| الاخيــرة
لئلا ننظر الى الظلم دون ان نبصر
لئلا نسمع دون ان نصغي لبحة الحناجر المتقيحة.
لئلا نتجرع كؤوس الركوع دون ان نميز بين مذاق الذل واستفزازات الكرامة.
لئلا نشهق ونزفر دون ان نتنفس.
علينا ألا نتعود على مشاهد الاستشهاد.
على عيوننا ألا تتعود عزلة الاخوة الفلسطينيين وهم يواجهون تكنولوجيا الاسلحة الفتاكة بالحجر.
على اسماعنا ألا تتعود عد الشهداء ومتابعة الجنائز بجزع خنوع
على ضمائرنا ألا تعود الى عادات السبات.
لقد اتمت انتفاضة الاقصى هذا الاسبوع، ثلاثين يوماً لم يمر منها يوم واحد فقط دون ان تروع أسرة على ارض فلسطين في فلذة من افلاذ اكبادها الذين تقطفهم اعتداءات العدو الاسرائيلي في ريعان الشباب.
فماذا عسانا فاعلون؟!
ماذا عسانا فاعلون اقل من ان نُبقي الجراح مفتوحة،
اقل من ألا نستسلم لخيانة النسيان، أقل من ان نصب على قروح الروح قطرات من قراح الحياة الذي يرحقونه بموتهم، حتى لا نعود الى عادة تخثر الدماء وتعطل الصمامات التي اندس فيروسها في احلامنا منذ بدء مشاريع التسوية.
لابد ان انتفاضة الأقصى تحتاج الى ذاكرة شرسة لم تسلمها سلطة الانكسارات لافيون النسيان
لابد ان انتفاضة القدس تحتاج الى ذاكرة ممشوقة لم تحفها ذكريات الحمل الكاذب.
لابد ان انتفاضة الاقصى تريد ذاكرة فتية مفعمة بماء المستقبل لم تستهلكها شيخوخة الخطابات ولم يعكفها عنفوان الهزائم.
* لقد راودتني نفسي طوال هذا الاسبوع ان اكتب في موضوع آخر من شئوننا الصغيرة والكبيرة وشجونها التي لاتنتهي, خاصة ان هذا الاسبوع الرابع على التوالي الذي اكتب فيه عن انتفاضة الاقصى، الا انني لم استطع ان اجبر نفسي على الانسجام مع حالة التراجع التي بدأت تأخذها اخبار الانتفاضة في نشرات الاخبار وفي الخطاب الاعلامي عامة.
شيء ما كان يدفعني بعناد لمعاداة عادة التعود على الفرح والامل الذي فجرته انتفاضة الاقصى في يأسنا السياسي الجماعي, فمنذ فتحت عيوني على مقاعد المدرسة الابتدائية وتعلمتُ من معلماتنا القادمات للتو من جحيم الاحتلال ان هناك أرضا عربية اسمها فلسطين يحتلها اغراب احد اسمائهم الغادرة المتعددة العدو الصهيوني ، وعلى مر مراحل الصراع العربي الاسرائيلي، لم اشعر قط بأمل حقيقي في هزيمة هذا العدو كالأمل الذي يندلع اليوم من الأكف الشوكية لأطفال وشباب انتفاضة الاقصى, انه امل حي راعف متحرك يستطيع اي منا ان يلمسه باصابعه العشرة ويراه امتداداً لعرس الجنوب اللبناني, وكما اجبر الجنوب العدو على الجلاء فان القدس لابد قادمة, فهذه المرة لاتتم المواجهة عبر حدود مكبوحة بالحسابات السياسية وانما تتم وجهاً لوجه يُضعف سلطة السياسي على المعطى الواقعي، وان كانت مواجهة غير متكافئة على مستوى ميزان القوى العسكري ولكنَّ تاريخياً الميزان العسكري وحده لم يستطع يوماً ان يحسم المواجهة لصالح الجلاد.
هل ابدو حالمة,, فليكن فليس من إنجاز عظيم تم دون سلاح الحلم.
واللحظة: بقدر ما تبدو القدس متكبرة وشامخة وحقد العدو يطوقها من الكاحل الى عظمة الترقوة,, بقدر ما تبدو القدس شفافة ومتوهجة وطيش شباب الانتفاضة يجتاح حصارها من النحر الى اخمص الاصابع وبالقدر نفسه واكثر ينكشف تواضع وغموض اللغة.
بقدر ما تتدفق شقاوات الاطفال ودماؤهم الطاهرة حارة وفوارة تغسل شوارع فلسطين من وحل الاحتلال بقدر ما تتحول الكتابة الى مايشبه نقوش امم بائدة.
بقدر ما يستمر صمود واشتعال انتفاضة الأقصى من الرماد الى الرماد بقدر ما نتيقن ان الكلمات لا تستر العورات إلا ان القدس شامخة شفافة.
انى التفتنا تلوح على مد البصر.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
|
|
|
|
|