| المجتمـع
* تحقيق: ظافر الدوسري
مما لاشك فيه أن لحلقات تحفيظ القرآن الكريم في الماضي دوراً أساسياً في تربية النشء وتفقيههم في أمور دينهم ودنياهم لكن الآن تغيرت الصورة بعض الشيء، وأصبح هناك تردد من قبل بعض النشء والشباب في الاقبال عليها بحجة الخوف من صعوبة الحفظ والتلاوة الصحيحة او عدم التوفيق بين الحفظ والتحصيل الدراسي اضف إلى ذلك فترة الفتور خلال اجازة الصيف التي انست بعضا من الحفظة ما حفظوه من القرآن الكريم وغيرها من المعوقات التي تواجه الحلقات.
وبمناسبة بدء وعودة حلقات التحفيظ لنشاطها نناقش هنا بعضا من هذه الظواهر والمعوقات مع المهتمين والمدرسين بتحفيظ القرآن الكريم، حيث تحدث في البداية فضيلة الشيخ الدكتور رياض بن عبداللطيف المهيدب قائلا: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، فإن جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الجبيل تعد المدرسة الايمانية التي تربي النشء على تعلم كتاب الله وتجويده وحفظه وما يتضمنه من عقائد وأحكام وعبادات، والذي نشاهده هو الاقبال الشديد على حلقات تحفيظ القرآن ومدارس التحفيظ النسائية التطوعية التي يقوم عليها مجموعة من النساء الفاضلات، حيث يقمن بتدريس القرآن وتعليمه للطالبات وللأمهات.
وعن حجة بعض الطلاب وأولياء الامور في ان الالتحاق بحلقات التحفيظ قد يعيق التحصيل الدراسي فيؤكد فضيلة الشيخ المهيدب ان الحلقات سبب ومعين في تقوية مستواه العلمي والدراسي، حيث يقول: الذي نلمسه ان الحلقة تعين الطالب على فهم كتاب الله وتقوي النطق والقراءة وتساعد على معرفة احكام وقواعد اللغة العربية، اما انصراف بعض الشباب عن الحلقات فأرى انه يعود إلى عدة اسباب، أولها أولياء الامور، حيث ينبغي منهم تشجيع أبنائهم على الالتحاق بالحلقة ومتابعة تحصيلهم، كما ان المعلم ينبغي ان يكون له دور في تشويق وترغيب الطلاب في المحافظة على وقت الحلقة والعلاج في هذين المحورين هما الولي والمعلم.
دور المواصلات ليس بالسهل
الشيخ تركي المنصوري إمام مسجد عثمان بن عفان وعضو في هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمحافظة الجبيل يبين اسباب تخلف الطلاب عن الانتظام في الحلقات وأن منها ما يتعلق بالبيت إذ يقول: إذا لم يجد الطالب معينا له من داخل البيت سواء من الأم أو الأب أو أحد اخوانه، فإن هذا يؤدي بدوره إلى عدم الاستمرار فيها كذلك الرفقة والقرناء، فلاشك انه لابد ان يكون للطالب قرناء سوء مما يؤدي إلى صرفه وابعاده عن الاستمرار في الحلقة ومن الاسباب ايضا ان يكون المدرس شديدا على طلاب الحلقة او ان يكون الطالب ميالا للعب وعدم الجدية، الامر الذي يترتب عليه عدم استشعاره لقيمة القرآن وأهميته, وقد تكون الفوارق الكبيرة في السن بين الطلاب سببا في نفور بعضهم من الحلقات وكذلك كثرة الاشغال التي تصرف الطالب عن مواصلته للدراسة في الحلقة، سواء انشغاله بمتطلبات منزلية او غيرها, وقد يكون هناك بعض التصورات الخاطئة المترسبة في ذهن الطالب عن الحلقة، وأيضا قد يكون وقت الحلقة ودروسها في وقت يتعذر فيه المواصلة لهذا الطالب، ولا ننسى أن للمواصلات دورا ليس بالبسيط في تعثر مواصلة الطالب للحلقة خاصة إذا كان المسجد الذي تقام فيه الحلقة بعيداً عن المنزل.
