| مقـالات
تحدثت في الأسبوع الماضي عن كتاب سمو الأميرة الدكتورة سارة بنت عبدالمحسن بن عبدالله بن جلوي آل سعود المرسوم ب السطحية وغياب الهدف وأوضحت ان هذا الكتاب في الأصل مجموعة محاضرات عامة القتها الدكتورة في مناسبات وأمكنة وأزمنة مختلفة، وكنت قد اخترت واحدة من هذه المحاضرات والتي تحمل عنوان الكتاب لما تحمله من أفكار جديدة ورؤية مختلفة.
في هذه المحاضرة السطحية وغياب الهدف أشارت الدكتورة سارة إلى حال المسلمين المعاصر ومآلهم وعرجت إلى أقوال البعض وتفسيراته في أسباب هذا الحال غير انها ومن منطلق روايتها تبين ان السبب في حال المسلمين يكمن في اعتلال الفكر الذي أدى إلى عدم استيعاب المنهج الذي وصفه الله وفقدان الغاية،وجماع ذلك السطحية وغياب الهدف،وهي بعد ذلك لكي توضح نتيجتها تنتقل إلى عرضها بشكل موضوعي علمي، وتتدرج في هذا العرض حيث توضح المقصود بالسطحية وكذلك غياب الهدف، فعن الأولى تقول: السطحية هو فهم الأمور بظواهرها الخارجية دون النفاذ إلى دواخلها ودلالاتها ومكوناتها وابعادها الأساسية التي تعتمد على التصور الكامل والمعرفةالحقيقية للأمور والحكم الصحيح عليها، وأما غياب الهدف فهو عدم وجود المقصود والغرض الذي يسعى الإنسان لتحقيقه في هذه الحياة أو يسعى من أجل الوصول إليه.
وفي محاولة للربط بين محاور المحاضرة الثلاث وهي السطحية وغياب الهدف وواقع المسلمين تبين د, سارة تفصيل كل محور على حدة حتى تصل في النهاية إلى ربط بين هذه المحاور حيث تتضح العلاقة المباشرة بينهم.
فعن السطحية أوردت أسبابها المتمثلة في جزئية النظرة التي أوجدت عقلية التبعيض والانشغال بالجزئيات والتي ارتدت بعقل المسلم إلى مرحلة الطفولة العقلية والتأزم الفكري، وكذلك التعارض بين الفكر والمناهج، وضبابية الرؤية الإسلامية التي افقدت المسلم توازنه النفسي الذي يعينه على وضع الأمور في نصابها، وكان أن امتدت ناتج النظرة الجزئية إلى الدين حيث أصبح تدين الكثير تديناً سطحياً استغرق التمسك بصورة من العبادات وفصلت مفهوم العبادة عن الحياة والسلوك والعمل.
وكان من مخرجات هذه السطحية:
1 عجز المسلم عن فهم مقاصد دينه الحقيقية.
2 عجزه عن فهم واقعه المعاصر.
3 اضطراب مسؤولياته في فكره وبالتالي اضطراب مسؤوليات الأمة.
وتؤكد د, سارة في مواقع كثيرة في محاضراتها عن أهمية التفكير والتدبير وهما المكملتان التي حرص الإسلام على تنميتهما ورعايتهما مستشهدة بآيات قرآنية، متدبرة فيها، لتقرر حقيقة جميلة هي أن: الإسلام بوصفه ديناً وعقيدة وحياة يرفض كل صيغ التجزئة وقصور النظر والانحصار داخل قوقعة السطحية والفهم الضيق المتعصب وبخاصة في مجال الدين الآن لتجزئة وقصور النظر والسطحية هذه كلها تترك فراغاً في الجوانب الأخرى كثيراً ما يملأ بالأوهام والأفكار الخاطئة .
وخلال حديث د, سارة عن غياب الهدف تصل بنا إلى ما خلاصته ان الإسلام يربي المسلم على أن يكون صاحب هدف يطوع حياته كلها لاجله ويبني عليه، وحين ترسخ هذه القاعدة بالصورة التي قررها الإسلام فانها تدفع إلى العمل والعبادة والجهل والطاعة، كما تبين الشروط الواجب توافرها للوصول إلى أهداف سامية، والمتمحورة حول الفهم الحقيقي للايمان والمعرفة الصحيحة بالحقوق والواجبات الفردية والجماعية والعلم بالواقع المحيط وفهمه.
ان كلمات د, سارة تتضح بالهم الإسلامي والألم الموجع لواقع المسلمين وحالهم، وهي في محاضراتها تضع اليد على الجرح وتنكئه، ثم تبرئه عندما تصف العلاج المتمثل في اعادة صياغة التربية من جديد تمهيداً لاعادة صياغة العقل المسلم على ان يتم ذلك وفق المنهاج الإسلامي التربوي التعليمي الصحيح في اطار اهداف واضحة محدودة تكون محوراً للانطلاقة الجديدة في العمل على تصحيح النظرة وتقويم الفكر .
|
|
|
|
|