أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 1st November,2000العدد:10261الطبعةالاولـيالاربعاء 5 ,شعبان 1421

الثقافية

الكاتب العربي الدكتور كاظم موسوي في حوار لـ الجزيرة
اختيار الرياض عاصمة ثقافية يؤكد عمق الثقافة السعودية
* القاهرة مكتب الجزيرة شريف صالح
د, كاظم موسوي مثقف عراقي عاش نصف عمره في المنافي ما بين السويد ولندن ,, في السويد أصدر مجلة الجسر ليحقق التواصل بين الثقافة السويدية والعربية، وفي لندن بدأ في المشاركة في بث قناة فضائية اسمها المستقلة لتحقيق مزيد من الحوار بين المثقفين العرب في الوطن والمنافي,, التقينا بالدكتور كاظم في حوار حول هموم المثقفين في المنفى ورؤيته للثقافة في الخليج على نحو خاص، وكذلك الجانب الإبداعي في حياته والذي يتوارى كثيراً في زحام العمل الإعلامي.
عمل إبداعي وحيد
* ألست معي أن عملك الإبداعي تأخر كثيراً,, وأنك ابتعدت عن الإبداع سنوات طويلة؟
في الحقيقة بداياتي كانت أدبية ثقافية حيث كتبت الشعر ونشرته في مجلات عربية ولبنانية كما مارست النقد الأدبي وعملت كمحرر ثقافي في بداية السبعينات, ولعل انغماسي في العمل الصحفي والسياسي جعلني لا أتفرغ للإبداع, وإن كنت أعتبر عملي السياسي عملاً إبداعياً لأنه يحتاج أيضا لمواصفات المبدع, ولعل انشغالي بالكتابة السياسية مرده إلى أنني تركت وطني في أواسط السبعينات ولم أعد إليه طيلة هذه الفترة,لكن هذا لا ينفي أن لي أكثر من مخطوط أدبي وكتابات نقدية ودراسات في الثقافة والأدب لكن لم يتوفر لي إمكانية نشرها حتى الآن، ويكفي أنني أعددت الرواية للنشر منذ عام 1984م ومع ذلك لم أستطع نشرها إلا عام 1996م.
* في روايتك المعنونة ب الجبال: يوميات نصير في كردستان هناك شعور بأنها تحتفي بالقضايا الكبرى وما يعتبره البعض شعارات على حساب جماليات فن الرواية ,, ما تعليقك؟
من المفترض أن القضايا الكبرى تسهم في إغناء العمل الأدبي، لكن أحيانا مشاغل المساهم في القضايا الكبرى تشغله من أن يتفرغ للكتابة، فيحاول الالتفاف حول الموضوع بكتابة مذكرات أو يوميات كتسجيل توثيقي للأحداث التي يظن المرء أنها مهمة للأجيال التالية أو لمن لم يساهموا فيها, لقد وجدت أن مهمتي ككاتب وصحفي ان أعبر عن تلك التجربة التي عايشتها في كردستان من سبيل القضية الوطنية, وهي تجربة غنية تحتاج إلى أكثر من كتاب.
وتظل الوثيقة هي الوثيقة حيث تعتمد على الواقع والحقائق وإن كان هذا يؤثر على الشكل الجمالي والشكل الفني للنص, وأرى كموقف نقدي أنه ينبغي أن يكون النص التوثيقي مبثوثاً بطريقة فنية تعتمد على لغة روائية وعلى نص إبداعي يغني الجوانب الفنية.
مصادر التكوين
* إذا تكلمنا عن المصادر التي ساهمت في تكوينك كمبدع وكاتب,, ماذا تقول؟
بالتأكيد لا يبدع أي كاتب دون خلفية كبيرة من القراءة والاطلاع والتأثر بما يقرأ, ولأنني من عائلة دينية فقد ولدت في بيت به مكتبة كبيرة تضم عدداً من الكتب في التراث الإسلامي، والعربي، منها دواوين أبي الطيب المتنبي وأبي العلاء المعري وكتاب نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب، وفوق هذا كله قراءة القرآن الكريم يومياً, ولكنني عندما كنت أكتب الشعر لم تكن القصيدة انفعالاً لقراءة كتاب ما وإنما كانت انفعالاً لتجربة حياتية سواء عاطفية أو سياسية,, أيضا الكتابات النثرية التي كتبتها كانت بعد تجربة ما مثل كتاب الجبال.
