** كلنا يعرف ,, كم كان الناس في السابق طيبين وبريئين,, وكم كانت قلوبهم نظيفة وصافية وناصعة البياض,.
** كان الناس بسيطين للغاية,, وكانت الهموم قليلة,, إن لم تكن معدومة,,وكان التناحر والتشاحن معدوماً,, وكانوا لا يعرفون شيئا اسمه الحسد والمحاسد المستشري اليوم,.
** حياتهم كلها كانت في منتهى البساطة,.
** بيوتهم مفتوحة,, ومجالسهم لا تغلق,, والوشائج تجمع كل أهل القرية وكأنهم أسرة واحدة أو بيت واحد,.
** نذكر كل ذلك ,, عندما كنت في أحد المجالس وروى أحد أصحاب الفضيلة المشايح قصة على هيئة طرفة,, وهو أنه في احدى القرى قبل عدة سنوات,, توجه الناس لأداء صلاة الاستسقاء وكلهم خشوع وخضوع للواحد الأحد,.
** قلوبهم كلها متجهة لله,, يرجون ما عنده,, وبعد أداء الصلاة ومع الحماس والتضرع لله,, قام بعضهم برمي غترهم وشمغهم وطواقيهم في المحراب,, متوجهين لله ألا يردهم خائبين,, وألا يرد طلبهم.
** كانوا بريئين للغاية ,, وكان تصرفاً يعكس حجم طيبة وبراءة هؤلاء الذين أرادوا التعبير عن تذللهم لربهم وخشوعهم وتضرعهم بهذه الطريقة التقليدية,, لأنهم لا يعرفون غيرها,.
** كانت أعينهم تدمع,, وكانوا كلهم على قلب رجل واحد,, يرددون ,, يا الله,, يا رزاق يا كريم يا مغيث لا تردنا خائبين.
** يقول الراوي,, وما أن خرجوا من مسجدهم حتى تلاقت الشعاب سيلاً جارفاً أغاث هذه القرية طوال العام,.
** ومع تحفظنا على الطريقة تلك,, هل هي شرعية أم لا,, لكنهم أرادوا التعبير عن انكسارهم امام خالقهم بطريقتهم ,, فعلم الله ما في قلوبهم فأغاثهم,.
** ويقال,, ان الشاعر المعروف محسن الهزاني,, متى اجتمع أهل القرية للصلاة,, تركهم أياما ثم ذهب بعد ذلك بالفقراء والمساكين والمعوزين والأطفال,, فأقام صلاة استسقاء وتضرعوا للخالق جلت قدرته,, فعلم سبحانه ما في قلوبهم فأغاثهم وعندها,, ينهمر الغيث في كل مكان,, وكلنا,, يعرف قصيدة الهزاني,, ويعرف قصتها,.
** وفي بعض القرى,, يتذكر البعض,, أنه عندما يهمون بإقامة صلاة الاستسقاء,, يقوم بعضهم بجمع بعض الحبوب والتمور قبل الصلاة,, ثم يجمعونها ويفرقونها قبل أو بعد الصلاة على المحتاجين والفقراء,.
** إنها صور من صور بساطة الناس وخشوعهم وخضوعهم وتذللهم لربهم والرجوع والعودة إليه,, بقلوب كلها صفاء ونقاء وتجرد لله.
** أما اليوم,, فماذا عن القلوب التي تصلي الاستسقاء؟
** إنهم يهتمون بنوع السيارة,, ونوع الثوب,, ونوع البشت,, ونوع الساعة,, ونوع الكبك,, ونوع الحذاء قبيل الذهاب للصلاة,, ومتى كبر للصلاة دخل في دوامة التفكير في مشاكل الحياة,.
** بل ان البياجر والجوالات تلعلع هنا وهناك,, وبعضهم يطالعها ثم تتغير ملامح وجهه,.
ليتضح ان صفقة تجارية ستفوت عليه خلال هذه الدقائق اليسيرة,, هذا الذي هداه الله وقام للصلاة,.
** أما الخايسون في فرشهم,, فهم الأكثر,, وأما الذين لا يعلمون عن صلاة شيئاً,, فهم أيضا,, كثيرون.
** أما عن القلوب فلا تسأل,, وأما عن العصاة والفسقة والمخالفين فلا تسأل أيضا,.
** وأما عن الذين يبلعون ويلهطون فلا تسأل ولا تقل حتى برِم .
** من هو الذي يحافظ على كل الفرائض ولا ينسى صلاة الفجر مع الجماعة؟
** من هو الذي يحافظ على السنن الرواتب؟
** من هو الذي يصوم الاثنين والخميس,, ومن هو الذي يصوم البيض؟
** من هو الذي يؤدي زكاة ماله بكل دقة ويتصدق؟
** من هو الذي لم ينس أرحامه؟
** من هو الذي قلبه معلق بالمساجد؟
** من هو الذي يرتاد مكة المكرمة والمدينة المنورة؟
** من هو الذي يملك لساناً رطباً بذكر الله؟
** من هو الذي خلا قلبه من الغل والحقد والضغينة؟
** من هو الذي يعرف جاره ولو مجرد معرفة؟
** ومن هو الذي يتعاهد القرآن ولا يهجره؟
** ومن هو الذي يحفظ جزء عم على الأقل؟
** ومن هو الذي يسلم من الربا,.
ومن هو الذي لا يكذب ولا يغش؟
** ومن هو الذي يراقب الله في كل صغيرة وكبيرة ,,, ؟
|