| عزيزتـي الجزيرة
اللغة كائن حي ينمو ويتطور واداة من أدوات المعرفة والتوصيل والتفاهم وهذه اللغة لا تبقى في وضع جامد بقدر ما تعكس نفسها على مجمل التغيرات الاجتماعية في كل مجتمع، أو مرحلة من مراحل التاريخ، وعلى الصعيد العربي نرى أن هموم الانسان نفسها تغيرت والشاعر أو الأديب ما عاد يعيش قضايا ذاتية أو وجدانية فحسب بل هناك مشاكل جديدة ومحاور جديدة للتفكير والاهتمام وهو ما يفرض نفسه على اللغة سواء في الشعر أو المسرح أو السينما أو الأغاني أو الخطبة أو المقالة,ان اللغة التي تعبر عن مبادىء يناضل من أجلها الانسان لابد أن تكون لغة حية تناسب ذوق الناس وتملك القدرة على التأثير في النفوس ولها ايقاع لدى القارىء أو السامع أما الأساليب القديمة فصارت تمجها الاسماع والكلمة التي لا تواكب قضية الانسان وحركته مرفوضة والمطالبة بتغيير طريقة التعبير لابد أن يصحبها مطالبة بتغيير طريقة التفكير فالعملية متكاملة حتى توظف الكلمة في موضعها الصحيح ويتجلى التفاوت بين تجار الكلمة أصحاب اللغة المائعة والمتكلفين المتصنعين المزوقين وبين أولئك الذين يصدقون مع أنفسهم ومع الآخرين ويبدعون في تنظيم جديد للغة تحمل مضامين انسانية معاصرة راقية معتبرين الكلمة صنوا للحياة واداة من أدوات التأثير والتفاعل والتوصيل صحيح ان اللغة تتطور ببطء ولا يستطيع الفنان أديبا كان أو شاعرا أو رساما أن يجدد في أنماط التعبير تجديدا مرضيا طالما انه مكبل فكريا لكن هذا لا يعني السقوط في مستنقع الزيف، والمعارضة لنمو حركة البشر واذا قلبنا صفحات التاريخ نجد أن أساليب رائعة ومبتكرة في الكتابة ما زالت محافظة على رونقها وسحرها لأنها تحمل ذلك الزخم الفكري الخالد منها على سبيل المثال لا الحصر ملحمة هوميروس وكتاب كليلة ودمنة الذي كتب على ألسنة الطير والحيوانات ولكنه تضمن تلك القيمة الفكرية العظيمة وكذلك مؤلفات ودواوين ناظم حكمت التي أحدثت ثورة في اللغة التركية وكانت الكلمة فيها موازية للطلقة, ان مثل هذه اللغة تمتلك شحنة التحريك للمشاعر وتتمتع بمواصفات أخلاقية جمالية فذة تعبر عن وجه من وجوه عبقرية الفنان والتزامه بقضايا الناس أما تلك اللغة الخاوية الباهتة الميتة الضامرة التي وجد فيها الدجالون طريقة للنجاة والسلامة والمحافظة على الامتيازات فلا نتوقع منها أية ايجابية ولا يطلقها الا المسطحون فكل شيء لا يتعلق بالحقيقة مصيره الزوال.
محمد سعيد بن صبر أبها
|
|
|
|
|