| الاقتصادية
يدافع عدد من المنظرين في الإدارة والاستراتيجية بشكل منقطع النظير عن الحجم الكبير لمنشآت الأعمال مؤكدين أنه يؤدي دوراً خيالياً في تخفيض التكاليف وتدعيم المركز التنافسي القائم على الضخامة والتسعير الشرس,, ومن ناحية أخرى يظهر بعض الكتّاب تأييداً عاليا للحجم الصغير أو عملية (تقسيم) المنشأة الكبيرة إلى وحدات أصغر بحيث يتم تنظيم وإدارة هذه الوحدات بشكل مباشر ومرن وقريب من الميدان فتؤدي دوراً محورياً في رقي المنشأة وتميزها وتحقيقها لمركز تنافسي جيد للغاية.
كيف يتم تحقيق التوافق بين هاتين الفلسفتين؟:
سنبدأ الجدل بتقرير أن كل مدرسة محقة في تصوير أهمية المفهوم الذي تدافع عنه، فالحجم الكبير عام ومفيد والحجم الصغير جميل ومرغوب في الإدارة والمنافسة,, ولكن تحديد أي من هذين المنهجين هو الأفضل أو المناسب يعتمد على عوامل عديدة ومتفرقة وأهمها على الإطلاق,, الاستراتيجية.
توضح الاستراتيجية عادة الطريقة الأساسية المتبعة في التنافس (كأحد أهم القرارات المصيرية)، والتي تعنى بتحديد السبل والوسائل والأسلحة الاستراتيجية التي توظفها المنشأة على المدى الطويل لمواجهة خصومها ولتدعيم موقفها التنافسي في الصناعة, طريقة المنافسة هذه تحدد إلى حد بعيد حجم الإنتاج الذي يجب أن تتبناه المنشأة, فلو كانت الطريقة تركز على التسعير والمنافسة العددية (كثافة التواجد) وغزو السوق بالأرقام (الأسعار المخفضة) فإن الحجم الكبير يصبح مناسباً جداً، أما إذا كانت طريقة المنافسة تدعو إلى التميز والإبداع وغزو السوق بمنتجات في غاية الجودة والتنوع والأداء الراقي,, فإن الحجم الصغير في الإنتاج وفي المنشأة لا مناص عنه.
أما العوامل الأخرى فيمكن اختصارها كالتالي: بيئة السوق أو الصناعة، نوعية النشاط وحجمه، تنوع المنتجات أو الخدمات التي تقدمها المنشأة، دورة حياة المنتج وكذلك عمر المنشأة وخبرتها في الصناعة.
المشكلة لدينا في الممارسات الملحوظة لشركاتنا ومؤسساتنا هي أن أهم عامل في تحديد الحجم هو (العامل النفسي)، ومن ذلك تعبيران يتواجدان كثيراً في عقلية المخططين الاستراتيجيين لهذه المنشآت و الشركات.
التعبير الأول هو مقولة لماذا فلان أكبر منا ، ويتم التسابق للدخول في قائمة أكبر مائة شركة أو ألف شركة (لا يهم), المهم هو أن تبدو الشركة ضخمة وقوية وفي مصاف الشركات العملاقة حتى لو كانت أرباحها ونتائجها (خاصة النسب المالية) في خانة الآحاد أو العشرات، وصنفت الشركة من حيث الإنجازات في مصاف الأقزام!!.
الوهم النفسي الثاني يتمثل في عبارة لابد من الاستغناء عن الآخرين ، لذلك يتم حشد الأصول وتجميعها لتؤدي كل النشاطات غير المباشرة أو غير الأساسية مثل إنتاج كافة المواد الأولية والنقل و المناولة وخدمات الموظفين وبناء منافذ التوزيع وكل شيء, وتقل أو تنعدم تبعاً لذلك عمليات التوريد الاستراتيجي المعروفة باسم ال (outsourcing) و التي تتيح للمنشأة التخصص والإبداع في نشاطها الأساس وهو المحك, ومن هنا قد نجد شركة (قزمة) من حيث حجم الأصول ولكن إنجازاتها خارقة وإبداعاتها مثمرة وتأتي في اول قائمة أنجح مائة شركة.
وللحديث بقية،،،
|
|
|
|
|