| الاقتصادية
ليس هذا حديث عن الواسطة: حكمها وانواعها وآثارها ولكنه عن تلك الازدواجية التي يمارسها البعض بين المبدأ واللامبدأ في هذا الشأن فأنت قد تحترم من يُطبق مبدأ: لا للواسطة ولكنك لا تستطيع ان تفعل ذلك مع من يحرم الواسطة على غيره ويجيزها لنفسه فاذا رأيت رئيسك في العمل يمنعك من التوسط ويرفضه منك ثم اكتشفت ان هذا الرئيس لايطبق هذا المبدأ على نفسه فهو يتوسط ويقبل الواسطة أحياناً فانك لن تستطيع ان تنفذ مايطلبه هذا الرئيس بقناعة.
إن التنظير للآخرين عمل سهل ولكن ان يبدأ المنظر بنفسه فهذا صعب وهنا تقع الازدواجية بين الفكر والممارسة.
يذكر لي الاصدقاء ممن يشغل منصبا قياديا في احدى الشركات انه حاول توظيف احد اقربائه ولكن مدير عام الشركة رفض والقى عليه محاضرة حول تأثير التوسط على سمعة القيادي.
يقول الصديق: بعد فترة فوجئت بأن قريبي توظف بالشركة ولما استقصيت الامر اتضح ان قريبي احضر واسطة لسعادة المدير العام ولكنها هذه المرة ليست واسطة صغيرة كما هي واسطتي التي رفضها وانما هي هامور ولم يكن هذا الهامور سوى احد كبار المتعاملين مع الشركة!
يقول الصديق: منذ هذه الحادثة عرفت ان الشعار الذي يرفعه البعض ضد الواسطة انما المقصود به الواسطة الصغيرة فئة ثلاث نجوم أما حين تكون الواسطة فئة خمس نجوم فان الشعار يتحول الى: لا لا يا الخيزرانة!!
ومن المؤكد ان هناك الكثير من الحكايات حول هذه المفارقات بين رفض الواسطة وقبولها فأنا اذكر حكاية احد زملائي حين حاول جاهدا ان يُعين معلماً في احدى المناطق ولكن مدير تعليم تلك المنطقة رفض كل الواسطات والمحاولات وذات يوم عاد زميلي الى هذ المدير الذي ما ان رآه حتى قال له: لماذا عدت؟ الم اقل لك ان الواسطة ما تمشي عندي؟
عند ذلك ابتسم زميلي واخرج من جيبه خطابا قديماً للمدير الذي ما ان قرأه حتى تغيرت ملامح وجهه وهبّ واقفا مرحبا ومهليا قائلاً: لو قلت لي انك واصل الى هذا الحد كان عينتك من أول يوم,.
وهكذا مايجيبها الا هو اميرها فاذا انسدت الطرق امامك وفشلت جميع محاولاتك فلا تستسلم وتصدق الشعار الذي يرفعه المدير او الرئيس وانما ابحث عن واسطة خمس نجوم فامامها تسقط كل الشعارات والمبادىء ويتحوّل الاسد الى نعامة والنمر الى قطو.
ابدا لا تصدق أن هناك من لايتعامل مع الواسطة وكل ما هنالك ان عليك اختيار الواسطة المناسبة فانظر أي واسطة تختار حتى لا تحتار.
|
|
|
|
|