| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد:
اطلعت على المقال المعنون ب (الإرشاد الطلابي ,, محاولة لإعادة النبض,,!) لكاتبه خالد بن صالح الفايز والمنشور في يوم الاثنين الموافق 26/7/1421ه (10252) ولان الأمر يعنيني كأحد رجال التربية والتعليم أولا,, وكمسؤول في مجال التوجيه والإرشاد الطلابي ثانياً (والمسؤولية هنا نسبية!!) فقد قرأت المقال بسرعة لمعرفة ما يريد الكاتب قوله,, ثم أعدت قراءته بتأنٍ,, محاولا فهم الكلمات وما وراء الكلمات,, وما يختبئ بين السطور,,!!.
فوجدت الكاتب قد بذل في مقاله جهدا,, حاول من خلاله تقديم رؤيته الخاصة لواقع الإرشاد الطلابي في وزارة المعارف,, وتأبينا حزينا له بعد أن أعلن عن وفاته نتيجة لمجموعة من الأمراض الخطيرة,,!!! قبل أن يستدرك في آخر مقاله مبشراً لنا بأن الإرشاد الطلابي لم يزل على قيد الحياة,, ولكنه تحت الأجهزة الطبية المساندة نظرا لخطورة حالته,,!!؟.
وأنا هنا لن أسيء تفسير أهداف الكاتب,, ولن أتهمه في نواياه,, ولن أفترض أنه ربما يكون وراء المقال تجربة أو موقف شخصي بحت للكاتب,, تجاوزت فيه ثورة الغضب وردة الفعل (المعني فيها) إلى غيره! رغم انه لا يجوز تعميمها بأي حال من الأحوال,,!!.
لن أفترض كل ذلك,, رغم إمكانية طرح مثل هذه الأمور بحساب (موضوعية النقد,, ونوع العبارة المستخدمة فيه,, وافتراض الدوافع له) إلا أنني لن أدخل في النوايا,,كما فعل الكاتب,, لأنني لا أعرفها ولن أدعي معرفتها,,ولكنني سأفترض افتراضا واحدا وراء ما قاله الكاتب,, وهو أنه (مجتهد) ويسعى جادا للإصلاح وهو ما نتوقعه إن شاء الله,, إلا أنه أي الكاتب اجتهد فأخطأ وله أجر الاجتهاد إن شاء الله.
أما لماذا أخطأ,,؟ وكيف أخطأ؟! وهل أخطأ في كل ما قال أم في بعضه,,؟؟!.
فلي هنا,,عدة وقفات:
أولاً: لقد تداخل الموضوع لدى الكاتب,, فلم تتضح الرؤية التي يريد إيضاحها,, أو الفكرة التي يريد إيصالها بالشكل المناسب,,!! فلا أدري هل الكاتب يهاجم الإرشاد الطلابي كمهنة لها رسالتها وأهدافها؟؟,, أم يهاجم مشرفي التوجيه والإرشاد في الوزارة، كمشرفين لهم برامجهم وأعمالهم,,؟! أم يهاجم المرشدين الطلابيين كعاملين في الميدان,, لهم جهودهم وخططهم وسجلاتهم ودراساتهم ونتائجهم,,؟!!.
فنراه تارة ساخطاً أشد السخط على الإرشاد الطلابي كمهنة,,يرى ألا جدوى منها ويطالب بإلغائها,, بل ويجزم ويؤكد ان الوزارة حسب رؤيته ستتخذ قراراً بإلغاء وظيفة المرشد الطلابي,, وتوقف خدمات الإرشاد الطلابي في المدارس,,!!.
وتارة يتكلم عن مشرفي التوجيه والإرشاد في الوزارة بما يسوء,,!! وأنهم (متخبطون) ولا يعون من أمور الإرشاد إلا الزيارات الميدانية,, والتي سيحصلون من خلالها على مقابل مادي,,!! وهذا هو المهم لديهم!! كما يقول الكاتب,.
