| وَرّاق الجزيرة
أفرح كثيراً وأقدر كثيراً في الوقت نفسه حينما أجد بعض الأسماء الكبيرة في ميدان التأليف والتصنيف وتحقيق التراث يشكر في مقدمة كتاب عددا من الأشخاص الذين راجعوا كتابه قبل نشره وأبدوا بعض الملحوظات التي كان لها أثر في بعض ما ذهب إليه في عمله العلمي هذا؛ وسبب هذه السعادة أنهم ساروا على جادة وطريقة علمية كان يسير عليها كبار المصنفين قديما وحديثا وهي عرض الكتاب بكل ما فيه من أفكار ومواد على بعض المهتمين والمختصين ليعرف ما عندهم من أوجه التصويب والنقد قبل نشر هذا الكتاب على عموم القراء وهناك يصبح تصويب الخطأ فيه من الصعوبة الشيء الكثير لأن التراجع عن وهم أو خطأ في كتاب لا يقارن بحال من الأحوال بتصحيح خطأ ورد في مقال صحفي كما لا يخفى.
ومع الأسف حينما نرى هذه الظاهرة عند بعض الكتّاب الكبار، وهم أقل احتياجا من غيرهم إليها؛ نجد أن بعض الشباب من المبتدئين بالتصنيف والتحقيق يسارع بنشر بضاعته على القراء قبل أن يستشير من سبقه في هذا المجال؛ فيكون هنا الخطأ بل عدة أخطاء؛ ومنها: انه نشر كتابا لم تستوف مادته العملية؛ وأنه يصعب عليه في هذه السن وهذه الفترة العلمية وبخاصة انه في بدء حياته العلمية أن يتراجع عن خطأ كما تصور له نفسه؛ ومن ثم يبدأ يجادل عن هذا الموضوع؛ وكان بالإمكان ان يبتعد عن هذا كله بعرضه على غيره ويقدم له بعض المقترحات.
والعرض على الآخرين بطرق عديدة أجملها فيما يلي:
1, عرض الفكرة على الآخرين مكتوبة أو مشافهة.
2, عرض الكتاب بكامله على من يثق بعلمه.
3, ومن أفضل الطرق عرض فصول أو أبواب منه على شكل مقالات في الصحف والمجلات ليعرف رأي المجتمع بجميع توجهاته العلمية فيما كتب.
وعلى كل الأحوال أدب العرض على الآخرين سار عليه علماء كبار قديما وحديثا في كتب من أكثر الكتب رواجا في تاريخنا؛ ومن أكبر وأشهر المصنفين في أوقات شهرتهم ولم تمنعهم كل هذه الأمور من أن يتقدم أحدهم لغيره ممن يثق في علمه ودقة فهمه ان يقول له وبكل تواضع: يهمني أن أعرف رأيك في كتابي قبل نشره.
وقديما قيل ما خاب من استخار ولا ندم من استشار فالفرصة موجودة لكل باحث وكاتب قبل ساعة الندم.
وقبل أن يلقي القلم عصا التسيار في هذا الموضوع لا مانع من ان يؤكد صاحب الكتاب على من يطلب رأيه أن يكون خبر هذا الكتاب خاصا فيما بينهما حتى يخرج الكتاب إن كان المؤلف أو المحقق يرى أن العائق الأكبر في عدم عرضه كتابه على الآخرين هو خشيته من تسرب معلومات الكتاب إلى الآخرين.
|
|
|
|
|