| الاقتصادية
يعلم الجميع بأن عالَم اليوم يعيش في عصر متغير سمته الأساسية الديناميكية والتجديد والتحديث والتطوير المستمر,, وقد بلغت فيه طموحات الإنسان المنتج الواعي الى حد غزو الفضاء الخارجي واكتشاف ودراسة حقائق الكواكب المحيطة عبر صناعات آلية عالية الجودة، اضافة الى كل التقدم العلمي في مجال الإدارة والتقنية والمعرفة ونظم المعلومات، والاتصالات،والأقمار الصناعية، والحاسب الآلي والإلكترونيات الدقيقة.
هذا التطور والتغير والتقدم السريع في وسائل ومرافق الحياة المختلفة إن لم يواكبه ويسايره تطور في عقليات المسئولين والمتخصصين الذين يمارسون العمل الإداري بمختلف مناقبه اتسعت الفجوة وكبر حجم الفراغ بين المعرفة الحالية المتحصل عليها من لدن المحسوبين على القوى العاملة الإدارية وبين الآفاق المتقدمة والسريعة التي وصلت اليها المعرفة في مجال اعمالهم وتخصصاتهم,, وصار بالتالي الجمود والتخلف سمة وإرهاصاً وديدناً لواقع الإدارة في المجتمع.
إن هنالك بكل أسى نماذج للمسئولين الإداريين لايعيرون اهتماماً وانتابهاً حقيقيين للتنمية الذهنية والتطور الذاتي,, يفقدون الطموح والرغبة والدافع الشخصي,, او يقفون في منتصف الطريق المؤدي للتبصر بأنفسهم وسلوكهم,, يسيرون الى الامام او يتجهون إلى الخلف وفقاً لقوة الدفع التي يجدونها من الآخرين ايجاباً وسلباً.
إن عملية التطور الذاتي للمسئول الإداري يمكن ان تتحقق عن طريق تقوية دافع الإنجاز عنده,, أي تعميق الرغبة في اداء الاعمال وتحقيق الاهداف بأقصى سرعة وعلى اكمل وجه ممكن, وبذلك فإن التفوق في التفكير الانجازي هو في حقيقة الأمر أهم سلاح يحمله المسئول وهو ايضا ابرز ماينبغي ان يتم التزود به.
لقد أكد الفكر الإداري على أهمية وضرورة تطوير المسئول لذاته اولاً ليكون عوناً ومدخلاً ودافعاً له على تطوير عمله وتنمية جهازه ثانياً,, وهناك تأكيد على مسألتين في هذا الأمر,, هما:
* تعميق الاهتمام بالنتائج وذلك بالالتفات الىنظرة مستقبلية بعيدة وعميقة بشأن الاهداف الشخصية للمسئول واهداف التنظيم وكيفية تحقيقها,, وهنا يتحول التفكير الذهني للمسئول من نظرة ضيقة منشغلة بالوسائل والأساليب والإجراءات الآنية المستخدمة الىنظرة افق متسعة للاهداف والسياسات عبر منظومة فكرية وإدارية متقدمة.
* تحويل عوامل القوة المتوفرة الى نتائج، وذلك بالاعتماد على التعلم من خلال العمل، والتنمية من خلال الممارسة، والتطوير من خلال التفكير,, وعندما يتم هذا التحول فإن المسئول مطالب بأن يبرمج ويوائم أهدافه وطموحاته مع احتياجات التنظيم، ومقدراته الذاتية مع نتائج التنظيم، وإنجازاته الشخصية مع الفرص المتاحة له.
من هنا، يبدو لزاماً على المسئول الإداري الحصيف ان يجري تقويماً متكاملاً لموقفه متحسسا جوانب القوة والضعف فيه,, ويحدد بدءاً الى اين يريد ان يصل,, وماهو المطلوب منه حتى يصل الى مايصبو اليه,, وكيف يمكن ان يقوم بالمطلوب منه على الوجه الافضل, ان معنى هذا أنه مطالب بان يفحص ويحدد اهدافه وسياساته، ويبين اساليب تحقيقها، ويتفهم عوامل القوة عنده من أجل توظيفها لصالح عمليات التطوير، وكذلك يتقصى مواطن مقاومة التغيير ليدرك خلفياتها ويعمل على إزالة اسبابها, اذاً الجهد التطويري ليس عملاً عشوائياً لا يسبقه تخطيط ولا يقوم على اساس ودراسة,, بل لا بد من التخطيط السليم ولا بد من الصبر والمثابرة والاستمرار في هذا الجهد وفقاً لبرنامج عمل مرسوم ومدروس, ولقد برهنت التجارب ان معظم المسئولين والمتخصصين الذين حققوا التنمية والتطوير لذواتهم ولأجهزتهم كان لديهم الإصرار على السير قدما والاستمرار في التعلم لتحقيق النجاح, وكانت لديهم القدرة على تغيير المواقف لصالحهم اعتماداً على انفسهم,, والشجاعة في مواجهة المشاكل بثقة كبيرة.
إن الفكر الإداري المعاصر يؤكد على ان الجهاز الإداري يستمد كفاءته وقدرته على الإنتاج والعطاء من كفاءة وقدرة الإنسان المسئول الذي يجلس في قمته ويعتلي ناصيته ويقود دفته,, وأن الأداء الفاعل من قبل التنفيذيين إنما هو أساس الجهاز الذي يدار بكفاءة واقتدار,, كما ان فاعلية أي جهاز تقاس بنوعية العاملين فيه ومدى إدراكهم للأدوار المطلوبة منهم, إن لهذه النظرة الإدارية المتقدمة معاني عدة,, لعل أبرزها انها تعترف عملياً بأهمية وجوب التحديث والتطوير والتجديد في مجمل مناشط العمل بما فيها قوى القيادات ,, وتستلزم الحضور الذهني المستمر والاستعداد الوجداني والتفكير العقلاني لدى القيادات المسئولة لدفع الإنتاج الى الأمام في صوره الكمية والنوعية,, والتعامل بروح ايجابية خلاقة مع المتغيرات المستجدة في مختلف حقول المعرفة الإدارية في جوانبها النظرية والتطبيقية.
|
|
|
|
|