وتارة يجزم (بأن المرشدين الطلابيين في المدارس,, ليس لهم أي دور أو نتائج داخل مدارسهم ,, وأن المرشد الطلابي وجوده وعدمه سواء,,!! والدليل أنه يغيب عن المدرسة عاما دراسيا كاملاً ويظل مكانه في المدرسة محجوزاً له حتى يعود ومع ذلك لا يتغير شيء في المدرسة سلباً أو إيجابا,, ولا يتأثر لغيابه أحد,,!!.
بل وإن نتائج بعض المدارس التي لا يوجد بها مرشد طلابي أفضل بكثير من نتائج المدارس التي يوجد بها مرشد (,,!!؟) كما يقول الكاتب.
وفي مكان آخر من نفس المقال,, نراه يدافع عن المرشدين الطلابيين وانه يجب منحهم (الثقة بالنفس) وتخفيف الأعمال الكتابية التي تثقل كاهلهم,,!!؟.
ثانياً: وضع الكاتب نفسه دون أن يشعر بمكانة (الخصم والحكم) في كثير من النقاط التي ذكرها و انتقدها,, وفصل فيها وأصدر أحكامه عليها,, ولا أدري حقيقة من أي الزوايا نظر الكاتب إلى قضاياه التي طرحها سواء المتعلقة بالإرشاد الطلابي كمهنة,, أو بأدوار المشرفين أو المرشدين,, أو بنوعية السجلات,,!!؟ وكيف أعطي لنفسه الحق والقدرة على إصدار الأحكام الشاملة والقطعية على سير أعمال الإرشاد الطلابي,, ؟ وأهداف ونوايا المشرفين,,وعدم جدوى المرشدين,,!! بل وخطط الوزارة المستقبلية ,, وأفكار وتوجهات وبواطن معالي وزير المعارف نفسه,,الخ.
ولست بحاجة لأؤكد للكاتب ان مثل هذه الأحكام تحتاج إلى فريق عمل متكامل,, من مختلف المستويات والتخصصات,, وكذا إلى وقت كاف للوصول إلى هذه النتائج,, التي استنتجها الكاتب مجتهدا لوحده,,!!؟.
ثالثاً حدة العبارة التي تكلم بها الكاتب,, وبعض الكلمات التي استخدمها,, أفقدت مقاله (جانب الموضوعية والحياد), وهما شرطان أساسيان لكل نقد بناء وهادف,!! ولعل الكاتب غفل عن حقيقة مهمة,,وهي انتهاء زمن (المنطق الثوري) الذي يظهر صاحبه نفسه,, وهو ساخط على كل شيء,,!!.
وحل محله (المنطق الموضوعي) المتزن الذي يشخص الداء ويصف الدواء,, ويعين المشكلات والنقائص ,, ويضع لها الحلول والبدائل.
رابعاً: دخل الكاتب في تفاصيل حول النوايا والأهداف,, كان في غير محله,, ولا يليق ,,!!! ويقيني ان الكاتب ربما ندم علىمثل هذا الأمر بعد ان هدأ انفعاله,, وخصوصاً وان هذا الأمر لا يعمله إلى علام الغيوب سبحانه وتعالى.
خامساً: عندما يتكلم الكاتب عن المرشد الطلابي داخل المدرسة ,, (وأن غيابه حتى وإن كان عاما دراسياً كاملاً لا يقدم ولا يؤخر,, وأن كثيراً من المدارس التي لا يوجد بها مرشدون طلابيون أفضل من حيث النتائج من تلك التي يوجد بها مرشدون),, فلعل الكاتب نسي أو تناسى عدة أمور أساسية ,,منها,, ان العمل في أي مدرسة سيسير سيراً طبيعياً إلى حد كبير بغياب المرشد الطلابي أو غيره من العاملين في المدرسة,, بما في ذلك مدير المدسة أو وكيلها,, ولا ينتظر من المدارس ان ترفع الأعلام السوداء لغياب المرشد الطلابي,, أو يحتج الطلاب أو العاملون في المدرسة لغيابه أو تتعطل المدرسة وتلغى الاختبارات,,!! أبدا,, ولكن لغياب هذا المسؤول أو ذاك عن المدرسة أثراً معينا يعرفه ويشعر به العاملون في الميدان.
