| مقـالات
انطلقت الانتفاضة الأولى 1987م من المسجد وبشعار خيبر خيبر يا يهود، جيش محمد سوف يعود فكانت مرحلة مهمة في تحول التكتيك النضالي، وأصبح السلاح المستخدم أقوى من أي سلاح صهيوني، مهما كانت ذخيرته، فلدى أطفال الحجارة من الذخيرة ما لا تملكه يهود، ولا تستطيع الحصول على مثله أو قهره، إنه الإيمان الصادق، النابع من العقيدة الصافية، ترجو إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، وهيهات لبني صهيون ومن خلفهم أن يرهبوا من لا يهاب الموت.
استمرت الانتفاضة حتى جاء اجتماع أوسلو بفكرة السلام المزعوم، فكانت محاولة يائسة لإجهاض الانتفاضة، فكان الهدوء الذي يسبق العاصمة، فبعد أن يئس أبطال المقاومة من ممطالة يهود كما هو حالهم عبر التاريخ وعلى مر الأزمان والعصور أو كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم وقع ما لم يكن في حسبان يهود فخرج من رحم الانتفاضة الأم انتفاضة فتية أشد بأساً وأقوى فعلاً، هي انتفاضة القدس التي عقدت العزم على المواصلة حتى تحرير الأقصى بإذن الله، ويعلم الله كم ارتعدت فرائص باراك وزمرته من بني يهود، وكم اهتز كيانهم، فذهبوا يتصرفون بلا تخطيط على غير عادتهم وأعملوا آلتهم العسكرية في البطش المتجبر والقتل العشوائي، واخترق رصاصهم جسد محمد الدرة وإخوانه من أطفال فلسطين، الأمر الذي فضحهم، وكشف سوأتهم، وأحرج أصدقاءهم، فذرفت دمعة من كلينتون من ذلك المنظر كما زعم ، فلم يجدوا ما يسترون به عورتهم إلا الدعوة إلى السلم، فكان مؤتمر شرم الشيخ محاولة لإيقاف البحر النضالي الهادر، وكانت النتيجة شرخاً في حكومة التعيس باراك الذي لم يجد استجداؤه سيء الذكر شارون في تشكيل حكومة ائتلافية، حتى أشفق عليه حزب شاس فمنحه هدنة لمدة شهر يعالج أمره ويحفظ ماء وجهه,وبقدر ما حزنا ونحزن على مقتل محمدة الدرة وإخوانه الذين يستشهدون في كل يوم من أيام الانتفاضة المجيدة، إلا أننا نعلم أن الموت ليس نهاية الحياة، وان ما يلقونه عند ربهم بإذنه جل وعلا خير من حياة الذل تحت وطأة المستعمر الغاشم ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون .
إن عزاءنا في ذلك هو ما شاهدناه من استيقاظ الأمة على صوت الانتفاضة، وإن مما أثلج صدورنا حقا ما رأيناه من أصداء الانتفاضة في كل بقاع المعمورة، بدءاً من أرض الحرمين الشريفين، ومروراً بالوطن العربي، وامتداداً إلى ماليزيا وأندونيسيا والباكستان وأوروبا وأمريكا، هذه الصحوة التي كانت من أكبر ثمرات الانتفاضة، فقد كدنا نحسب من قبل أن أمتنا قد آثرت السكوت إلى نعيم الحياة، والرضا بالهزيمة، والخنوع أمام القوة، فرأينا شباباً بدد أوهاماً، وبعث آمالاً، وجدد شعوراً بالعزة والكرامة والإباء يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقداكم , فالنصر إذاً قادم لا محالة، وفلسطين هي أرض الإسلام وليس أرضاً لإخوان القردة والخنازير.
|
|
|
|
|