لقاء/ سنين,, سنين,, هالصوت الجارح الزاجر,, يصيح بي وينك,, قطفت بساتينك,, وابلك خذوها القوم,.
أفز وفي أنفي,,عجاجة الغارة! وأصحى وفي كفي,, ساعة ونظارة!! |
الشعر اندماج عاطفي بالجغرافيا وارتباط عقلي بالتاريخ، وهو كذلك قراءة متأملة في الكون والأشياء.
وبدر بن عبدالمحسن شاعر المدهش من الأماكن والأزمنة، يعيد صياغة علاقاتنا بها واندماجنا فيها.
بدر شاعر المدهش من الأماكن,, يمنحها النكهة الطرية,,
يضيء دروبها ويرتب مواعيد أحبتها!! فهو الذي اوحى لجدة ان تسقي البحر من عذوبتها، وأفاد عشاق الرياض أنها رقيقة لدرجة ان باستطاعتهم اخذها بيدها للتمشي معهم قليلا!! وحينما,, أضاء الكويت كشف لنا سر اتجاه السحب للشرق حيث محبوبة المطر!! ثم ها هو يضع الوطن فوق هام السحب بارا بيمينه والله ما مثلك بها لدنيا بلد بدر شاعر المدهش من الأزمنة,.
جعل من الزمن حالة عامة وخاصة في نفس الوقت، جرده من مقاييسه، اطلقه في المدى واعتقله في نظره,.
قالت وش الوقت,.
وطالعت ليل عيونها,, وصبح الجبين,,
ومرت ثواني صمت,.
وقلت الزمان انتي,, وكوني اللي تبين,,
انظر كيف اختصر العمر ليجعله رشفة مع قلها يا ليتها يوم تصفي.
ثم تأمل في هذه اللقطة المدهشة لذاك الليل الشاحب البئيس وذلك الصبح الباذخ الطاغي,.
الليل تحت الشجر عاري والصبح غطا السما بثياب والريح بكفوفها الذاري تدفن رسوم الوعد بتراب |
ثم انظر لهذا التصور الفائق الدقة للحظة الغروب الحزينة المنكسرة.
تالي نهار وعاتق الشمس مذبوح والوقت لو تدرين للوقت ذباح كن السما صوتٍ من الذعر مبحوح والليل خيلٍ سود للضي تجتاح وسحايبٍ فوق الشفق كنها قروح على جبينٍ ما شكا كثر ما طاح لاذت عصافير المسا في ذرا الدوح وتنفس سراج الوهن بين الالواح حبيبتي ضاق الفضا وين ابا روح وان رحت ظلم النفس للنفس ما راح! |
ومثلما تفرد البدر بأشياء كثيرة فهو الوحيد الذي أعاد تعريف الأشياء وجدد صياغتها وهذه بعض تعريفات البدر التي استخدم فيها لغة خاصة:
* الشمس:
ترس انحاس,, واثر الشعاع انصال,. وراعي الهوى خيّال,, يفكها من الياس! |
* الرمل:
قرطاسةٍ صفرا ما عليها كتابه
كود آثار القدم يوم أنا آطى به!
* الصدق:
ما ينقش العصفور في تمرة العذق,. وما وشوش الدبور,, زهرة الرمان! |
* السيف:
المعدن البارد,, نصل الشتا الحاد,. له تحت جلدي,, طريقٍ ضيّقٍ بارد |
وله صرختين جداد!!
* السفح:
مثل الردا,, راحة!
* النهار:
ثياب شاش,, ملح المشاش,, حفنة طحين!!
يقول الدكتور فهد العرابي الحارثي: ان بدر بن عبدالمحسن يكاد يكون الوحيد الذي استطاع ان ينفّذ في الشعر الشعبي بمهارة فائقة المشروع الحديث في الشعر الفصيح ليس فقط من حيث الصورة والرمز والايحاء ولكن ايضا من حيث التعامل مع اللغة او من حيث فهم الابداع على انه انجاز لغوي بالغ الأهمية والتعقيد انتهى.
ولنرخِ الستائر على هذا المشهد الختامي:
يا ضاربٍ في الصخر بذراعٍ اجرد بيّن بياض العظم ما فاض هداج ويا ضايعٍ في غابة الحبر الاسود ضاع العمر ما جبت حرفين من عاج أشعلت جمرٍ واحرقك لين رمّد واليوم تبني حوله ضلوعك سياج ارخ الستاير ما بقى كود مشهد كهلٍ كفيفٍ يشعل لغيره سراج |
إذاً يحق لأحد أن يلومه عندما يقول مفتخرا:
ان ما جمعت النور من كل وقاد وطوّقت بنجوم المجره بناني ونثرت روح الورد في مدحك مداد ما قول أنا هام القصايد مكاني يا سيدي والله ما شوف الأنداد انا وحيد الشعر ما خلق ثاني!!! |
وداع:
وداع يا خضر العروق,. اللي على ظهر الكفوف المبطيه,. |
ويالماضي الحاضر!!.
منيف بن سند الحربي
|