أما إرجاع النجاح والفشل لشخص بعينه,, مهما كان هذا الشخص فهو ظلم للجميع,, فالعملية التربوية كما يعلم الجميع,, عملية تكاملية,, تتداخل فيها عناصر كثيرة داخل المدرسة وخارجها,, ومن الظلم الكبير والتعامي عن الواقع، تحميل المرشد الطلابي مسؤولية إصلاح كل الأخطاء لوحده بدءا من البناء المادي والمعنوي داخل المدرسة,, مروراً بالأسرة وما أدراك ما الأسرة ,, والبيئة,, وصولاً إلى المجتمع بكل تفاعلاته,, حيث تتسع الدوائر شيئا فشيئاً ,, وتتداخل خطوطها وتتقاطع,,!! والمرشد الطلابي هنا,, مفصل صغير في آلة ضخمة تحدد اتجاه الطالب,, ومستواه الدراسي ,,وسلوكياته,,وعاداته وقيمه,,ومعتقداته,,!!؟.
ولعل هذا الواقع المتداخل هو ما يستوجب إجراء دراسة شاملة (على المستوى القومي) يشترك فيها الجميع,, لمعرفة مواطن الخلل في العملية التربوية لدينا برمتها,, ومعرفة المؤثرات الإيجابية والسلبية فيها.
دراسة تتلمس الإيجابيات وتدعمها,, والسلبيات وتتلافاها بدءا من الصفوف التمهيدية للأطفال,, وحتى الدراسات العليا ,, وهذا ما أدركه المسؤولون في هذا البلد المبارك,, وسخروا لأجل دراسته الكثير من الجهد والمال ,, من أجل بناء هذا الجيل,, بناء يتوافق مع آمال وطموحات أمته.
سادسا: كلنا نسعى إلى الكمال,, ولا أحد يدعي أننا وصلنا إليه,, بل ما زلنا, بفضل الله على الطريق ,, وهي طريق طويلة وشاقة والمهم هنا ألا نتوقف أو نحيد,,!! وأن تتضافر الجهود كل الجهود لأجل ذلك ,, ومن سار على الدرب وصل.
سابعا: ما ذكره الكاتب عن بعض السجلات,, فيه (بعض) الحقيقة حيث لم تصل هذه السجلات إلى مرتبة (النص المقدس) الذي لا يجوز لأحد المساس به,,!! ,, ولم يغلق أحد باب الحوار والنقاش للوصول إلى الأفضل ,,وتعدد الآراء في أي موضوع كان,, هو إثراء لهذا الموضوع والنظر إليه من مختلف الزوايا,, وفرق كبير بين أن تختلف آراؤنا حول موضوع ما,, أو أن تتخالف قلوبنا,,نسأل الله السلامة,,!!.
كما انه فرق كبير بين النقد الهادف البناء,, والنقد لأجل النقد,, فالناقد بصير كما يقال,, والتنظير أصبح مستهلكا في زمننا هذا,, ويجب ان يحل محله العمل الجاد المثمر والهادف,, كل في ميدانه وفنه, وإشعال شمعة خير من سب الظلام,,!!.
ثامنا: كنت أتمنى لو أضاف الكاتب مشكوراً لمقاله بعض إيجابيات إدارة التوجيه والإرشاد بالوزارة ,, وهي كثيرة جداً ليس هذا مجال بسطها,, وذلك لتدعيمه,, ولكي يتخذ مقاله مسحة موضوعية هادفة ,, نتمناها في كل من يتصدى للنقد.
ووجود سجلين أو ثلاثة من سجلات المرشد الطلابي عليها بعض الملاحظات,, أو وجود أحد المشرفين أو العاملين في مجال الإرشاد الطلابي لديهم بعض التقصير,, لا يعني بأية حال فشل الإرشاد الطلابي كمهنة,, وكرسالة,, وفشله كمشرفين وكعاملين بل يعاد التقييم,, ويصحح الخطأ وتظل القافلة تسير ولا يصح في النهاية إلا الصحيح,,!!.
وختاما,, أتمنى للكاتب التوفيق والسداد,, مثمنا له غيرته على أبناء بلده,.
أحمد بن علي المقبل مشرف التوجيه والإرشاد بالإدارة العامة للتعليم بالقصيم
|
|
|