* وهل هناك أدباء معينون تركوا بصمة عليك ككاتب؟
من الصعب أن أتذكر أسماء لأنني بصراحة أقرأ يومياً ما يعادل مائة أو مائة خمسين صفحة من كتب أدبية وسياسية,, لكني في الفترة الأولى من حياتي قرأت لتشيكوف وتولستوي وماياكوفسكي وهمنجواي وماركيز وناظم حكمت وأندريه جيد وغير ذلك من الأدب الإنساني الذي كان يترجم وكنا نتناقش حوله مع الأصدقاء، بالإضافة إلى أدباء العراق مثل البياتي والسياب وسعدي يوسف وآخرين.
* بحكم عملك الصحفي في المهجر ما مدى متابعتك للإبداع في الخليج؟
عندما كنت رئيسا لتحرير مجلسة الجسر في السويد، وبحكم مهنتي كنت أقرأ باستغراق ما يصلني من كتابات ومن مجموعات أدبية,, كما أنني أتابع الملاحق الثقافية للصحافة الخليجية وأجد من حين لآخر نتاجيات خليجية أفرح بها,, أفرح أن هناك شعراء وشاعرات يعيشون في الخليج ويكتبون بهذه الصيغة, أو يكتبون هذه النصوص والإبداعات التي لا تقل ولا تختلف عن إبداع أشقائهم في البلاد الأخرى.
ألاحظ أن المعدلات قد تغيرت، فالذي كان في الأطراف يتحرك ويتطور على نحو أفضل وثمة حرية في الإبداع أكثر مما كان يحسب للمركز من قبل ,, من هنا لا غرو أن تتخذ منظمة اليونسكو العواصم الخليجية كعواصم ثقافية للوطن العربي، كما حدث مع الشارقة في العام الماضي والرياض هذا العام والكويت في العام المقبل, وأتمنى ان تدرس تجارب هذه البلدان بما سبقها من عواصم وأن يجري العمل فعلاً لخدمة الثقافة العربية والإسلامية، وأن يبذل الجهد لإعطاء حرية أكبر للمثقف كي يعبر عن الواقع الذي يعيشه وخاصة ان العالم اصبح مكشوفاً بعد ثورة الاتصالات ودخول القنوات الفضائية كل البيوت, كذلك بعد الإنترنت ووسائل الاتصال الأخرى.
كما آمل ان يحترم المثقف والكاتب في حياته وليس فقط بعد وفاته، وأن يحظى المنتج الثقافي بمكانته اللائقة.
* وماذا عن الأنشطة والإصدارات والأسماء التي لفتت نظرك في الخليج؟
طبعا هناك أسماء عرفت عربياً وقرأت لقسم منهم مثل: سيف الرحبي من عمان وقاسم حداد من البحرين وعبدالعزيز الفالح في اليمن، وفي السعودية هناك علي الدميني،كما لفت انتباهي في السعودية أن تصدر مطبوعة اسمها النص الجديد تجمع فعلاً نصوصاً جديدة وكتّاباً متنوعي المشارب وفيها جهد ثقافي حقيقي، لكن للأسف لم يبرز ويعطى حقه عربياً, كما وصلتني أعداد من إحدى المجلات التي تطبعها رعاية الشباب بالمملكة وهي أيضا تهتم بالنقد والإبداع.
بالإضافة إلى مجلة نزوى التي يرأس تحريرها سيف الرحبي وتصدر في عمان والعربي الكويتية والمنتدى الإماراتية وكلها مجلات تؤكد ريادة المطبوعات الثقافية في الخليج حالياً.
الثقافة جسر للتواصل
* أيعني هذا إمكانية ان تلعب الثقافة دوراً لمد الجسور بين مختلف الدول العربية؟
هذا ما تبقى لنا من حلم,, لأن المثقفين هم حراس وضمير هذه الأمة وعليهم أن يلعبوا دورهم الحقيقي في تجسيد العلاقات بين الشعوب من خلال كتاباتهم أو عقد الندوات والمؤتمرات للتعبير عما يعانيه المواطن العربي من هموم, تبقى لنا الثقافة كحق أخير للمقاومة ومن الهجوم الثقافي الآتي تحت لافتة العولمة, خاصة انه يحدث أحياناً استغلال للمؤسسات العربية ومراكز الأبحاث أو بعض المؤسسات الإعلامية لتبث أهدافاً معادية للتوجهات العربية رغم أنها للأسف تعتمد على أموال وأقلام عربية!! ما يتبقى لنا هو المثقف العربي بأصالته الحضارية وبمدى وعيه بالمتغيرات والمستجدات,وأطمح ألا تتحول المؤتمرات والمنتديات إلى مهرجانات للدعاية أو لتبادل المنافع الشخصية وأن تظل دائما نافذة لطرح المثقف والمبدع الحقيقي القادر على ان يشعل شمعة نواجه بها الظلام.
الهجرة إلى الشمال
* باعتبارك أحد مثقفي المنفى والهجرة إلى الشمال,, ألا يعد العيش في دول أوروبا نوعاً من الهروب؟
هجرة المثقف العربي إلى أوروبا ليست جديدة ولكنها زادت في السنوات الأخيرة بشكل كبير وبما يشكل ظاهرة حقيقة الآن,, فكل مدينة أوروبية تضم عشرات أو مئات من المثقفين العرب، ،كلهم طاقات تقدم خلاصة ما حصلت عليه وما صرفته الدول العربية من مال وجهد لإيصال هؤلاء المثقفين إلى هذا المستوى من الثقافة والإبداع والعلم, فهجرة هذه العقول هو نزف مؤلم للمستقبل العربي, وحين نتابع أعدادهم الكبيرة في منافي أوروبا نشعر بالخسارة الكبيرة, ولكن على الجانب الآخر توفرت لهم مساحات واسعة من الحريات ومن مصادر البحث بحيث أبدع هؤلاء إبداعات سجلت لهم، وليس ببعيد ما حصل عليه العالم المصري في السنة الماضية وأعني الدكتور أحمد زويل الفائزة بجائزة نوبل هذا نموذج وهناك كثيرون في الفضاء والذرة والطب وغير ذلك.
هناك وجه إيجابي آخر يتمثل في روابط الأدباء والمثقفين العرب والتي تضم اعداداً غير قليلة وتصدر كتباً ومجلات مثل الاغتراب الأدبي التي تصدر في لندن وكذلك ثمة مجلات تصدر في هولندا والدنمارك وأمريكا ومجلة ألواح في مدريد، وهي مجلة فصلية تكتب حول موضوع عربي ويحررها كتّاب عرب في المنافي.
كذلك هناك مثقفون عرب يترأسون أقساماً تهتم بدراسة ومعالجة شؤون الوضع العربي, وبالطبع تتنوع أسباب الهجرة وليست جميعها هروباً، فهناك أعداد من الباحثين سافروا بمحض رغبتهم وبجهودهم المادية, كما أن هناك من سافر تحت ضغط القمع الذي يتعرض له من بعض الأنظمة حيث اضطر للعيش في ظروف قاسية وهؤلاء المنفيون الآن اعدادهم غير قليلة وتشعر في إبداعهم بمرارة الاغتراب, حيث يعيشون على الذاكرة وعلى مخزونهم الثقافي.
هناك أيضا طائفة من المبدعين العرب يكتبون الآن في المهجر بلغات أجنبية مثل أمين معلوف اللبناني وأهداف سويف الكاتبة المصرية التي رشحت العام الماضي لأكبر جائزة بريطانية للإبداع, ولك أن تستغرب ان هناك في اسبانيا كاتباً شهيراً من أصل لبناني هو رفيق معلوف وكذلك تحتفي استراليا بكاتب بارز من أصل عربي قدر احتفائنا بنجيب محفوظ, وهكذا تتعدد أسباب الهجرة وتتراوح ما بين الكره والاختيار!!
أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved