أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 1st November,2000العدد:10261الطبعةالاولـيالاربعاء 5 ,شعبان 1421

الفنيــة

عبدالعزيز الحماد بكل صراحة:
لن يجتمع الفنانون الكبار إلا بهذه الطريقة
نحن لسنا في حاجة للرقيب
* حوار: عبد الرحمن اليوسف
عبدالعزيز الحماد اسم لامع منذ ما يزيد على ثلاثين سنة، ولايزال ذلك الاسم الذهبي,, برز في عدة أعمال درامية وشارك في أكبر الأعمال الدرامية, اقترن اسمه بالدراما والفن التشكيلي والكتابة.
قدم أجمل لوحاته، وخط أروع إبداعاته, أمسك بالكاميرا والريشة والقلم ونصب خيمته في عمق الوطن ليصور الوطن ويرسم الوطن ويكتب الوطن, عندما مثل تحدث عنه الكثير وعندما رسم تحدث عنه الكثير وعندما كتب تحدث عنه الكثير أيضا, وهو صامت وهنا قرر الحماد ان يتحدث فكان حديثه معنا وعلى صدر صفحتنا.
* لفت نظرنا حضوركم لمؤتمر السينما الخليجية في البحرين, وهذا يدفعنا لأن نسألك عن حظ السينما في الخليج عموماً وفي المملكة خصوصا؟
لاتوجد صناعة سينما في الخليج, وهناك تجارب كانت في الكويت عن طريق فيلم بس يابحر والصمت وتعتبر تجربة متواضعة جداً ولا تعتبر قاعدة.
وهناك شيء آخر وهو المشاركة الخارجية التي تخضع لعدة عوامل منها ان العمل يحتاج الى شخص ما بمواصفات معينة من مكان بعيد او بلد معين ونحن لدينا فكر ولكن لاتوجد لدينا صناعة وهناك بلدان لديها صناعة ولكن ينقصها الفكر, ونحن بكل ثقة في المملكة والخليج لدينا فكر جميل جداً وعمق ثقافي وموروث ومواضيع سينمائية لاتزال تعيش في مخيلة الناس خصوصاً الكبار ولاتحتاج الى بحث واستخراج انما هي تجارب موجودة لدينا تستحق ان تكون اعمالاً على شاشة السينما.
وأنا لا أرى بوادر صناعة سينما في القريب العاجل صحيح أن هناك حديث عن صناعة السينما وهناك نوايا جيدة وأيضاً أفكار ولكن من يعلق الجرس وهناك مشروع لإنتاج أول فيلم روائي سعودي وقد قمت أنا بكتابة المعالجة ولايزال لدي وسوف يتولى الأستاذ صالح الفوزان أمر هذا الفيلم.
* ماالذي نحتاجه لصناعة السينما في المملكة؟
الكوادر المتخصصة التي تبدأ من السيناريست الى المخرج السينمائي.
صناعة الفيلم هي صناعة دقيقة تحتاج الى مهارة وتحتاج الى ناس متخصصين في هذا العمل, صحيح ان الورق هو الأساس ولكن من الذي يستطيع ان يحول هذا الورق الى حياة على الشاشة او على الشريط السينمائي، وهناك أناس لديهم قدرة على جلب المتخصصين ولكن تبقى المشكلة هي عدم وجود الحرفة لدينا.
* هل هناك فرق بين الكتابة للسينما والكتابة للتلفزيون؟
سيناريو الفيلم لا يختلف عن سيناريو المسلسل إلا في ان الفيلم أقصر سيناريو, وأطول فيلم ستكون مدته ثلاث ساعات لكن المسلسل يتكون من أكثر من عشر حلقات على الأقل, والفكرة تبدأ من معالجة الموضوع أنت تحول الفكرة وتعالجها معالجة درامية ثم تلغي حساب الزمن والقضايا الأخرى وتصهرها مع بعضها ثم تحول هذه المعالجة الى سيناريو وحوار أي رؤية وحوار, في النهاية يخرج لك سيناريو وحوار وهذا مايحدث بالضبط في التلفزيون ولكن العمل سيختلف اختلافا كليا على الشاشة.
* انت شخصيا مررت بعدة مراحل في الدراما السعودية فمن مرحلة الظهور الى مرحلة المسايرة ثم انتهيتم في مرحلة الانفتاح الكامل على العالم العربي كيف ترى مسيرة الفنان ومسيرتك انت شخصيا عبر هذه المراحل؟
بلا شك أن أي انتاج درامي دائماً يواكب العصر الذي هو فيه ويواكب حالة العصر والمستوى الثقافي والمستوى الاجتماعي لأن العمل الدرامي جزء من النسيج الثقافي الموجود في البلد وفي البدايات كان أسلوب الطرح مختلفا ولو قدمته الآن فلن يجاز رقابيا, هذا الاسلوب يعتمد على العفوية والانطلاق والعاطفة وهذه المرحلة العاطفية انتهت, وفي المرحلة الثانية بدأنا بمراجعة أوراقنا وفي تلك المرحلة خرجت أعمال أخرى على المجتمع ولم يعد الممثل وحده في الساحة فهناك أعمال كثيرة من هنا بدأت الأزمة فكل ممثل أصبح يسأل نفسه ماذا أريد أن أقول؟ ومن سيشاهد هذا العمل؟ وبدأ الممثل يفكر في المتلقي ومن ذلك الوقت انكشفت امام الفنان عوائق كثيرة مثل الرقابة وهذه المرحلة حدت من إنتاج الفنان فصار الفنان يسأل نفسه الف سؤال قبل ان يقدم على اي عمل، بعد هذه المرحلة جاءت مرحلة الانفتاح العالمي وأصبح العالم قرية صغيرة فأنت في منزلك تستطيع أن تشاهد العالم كله, من هنا أصبج امام الشخص ثقافات متعددة وصار المشاهد يطلب الكثير وأصبح غير مستعد للوقوف امام إنتاج ما ليقول هذا الإنتاج يمثل مجتمعا معينا له ظروفه وحياته.
ومن هذا المجال بدأنا نفقد كثيرا من المتلقين فقد تكونت عندك طبقة ثقافتها ليس من المدرسة او الجامعة إنما هي ثقافة فضائية جديدة فرضت نفسها بقوة ولها مرغبات قوية, بينما نحن في توجهنا في أعمالنا الدرامية أو الأدبية محكومين بقيم وخط كلنا نسير عليه ربما توجهنا هذا لايعجب ولا يجذب الناس الذين انفتحوا على الإبداع السريع الذي يحمل الكثير من المغريات لكننا لانزال نسير في خطوات متوازنة.
* قدم كثير من الفنانين العرب قديما شخصيات معينة واشتهروا بها ومايلاحظ الآن غياب هذا التوجه عند الممثلين العرب عموماً كيف ترى حظوظ هذا الأسلوب في هذا العصر؟
أعتقد ان الممثل صفحة بيضاء لاقطة لكل شيء والممثل هو كل شيء.
وكون الإنسان يحصر نفسه في شخصية واحدة فهذا يعني انه انتهى والامثلة كثيرة, والقضية ان المتلقي هو الذي يحكم على العمل, فمن الذي يقول ان هذا الكاتب عظيم او هذا الممثل كبير؟ إنه المتلقي اما المبدع فلا يستطيع ان يقول ذلك لانه لايستطيع ان يحكم على نفسه.
وعندما يضع الممثل نفسه في كاركتر معين او شخصية معينة فإن الجمهور لن يتقبله في شيء آخر, والأمثلة كثيرة ففي مصر مثلا هناك فنانون عاشوا فترة ثلاثين أو اربعين سنة يعملون لكن لم يسند لهم دور بطولة ولو لمرة واحدة, ودائما تجدهم في أدوار ثانوية، والفنان يقدم العمل ويحاول من خلاله ان يقنع المتلقي بانه عمل جيد لذلك تجد منتج العمل لايغامر بإسناد الدور المتمثل تعود عليه الجمهور في شخصية معينة لأن الجمهور لن يتقبله في شخصية أخرى, وأنا أعتبر حصر الفنان في شخصية معينة من أخطر الأمور على الفنان.
* يشكو الكثير من الفنانين من ندرة الكتاب في المملكة مع ان الساحة الأدبية مليئة بالمبدعين كيف يحدث هذا؟
مثلما قلنا ان السينما صناعة ايضا نقول ان التلفزيون صناعة والكتابة للسينما والمسرح والتلفزيون حرفة، وهي ليست مسألة إبداع لا فهناك الكثير من المبدعين ولكن تنقصهم الحرفة وطرق المجال.
ونحن في المملكة لدينا كتاب وقاصون ولكن تنقصهم الحرفة فمثلاً هل يستطيع نجيب محفوظ الذي حاز على جائزة نوبل أن يكتب سيناريو سهرة مدته ربع ساعة؟ طبعا لا ولكن هذا لايعني انه ليس كتابا عظيما, ونحن هنا ينقصنا الحرفة في كتاب السيناريو لأن الكتابة التلفزيونية غير الكتابة للمسرح او الإذاعة او السينما ولكل مجال لغته واسلوبه, ونحن لدينا الكثير من الاعمال الادبية تنتظر من يحولها الى لغة تلفزيونية او سينمائية او مسرحية.
* كيف تتم عملية اختيار الفنانين لأداء الأدوار اذا كان المتخصص في ذلك غير موجود؟
نأخذ الأمر بخصوصية أكثر فنحن في المملكة ليس لدينا معاهد وجميع العاملين في المجال الدرامي هم في الاساس هواة يحبون هذا المجال ويتمنون ان يتركوا بصمتهم وهم يتعاملون مع مسألة الاختيار تعاملا جيدا فالعمل هو الذي يفرض عليك الاختيار واعني الفكرة والشخوص.
فأنت امامك فكرة مكتوبة هذه الفكرة يطرحها شخص على الشاشة او المسرح.
وعندما تقرأ هذه الشخوص والتوجهات يظهر لك شخص معين وعلاقته مع الآخرين وتركيبته وغير ذلك, هنا يظهر لك ان الفنان الفلاني يصلح لتمثيل او لتجسيد هذه الشخصية وهذا من واقع الخبرة العملية لدى القائمين على الاختيار والشخص الذي يختار غالبا ما يتوسم في الممثل الفلاني الشخصية وقد يكون الممثل لم يسبق ان ادى شخصية مشابهة لتلك الشخصية المطروحة وهنا يأتي دور الخبرة في الاختيار, وهناك امر آخر وهو ان الاعمال لدينا في الغالب لاتتم بشخوص على مستوى عال وإذا كان هناك 50% من الشخوص على مستوى عال فهذا ممتاز ولكن الغالب ان العمل الواحد تجد فيه ثلاثة او اربعة ممثلين لهم تجربة والبقية تكملة عدد.
* لماذا لانرى جميع فناني المملكة الكبار في عمل واحد؟
معظم الفنانين الكبار اصبحوا منتجين، وهنا أصبحت العملية حسابية لذلك لايستعين الفنان المنتج بزملائه من جيله لان الامر سيكلفه ماديا, ايضا لايوجد نص قوي يجعل الفنان المنتج يستعين بزملائه الكبار، والنص يجب ان يكون قوياً لكي يجتمع كبار الفنانين من غير الممكن ان يجتمع الفنانون الكبار على عمل يستطيع اي فنان ان يؤديه, وأيضا لايوجد لدينا منتج كبير او شركة إنتاج كبيرة لاستكتاب الاعمال الراقية ولإنتاج الاعمال الكبيرة والاستعانة بالخبرات, ولذلك تجد معظم الأعمال تحوي اسمين او ثلاثة اسماء كبيرة والبقية من الشباب الهواة وهؤلاء إن شاء الله سوف يصبحون كبارا في المستقبل عن طريق تجاربهم وهذا هو السبب فقط لاغير.
* مع انك فنان تشكيلي إلا اننا لانلاحظ بصمتك كفنان تشكيلي على الكادر او على الخلفية في شاشة التلفزيون؟
اولا انا في اعمالي ممثل فقط ولست منتجاً او مخرجاً والممثل لايستطيع ان يفرض رأيه في سير العمل.
وانا معك ان الكادر يجب ان يكون لوحة تشكيلية والمشكلة أن المسألة تجارية بحتة والعمل الوحيد الذي يحكي للمشاهد ويقول لم يصرف المنتج علي هو العمل التلفزيوني ولايحتاج الشخص ان يكون مثقفا ليعرف ان العمل فقير فهو امامه ويشاهده ولأن كل شيء له تكلفة يضطر بعض المنتجين لتقليل الادوات المستخدمة وهذا هو الفقر الانتاجي والمنتج يريد ان يوفر مبلغا من المال وهذا من حقه, ولايستطيع احد ان يطالب المنتج اذا كانت ميزانية العمل متواضعة, وهناك قضية اخرى وهي انه لايوجد مقياس فليس من العدل ان يعطى المنتج الذي يتكلف في أعماله والآخر الذي يصور في غرفتين أو ثلاث بسجادة مهترئة نفس المبلغ وهذا نوع من الإحباط، وهنا يكمن دور المسؤولين في عمليات المدفوعات.
* هل الإعلام يضع اعتباراً لتكاليف العمل وأجور الممثلين بتصنيف معين ,,,, ؟
لا شك أن الإعلام يأخذ في الحسبان تصنيف الفنانين وأجورهم فهذا من الصف الاول من اصحاب التجربة الفلانية وهكذا، وهذا معروف فمهما كان فالاجر يختلف فالممثل الناشئ والهاوي له وضع والمحترف صاحب الخبرة له وضع, واصلا الممثل الكبير سيوفر عليك الجهد والمال فأنت تعطيه الفكرة وهو ينفذها اما الهاوي فستتعب معه وتخسر عليه.
* معظم الاعمال الفنية اصبحت تجارية مما جعلها تفقد بعضا من اساسياتها كفن ,,, ؟
مسألة التجارة ليست عيباً وهناك أعمال كبيرة ورائعة, وهي في الاساس تجارية, والمهم هو الا تطغى التجارة على مستوى الإنتاج.
وإذا كان ربح المنتج اقل كان العمل افضل فمثلاً ان تربح 15% يختلف عن ربح 75% ويعني ان الانتاج سيئ جداً, ولايوجد شخص يتبرع بماله لإنتاج عمل رائع.
* كيف يستطيع المنتج ان يرمي 75% في العمل؟
يصور في مواقع محدودة ورخصية وغير مجهزة تجهيزا كاملا ويتعاقد مع مخرج رخيص يأخذ اقل عدد ممكن من العاملين هذه تعتبر جميعها توفيرا, هنا يتضح على العمل الفقر الإنتاجي.
* ما دور الرقيب الذاتي فيما يقدمه عبدالعزيز الحماد من اعمال وهل هو دائم الحضور معه؟
أعتقد ان كل إنسان ينطلق وداخله رقيب, وكلنا تربينا على اسس ومبادئ معينة وهذه اساسيات فأنا أقول اننا مادمنا هكذا فلا نحتاج الى رقيب لأننا جاهزون تماماً لهذا الشيء ونحن رقباء على انفسها فنحن لسنا من كوكب آخر لانعرف الصح من الخطأ.
والرقيب الذاتي دائم الحضور عندما تمسك قلمك او حتى عندما تتحدث في مجلس ما او عند اولادك والرقيب هو مجموعة المثل والاشياء التي تؤمن بها وهذا هو الرقيب الذي يملي عليك كل تصرفاتك.
* عبدالعزيز الحماد موظف حكومي وفنان تشكيلي وممثل وكاتب, كيف يجد الوقت لكل هذه الوظائف وكيف يوفق بينها وبين دوره كأب؟
هي وظيفة واحدة والبقية ليست وظائف اعتقد ان الله سبحانه وتعالى عندما خلق عباده لم يضع محدودية لشخص معين، الله سبحانه وتعالى اعطاك العقل وترك لك حرية الاختيار إما ان تستخدمه بالشكل الصحيح وهذا جيد أو ان تستخدمه بشكل سيئ هذا مردوده سيئ بلا شك.
وأنا استغرب حقيقة من سؤال الناس كيف يستطيع شخص واحد ان ينجز عدة اعمال؟ وهذا خطأ, اما السؤال الصحيح فهو لماذا لايفعل وهو قادر على ذلك؟ وما دام لديه الاستعداد والامكانية للعمل لماذا لا يعمل لماذا نحن نضع قيوداً وحدوداً على شخص معين في اي مجال ابداعي ونحصره في شيء واحد ومادام الإنسان يعطي وعطاؤه يواكب العصر فإن من حقه ان يقدم ابداعه وليس من حق اي انسان أن يبخسه حقه,وانا فنان تشكيلي وأعتز بذلك واعمالي هي التي فرضتني لم افرض نفسي, تشرفت بان اكون اول فنان تشكيلي سعودي يقيم معرضا تشكيليا في المنطقة الوسطى ومثلت بلدي في محافل دولية وأتشرف بهذا الشيء واقمت عدة معارض في الداخل والخارج بلغت تسعة معارض، كذلك قضيت فترة من حياتي أدرس في معهد التربية الفنية ودرست الكثير من الفنانين التشكيليين وهذا شيء افتخر به, ووجدت نفسي في مجال إبداعي آخر وهو التمثيل وعملت ممثلاً وأنا مستمتع بذلك وهو بالنسبة لي ليس حرفة، بل هواية وسيظل هواية, وأيضاً وجدت نفسي كاتبا وبالفعل كتبت لعدة مجالات سواء للتلفزيون او للإذاعة ووجدت صدى جميلا لما كتبته ولله الحمد.
ومن البرامج التي أعتز بها سواليف الناس وكتبت منها حوالي 700 حلقة وقد درست الاخراج وعملت مخرجا وأحب المسرح وهذه ليست وظائف إنما مجالات اعطاني الله سبحانه القدرة على الدخول فيها ليس إلا.
* ماذا تود ان تقول في نهاية اللقاء ,,؟
أريد أن أقدم شكري لكم على هذه الاستضافة وأتمنى لكم التوفيق.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved