| مقـالات
لقد مضى ما يقارب العشرين عاما على صدور سلّم الرواتب الحالي دون زيادة,, على الرغم من ارتفاع الاسعار وطيرانها في المواد الغذائية وفي المساكن ووسائل المواصلات,, وارتفعت اسعار الملابس، وفواتير الكهرباء والتلفون والجوال والبنزين,, اضافة الى ان طفل العشرين سنة الماضية اصبح شاباً يريد مصروفاً وكذلك الفتاة!!
إذن هناك مشكلة تتعلق بالموظفين وهم نسبة عظيمة من التركيبة السكانية,, وتزيد تلك المشكلة إذا ما علمنا ان جميع الميزات الداعمة للموظف رب الاسرة شبه توقفت مثل خارج الدوام الرسمي, والعيديات، الانتدابات, وهكذا واسألوا مديري شئون الموظفين بالوزارات,, انا هنا لا أتحدث عن الترقيات والنتائج السلبية التي تعصف بالموظف فتقتل طموحه ومعنوياته وبالتالي يتأثر عطاؤه وإنتاجه وعلاقته بالمجتمع!!
ما يهمني هنا الوضع الاقتصادي الذي يعصف بأسرته حينما لا يبقى في محفظته سوى خمسمائة ريال او مائتي ريال والبيت مملوء بالنساء والأطفال وكبار السن ومن ليس لهم اي دخل سوى هذا الموظف ,, هذا عن الموظفين فماذا عن الاسر التي ليس لها موظف,, مثلاً مطلقة,, أرملة ولديها أطفال,, من أين لها المصروف ,, في السابق كانت الظروف المالية معقولة وكان الناس يساعد بعضهم بعضا ويغطي بعضهم جوانب النقص الطارئة,, الآن الوضع اختلف بعد شح الموارد مثل ما يقولون عساها بحملها تثور ,,,!
ان الضمان الاجتماعي في وضعه الحالي لا يحل المشكلة بل يساعد على حل جزء بسيط منها فمبلغ خمسة آلاف أو حتى عشرة آلاف أو أكثر في السنة لا تحقق المستوى المعيشي المعقول في هذه الأيام,, إضافة الى ان الضمان الاجتماعي ليس متاحاً لكل المحتاجين!! وقد يكون جغرافياً بعيداً عن متناول النساء وكبار المسنين الذين يستفيدون منه حقاً!!
صحيح لدينا والحمد للّه جمعيات البر في معظم مدن المملكة ويتقدم الى مساعدتها الكثير من الموسرين، وتحتوي على خير كثير ولكن السؤال,, هل هناك آليات علمية وعملية لمعرفة المحتاجين حقاً,, إذا علمنا ان طبيعة الأسر السعودية من خلال العادات والتقاليد والانتماء للقبيلة تجعل الاسرة تحافظ على كرامتها وشموخها حتى لو كانت فقيرة وبالتالي لا تتقدم تلك الاسر الى جمعيات البرّ العاملة,, إن معظم عوائلنا لا يسألون الناس إلحافاً بل ويكابدون في خفاياهم معاناتهم الاقتصادية.
إنني أتساءل,, لدينا موسرون، ورجال اعمال، ونساعد الفقر خارج البلاد ونتبرع ونفعل ونترك,, وعندما يتعلق الامر بمحتاجي هذه البلاد نرفع عقيرتنا بأن المواطنين اغنياء,, أترى زكوات وصدقات الأغنياء يستفيد منها الفقراء لدينا ليس لدي احصائيات لأنه لا إحصاءات حول هذا الموضوع ولكن بالمشاهدة والحس ان معظم الزكاة والصدقات تذهب إما إلى جمعيات البر أو للفقراء الأقارب المعروفين لدى المزّكي أو المتصدق,, لماذا لأنه ليس هنالك آلية علمية وعملية لتوزيع تلك الصدقات على فقراء البلاد ومساعدة شبابها وشاباتها للنهوض بأنفسهم امام غوائل الحياة في ظل ظروف منعتهم من الالتحاق بأعمال تسد رمقهم.
هل هناك تعاون وتنسيق بين صناديق البر وكبار رجال الأعمال وبين الجمعيات الخيرية وبين جميعات البر والنهضة النسائية المعنية بشئون النساء، ووزارة العمل والشئون الاجتماعية وعمد الأحياء الذين يجب ان يعرفوا حقاً الفقراء واحتياجاتهم.
فلقد ذُكر لي أن امرأة تعول خمسة أطفال حضرت الى احدى الجمعيات الخيرية النسائية وأبلغتهم أن أطفالها يتضورون جوعاً وينامون على الرمل ولا يكادون يجدون ما يسد رمقهم ويكسوا أبدانهم وقد رأوا من هيأتها ما يثير الشفقة ويبعث على الحزن ولربما عانت كثيراً لإلهائهم عن جوعهم وتسليتهم بشتى الطرق كالطرق على القدر ,, مما يذكرني بالمرأة التي جاءت الى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتعرفون قصتها ,.
إننا مجتمع إسلامي، يأمر بالتكافل، والتعاون، ورعاية الفقير والمسن والعاجز,, نحن كالبنيان يشد بعضه بعضا,, ولن يسلم البعض وينجو الآخر,, فكلنا في سفينة واحدة,, وإن انخفاض نسبة الجريمة هو شعور الإنسان انه بين أهله وإخوته وجيرانه,, وكلنا يعلم ما يؤدي إليه الفقر والعوز والشعور بالاضطهاد من مشكلات اقتصادية واجتماعية ونفسية تقود إلى عالم الجريمة والانحلال الخلقي، والتصدع الأسري الأمر الذي لا نرضاه لمجتمع بنيناه على الحب والتقوى وسلامتكم.
ص,ب 90155 |
|
|
|
|