جبهة أخرى ضد الدرعية، وأخرجت ثويني من معتقله وولته امارة المنتفق، وعهدت اليه بتجهيز حملة على نجد, حينئذ أمر سعود تعبئة جميع جيوش الأقاليم تعبئة عامة ليواجه التهديد الجديد، وعين محمد بن معيقل قائداً عاماً لهذا الجيش، ثم أمر الامام عبدالعزيز من دخل في طاعته من البوادي وهو مطير وسبيع والعجمان والسهول ان يسيروا بأموالهم وأولادهم وينزلوا على المياه التي بين الكويت والاحساء ويكونوا في وجه العدو, ثم دارت بعض المعارك, وسميت هذه الواقعة سبحة، ثم نزل سعود شمال الاحساء بعد أن قسم الغنائم .
أما اشتراك العجمان مع بقية أتباع الدولة السعودية الأولى من حاضرة وبادية فأمر لا غبار على صحته, ولكن الكلام الوارد في كتاب تاريخ قبيلة العجمان فيه من عدم الدقة ما فيه.
أ أشير في الهامش الى انه قد اعتمد في الحديث عن اعادة تولية ثويني الى رئاسة المنتفق والعهد اليه بتجهيز الحملة المذكورة على كتاب حسين خزعل حياة الشيخ محمد بن عبدالوهاب, وكان من الأجدر الاعتماد على ابن غنام المعاصر للحادثة، الذي تحدث عنها بالتفصيل في عشر صفحات، أو الى ابن بشر الذي رصد أحداثها في تسع صفحات.
ب قيل ان سعود بن عبدالعزيز أمر بتعبئة جميع جيوش الأقاليم تعبئة عامة, والصحيح ان الذي أمر بالتعبئة العامة ان استعمل هذا التعبير هو عبدالعزيز بن محمد نفسه، وقد نص على هذا كل من ابن غنام وابن بشر.
ج قيل: ان سعوداً عين محمد بن معيقل قائداً عاماً للجيش السعودي, وأشير في الهامش الى انه اعتمد في ذلك على فيلبي, والذي يفهم من كلام ابن غنام هو ان القائد العام كان سعود بن عبدالعزيز نفسه، وان سعوداً أرسل فريقا من جيشه تحت امرة محمد بن معيقل لينزلوا أطراف الصمان وكأنهم طليعة دفاعية, ثم نزل سعود نفسه بمن معه الحفر، وأرسل حسن بن مشاري آل سعود مع فرقة من الجيش الى وادي القرايا.
أما ابن بشر فقال: ان ابن معيقل بعد أن أرسله سعود سار بمن معه ونزلوا قرية الماء المعروف في الطف من ديرة بني خالد ، وان عبدالعزيز بن محمد أمر على العربان من مطير وسبيع والعجمان وقحطان والسهول وغيرهم من عربان نجد يحشدون بأهاليهم وأموالهم ويقصدون ديرة بن خالد ويتفرقون في أموالهم ويثبتون في وجوه هؤلاء الجنود، فحشدوا واجتمعوا فيها, ثم حشد سعود من الدرعية بشوكة من المسلمين, وسار بأهل العارض واستلحق غزو جميع البلدان، ونزل روضة التنهات، ثم الحفر,, وكان سعود قد أرسل جيشا من الحضر مع حسن بن مشاري، واستعمله أميراً على الجنود الذين مع ابن معيقل.
د قيل: أمر عبدالعزيز من دخل في طاعته من البوادي وهم مطير وسبيع والعجمان والسهول أن يسيروا بأموالهم وأولادهم وينزلوا على المياه التي بين الكويت والاحساء,.
هذه العبارة غير دقيقة لأنه قد يفهم منها أن البوادي التي كانت حينذاك في طاعة عبدالعزيز بن محمد هي القبائل الأربع المذكورة فقط, وهذا غير صحيح, ثم ان هناك قبائل أخرى غير هذه الأربع قد اشتركت في التجهز لصد الحملة, فقد نص ابن بشر على أن قبيلة قحطان وغيرها من عربان نجد كانوا بالاضافة الى القبائل الأربع المذكورة قد اشتركوا في التجهز, وقد نص ابن بشر، أيضا، على أن تلك الفئات القبلية قد أمرت أن تنزل ديرة بني خالد وتتفرق في أمواهها , وهو بذلك سمى الأمور بأسمائها المعروفة حينذاك، ولم يقل المياه التي بين الكويت والاحساء , ومن الواضح انه قد حدث خطأ مطبعي، اذ قيل: سميت هذه الواقعة سبحة , فالصحيح انها سميت سحبة ، أي انسحاب.
قيل ص 34 :
يتضح من ذلك أن طلائع العجمان وصلت منطقة الاحساء منذ اشتراكهم مع عبدالله بن معيقل في فتح الاحساء عام 1208ه، ثم اشتراكهم مع الجيش السعودي ضد الحملة التركية التي قادها ثويني عام 1211ه, وبعد هذه الفترة أخذ العجمان يتطلعون الى الاستقرار في هذه المنطقة .
ومما يؤخذ على الكلام السابق ما يأتي:
أ أن سعود بن عبدالعزيز نفسه هو الذي قاد الجيوش، ودخل الاحساء عام 1207ه، ووضع فيها معلمين وسرية من أتباعه, لكن لما غادر المنطقة قام بعض سكان الاحساء مع زيد بن عريعر، وقتلوا أولئك المعلمين، واضطر رجال السرية الى مغادرة البلدة, وفي العام التالي قاد سعود نفسه، أيضاً، القوات السعودية، وحاصر بلدان المنطقة حصاراً شديداً، فشفع لأهلها الزعيم الخالدي، براك بن عبدالمحسن، راجيا منه أن يرحل عنهم ومؤكداً له أنه ان فعل ذلك فإنهم سيبايعون قادة آل سعود من جديد, فرحل سعود الى الدرعية, ثم دخل براك الاحساء فيما بعد مفوضاً من أولئك القادة وأميراً لهم عليها, ولم يورد المصدران المهمان في تسجيل حوادث تلك الفترة، وهما ابن غنام وابن بشر، أي ذكر لقيادة ابن معيقل، أو نص على أسماء القبائل التي اشتركت مع سعود في حملتيه.
ب ان اشتراك العجمان مع القوات السعودية في الهجوم على منطقة الاحساء وهو الاشتراك المرجح حدوثه وان لم ينص عليه ابن غنام وابن بشر لا يصلح أن يكون تاريخاً لبداية وصولهم الى تلك المنطقة, فالاشتراك في حملة موجهة الى أي منطقة أمر مختلف عن مسألة الاستقرار فيها.
وبعد ذلك استمر الحديث في الكتاب الذي تتناوله هذه القراءة عما قام به العجمان بقية عهد الدولة السعودية الأولى، وان كان هذا الحديث غير مرتب العرض, فقد أورد قيامهم بأدوار من سنة 1226ه الى سنة 1231ه في مواجهة قوات حاكم مصر العثماني، محمد علي باشا، قبل أن يورد قيامهم بأدوار في منطقة جازان بين عامي 1215ه و1220ه.
قيل ص 35 :
ان العجمان أبلوا بلاء حسناً في معركة وادي الصفراء, وأشير في الهامش الى انه قد اعتمد في هذا القول على سادلير، ص 211 , ومن المرجح أن العجمان قد أبلوا بلاء حسناً في تلك المعركة، لكن من يرجع الى كتاب سادلير، الذي أشير الى انه قد اعتمد عليه، يجد أن من ذكر بلاءهم فيها لم يكن سادلير، وانما الأستاذ الصديق سعود الحمران العجمي، الذي علق على كتاب سادلير, والدقة العلمية تقضي بأن يسند القول الى قائله.
