| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة الغراء:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد:
كلهم في الهم سواء يحلمون بالهجرة الى الدول الاوروبية فرنسا واسبانيا والمانيا وحتى الدول الاسكندنافية فهم جائعون في بلادهم، جائعون يفتقرون الى الخبز والى الحرية ولذلك تحوم احلامهم حول الهجرة ان منهم عقولا منتجة ونابضة بالحياة والحضارة وهؤلاء لا ترحب بهم الدول الاوروبية فحسب بل تسعى لاصطيادهم بعروض مغرية جذابة ولذلك سمي هذا النوع من الهجرة ب(سرقة العقول من العالم الثالث).
لا اريد ان استفيض في شرح هذا النوع من الهجرة,, هجرة الادمغة، ولكنني فقط سأروي حكاية قصيرة موجزة كأنها برقية:
قبل نحو عشرين سنة عقد مؤتمر لعلماء الذرة في بلد اوروبي وذهب صحفيون لتغطية المؤتمر وكان بينهم صحفي عربي شعر بالمهانة ان يضم المؤتمر علماء من كل انحاء العالم وليس بينهم الا عالم عربي واحد في الذرة فرح الصحفي به ولكنه صدم حين اكتشف ان هذا العالم الذري العربي مقيم في امريكا منذ سنوات وانه حصل على الجنسية الامريكية واكتشف انه اي هذا العالم موضع حفاوة زملائه من كل مكان لموقعه العلمي الممتاز.
سأله الصحفي العربي حيث قال له: انت من العراق يا اخي اما كان اجدر بك ان تخدم بلدك التي تحتاج اليك بدلا من ان تخدم الغير؟
ابتسم العالم العربي في سخرية واجاب: لقد فررت من الموت في بلدي بمعجزة.
كيف؟ قال: كنت خريجا من جامعات امريكية راقية وتخصصي هو الذرة ومن قبلها الفيزياء والاحياء ولم اجد عملا في بلادي فقد وضعتني ما يسمونها ب(القوى العاملة) ناظراً للسيارة التي تلتقط القمامة ولما شكوت وتذمرت وجدت نفسي مصنفا بين الفرقة المرشحة للاعدام لاشتباه في ولائها لنظام الحكم ويسمون كل مجموعة مهيأة للاعدام ب(الوجبة رقم كذا من المتآمرين).
هربت بمعجزة حتى وصلت امريكا فرحبوا بي واعطوني مرتبا لا يحلم به وزير الاعلام العراقي الذي اعلن بنفسه اسمي ضمن الوجبة رقم كذا من المتآمرين على الثورة والشعب واعطوني فيلا وسيارة ووضعوني فوق رؤوسهم اعزازا وتقديرا فماذا ترى ان اختار؟ الموت أم الهجرة؟
هذا نوع من المهاجرين الممتازين او الادمغة التي تصطادها الدول الاوروبية او تسرقها من العالم الثالث.
وثمة مهاجرون تضيق بهم اوروبا وتعد التشريعات في فرنسا وغير فرنسا لترحيلهم الى بلادهم حتى لو كانوا مهاجرين شرعيين دعك من مئات الآلاف المقيمين بصورة شرعية واكثرهم لا يزالون يعانون من البطالة في الغربة كما يعانونها قبل هجرتهم من بلادهم.
هذا النوع من المهاجرين لا تهمهم الحرية بالقدر الذي تهمهم لقمة العيش.
يقول الامام علي كرم الله وجهه: عجبت لرجل لا يجد في بيته لقمة يعيش بها كيف لا يخرج الى الناس شاهرا سيفه؟ كل الثورات والانقلابات والتحولات الاجتماعية سببها الخبز وعندما هبت بوادر الثورات الفرنسية المعروفة خرج مئات الآلاف من المتظاهرين امام قصر فرساي يطالبون بالخبز فأطلت الملكة ماري انطوانيت المدللة الساذجة من الشرفة تسأل وصيفاتها: لماذا يصرخ هؤلاء الناس؟
فقيل لها: لانهم يطلبون الخبز.
فردت الملكة الجميلة الساذجة: اعطوهم كيكا (كعكا) اذن، وذهبت عبارتها قولا ساخرا تتداوله الاجيال.
مالك ناصر درار المدينة المنورة
|
|
|
|
|