التسرب من الحلقات فقد للجهد
بينما يشير الشيخ خالد بن مأمون آل محسوبي المدرس بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بالجبيل إلى ان الحفاظ على عدم تسرب الطلاب من الحلقات مطلب هام لان تسرب الطلاب يعتبر فقداً لجهد كبير بذل معهم، وان معرفة هذه الظاهرة وعلاجها هو الحفاظ على اي جهد يبذل، وبين ان هناك اسباباً عديدة متعلقة بالطالب ومنها: الرغبة المضمحلة في الحلقة منذ البداية (الحلقة شيء ثانوي) وعدم ادراك الطالب الهدف الذي من اجله اقيمت الحلقة وتعود الطالب على الغياب بغير عذر صحيح منذ التحاقه بالحلقة كذلك تأثر الطالب بمن حوله من الطلاب المكثرين من التأخر او الغياب (من رفقاء السوء) كما ان من الاسباب ايضا احساس الطالب احيانا بعدم الاستفادة من الحلقة بالاضافة إلى ضعف الطالب العلمي وهذا يجعله لا يتماشى مع بقية زملائه الطلاب.
وبالنسبة للاسباب المتعلقة بالمعلم فهي تكمن في ضعف شخصية المعلم وضعف المستوى العلمي لديه وعدم متابعة حضور الطالب وغيابه وعدم اتخاذ الاجراء المناسب لذلك، كذلك احيانا ينحرج المعلم من ولي الامر إذا سأله عن غياب ابنه فيضطر بعد ذلك لعدم السؤال! واهتمام المعلم بالمتميزين دون غيرهم وعدم معرفة الفروق الفردية بين الطلاب او اتباعه اساليب غير سليمة في تأديب الطلاب أو الشدة التي تؤدي ببعض الطلاب لترك الحلقة بالمرة!! ويعتبر ترك معلم معين الحلقة لاي سبب مبررا لانصراف بعض الطلاب عنها بفعل تأثرهم وحبهم لاستاذهم.
تصنيف أولياء الأمور
ويتناول الشيخ خالد الاسباب المتعلقة بولي الامر إذ يقول: عدم حرص اولياء الامور على تحفيظ ابنائهم القرآن الكريم يختلف من ولي أمر لآخر, فهناك بعض اولياء الامور لا يحرصون انفسهم على تعلم القرآن ولا تلاوته، ففاقد الشيء لا يعطيه، وهناك صنف آخر من اولياء الامور يجهل فضل القرآن الكريم، وان الخيرية في هذه الامة ما تعلمت القرآن وعلمته، ويوجد صنف ثالث يعرف فضل القرآن لكنه مفرط في تعليم ولده القرآن، وهذا من دنو الهمة، أما الصنف الرابع فهو الحريص على ادخال ابنائه حلقات تحفيظ القرآن الكريم لكن دوره معدوم او ضعيف في المتابعة، وهناك صنف خامس حريص على تحفيظ ابنائه القرآن الكريم لكنه وضع نصب عينيه موانع منها: الخوف على الابن من الشارع وما يسمع عن بعض الظواهر السيئة في بعض الحلقات، كذلك يبالغ بعض الآباء في الاهتمام بالواجبات المدرسية النظامية على حساب اي شيء آخر ولو كان تعلم القرآن!! بل ان بعضهم قد يبالغ في تربية الولد فيصل الى التدليل الزائد الذي يؤدي بلاشك في النهاية للتسرب.
كما يشير خالد مأمون الى اسباب اخرى تعين في تسرب طلاب الحلقات وهي ضعف المتابعة من قبل الجهة المشرفة وعدم وجود ضوابط وتنظيمات وقلة الحوافز التشجيعية التي تقدم للطلبة مع تغيير المدرسين في الحلقة الواحدة من وقت لآخر.
انصراف طلاب المراهقة
فيما يشير الشيخ عماد الدين عبده المدرس بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بالجبيل إلى ان المشاكل والمعوقات التي تواجه حلق التحفيظ كثيرة ومنها كما يقول: ظاهرة النسيان عند الطلاب، فترة الصيف وما يصاحبها من فتور وخمول مع القرآن، وظاهرة قطع المصاحف والعبث بها من قبل الطلاب، فقدان الطالب الثقة في نفسه وقت الاختبار مما يؤدي إلى زيادة الاخطاء في الاداء والتسميع، انصراف طلاب المتوسط والثانوي من الحلق واقتصارها على طلاب الابتدائي فقط في الغالب.
وينصح عماد الدين لعلاج مشكلة ظاهرة النسيان الى التعاهد بالتلاوة من خلال إحياء سنة تحزيب القرآن، والتغني والترتيل للقرآن، وزيادة الاختبارات اليومية والاسبوعية والشهرية والفصلية، كذلك الحث على تعمير البيوت بتلاوة القرآن.
اعتقادات خاطئة
أما اسباب انصراف طلاب المراهقة فيأتي في مقدمتها سوء النية عند الالتحاق بحلقة القرآن الكريم، فقد يكون غرضه اللعب واللهو وضياع الوقت سواء على نفسه او على زملائه في الحلقة ناهيك عن الوسائل الاعلامية الحديثة التي لها دور كبير في صرف الشباب عن حلقات تحفيظ القرآن.
ايضا حرص الآباء على تفوق ابنائهم في الدراسة النظامية واعتقادهم الخاطئ ان الالتحاق بحلقات تحفيظ القرآن سبب في تأخر ابنائهم عن المستوى المطلوب، وقد يكون من الاسباب عدم وضع مدة زمنية للحلقة، فطول هذه الفترة قد يؤدي لانقطاع الطالب عن الحلقة حرصا على المذاكرة او لاصابته بالملل الحاصل من طول الفترة.
التوعية عن طريق الإعلام والمساجد
ويشير عماد الدين إلى ان التوعية في مقدمة طرق العلاج الممكنة لتشجيع الابناء على الاقبال على الحلقات ويكون ذلك عن طريق الاعلام والمساجد ببيان فضل القرآن وفضل تعلمه وتعليمه، كذلك يأتي الدور الاكبر وهو الاسرة، ويتطلب ذلك وجود علاج لهذه الفئات وانشاء حلق ذات طابع مميز، من استاذ مميز، يعرف كيف يتعامل مع سن المراهقة، مع اعطاء هذه الحلق عناية خاصة، من حيث المتابعة والتشجيع بالرحلات والعمرة ووضع برنامج لهم كتوزيعهم إلى مجموعات ورصد جائزة لاحسن مجموعة، ثم جائزة لاحسن طالب في كل مجموعة مع عمل بطاقة شرف على صدر الطالب المجتهد والمثالي فهذه بلاشك تعود الطالب على مصاحبة الصالحين، ومفارقة الاشرار، اضافة إلى التعامل معهم كأنهم كبار، فيطلب منهم المعاونة والمشاركة لقيادة من هم دونهم في السن من طلاب الابتدائي.
المدح وعدم الذم العلني يعيد الثقة
أما الطالب الذي يعاني من مشكلة عدم الثقة في نفسه فيمكن علاجها عن طريق المدح لمن احسن وعدم الذم العلني لمن اخطأ، حتى لا يخاف من الاختبار، وليكن هناك لوم لطيف، ونقول لوم لطيف لانه عتاب يغلب عليه التشجيع قبل ان ينصرف الطالب المخطىء، يحثه على تفادي مواضع الخطأ وكيفية التخلص من الخطأ والوصول الى الصواب، كذلك الاكثار من المسابقات والاختبارات لكسر حاجز الخوف من الاختبار مع تذكير الاب بمصاحبة ابنه في مجالس الرجال واشعاره دائما انه من الرجال وأن الخجل ليس من شيم الرجال بل هو من صفات النساء.
|
|
|
|
|