وقد أتى الحديث في هذا الفصل عما قام به العجمان في منطقة جازان مفصلا وان اشتمل على ما يحتاج الى توثيق، وبخاصة ما يتصل بعلاقة الشريف حمود بامام اليمن, ثم ختم الفصل الثاني بذكر بداية وصول العجمان الى منطقة الاحساء واستقرارهم فيها, على ان مما يلفت النظر في عدم التقيد في هذا الفصل بالحديث عما يفهم من عنوانه، وهو علاقة العجمان بالدولة السعودية الأولى, فقد ذكر فيه حديث موجز عن معركة الرضيمة سنة 1238ه، وهي معركة حدثت بعد نهاية تلك الدولة بخمس سنوات, ويعتمد الحديث الموجز عن المعركة المذكورة في هذا الفصل على ما قاله عنها الشيخ عبدالله الدامر، أحد نبلاء العجمان, وقد ذكر ان تلك المعركة كانت أساساً بين بني خالد والعجمان، وان هاتين القبيلتين كانتا قطبي الرحمى فيها، وفي ايجاز الشيخ عبدالله لها معلومات جديرة بالتأمل.
على ان كلاً من ابن بشر والفاخري، وهما مؤرخان محليان معاصران لتلك الحادثة، قد ذكر بأن معركة الرضيمة كانت بين فيصل الدويش، زعيم مطير، ومن تحالف معه من العجمان وغيرهم وبين زعيمي بني خالد، محمد بن عريعر وأخيه ماجد، ومن تحالف معهما من عنزة وغيرها, وقد ذكر هذا، أيضاً، المؤخى الاحسائي محمد آل عبدالقادر، ولعله اعتمد على المصدرين الأخيرين, وترجيح رواية الشيخ عبدالله الدامر العجمي أو رواية ابن بشر والفاخري المعاصرين للحادثة، ومن اعتمد عليهما فيما يبدو، أمر يحتاج الى مزيد من التدقيق, على انه ينبغي أن يؤخذ في الحسبان بأنه كان هناك تنافس، في تلك الفترة، بين والي مصر ووالي العراق، وان علاقة الدويش بالأول كانت وطيدة، وعلاقة زعيمي بني خالد بالثاني كانت جيدة.
ولقد وصفت معركة الرضيمة في هامش الكتاب الذي تتناوله القراءة ص 45 بأنها كانت نصراً حاسماً للعجمان وهزيمة ساحقة لبني خالد.
وقيل ص 51 : إن بني خالد كانوا، في عام 1244ه، ما يزالون يعانون من تلك الهزيمة، فأراد الامام تركي بن عبدالله أن يجهز عليهم قبل أن تلتئم جراحهم.
والمتتبع للمصادر يخرج بانطباع مضمونه ان عدد القتلى في معركة الرضيمة لم يكن كبيرا, فالفاخري اكتفى بقوله: فكانت على بني خالد وأتباعهم وانكسروا , ولم يشر الى قتلى كثيرين أو قليلين, وابن بشر قال: وقتل عدة قتلى من الفريقين، قتل من عنزة مغيليث بن هذال، وقتل من مطير حباب بن قحيصان رئيس البرزان جليس سعود بن عبدالعزيز, وابن سند ذكر في مطالع السعود ص 230 مقتل مغيليث وحباب، كما ذكر مقتل دجين بن ماجد بن عريعر, وكلام هذه المصادر الثلاثة، التي كان مؤلفوها معاصرين للحادثة، ليس فيه ما يرجح بأن القتلى كانوا كثيرين، وانما كسب المنتصرون غنائم كثيرة.
ومن الواضح ان زعماء بني خالد بدؤوا يضعفون بعد سنة 1240ه ليس لأنهم هزموا هم وحلفاؤهم في معركة الرضيمة قبل ذلك بسنتين، بل لأن أقاليم نجد كلها، اضافة الى معظم باديتها، قد أصبحت تحت حكم الامام تركي بن عبدالله، الذي كان الزعماء الخالديون ضده حينذاك، بل ان جهات مما أصبح الآن دولة الامارات العربية المتحدة قد دخلت طوعاً تحت حكم تركي بن عبدالله سنة 1244ه, وبالاضافة الى ذلك العامل الأهم فان زعماء بني خالد كانوا يواجهون قوة رحمة بن جابر على ساحل المنطقة التي كانوا يحكمونها, وكانت قوة رحمة قوة لا يستهان بها.

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved