| الاخيــرة
مع الهجمة الحاسوبية التي أخذت بزمام كل عمل، واستجلبت كل اهتمام تذكرت تلك الايام الخوالي التي كان فيها جهاز المذياع سلعة وبدعة.
كان سلعة نادرة لا يتوافر على اقتنائها الا القلة القليلة من افراد المجتمع، وكان بدعة في نظر البعض لأنه مستحدث وجديد، وكل جديد في بدايته مواجه بالريبة والرفض، وكان مقتنو المذياع في ذلك الحين هم اهل الحظوة ممن يتصدر المجالس، ويتولى نثر الاخبار ونشر الابهار في عيون الجالسين الذين لا تتعدى معرفتهم بالعالم حدود قريتهم الصغيرة.
اقول انني تذكرت تلك الفترة في ظل الاهتمام المتسارع بعلوم الالكترونيات والحاسوب واشتغالاته حتى صار لهذا العلم صفحات جرائدية في صحفنا المحلية يومية واسبوعية، امر عليها مسرعاً كما لو انني اخشى عدواها,, والسبب الذي يجعلني على هذا النحو من القطيعة مع هذه الصفحات وما تحويه من اخبار ودراسات، هو اميتي وجهلي بهذا المسار العلمي الحديث الذي صار ترسا رئيساً في عجلة التنمية لكل أمة تنشد اللحاق بركب العلم والحضارة.
ورغم توقي وتلهفي للتعرف على هذه الأداة العلمية العصرية فإني لا أجد غضاضة في إعلان جهلي بها وتأخري الممعن في اللحاق بركبها, ولا ضير في ذلك لمن هم في مثل سني، ممن تربوا وتدربوا خلال سني حياتهم على الورق كتابا ومجلة وصحيفة، وممن تعودوا على اساليب البحث التقليدية, ولكن الحرج والغضاضة والضير هو ان يتخلف مجتمعنا الشاب الصاعد أطوار النمو والتقدم عن هذا الركب, ممثلا ذلك في شبابه الذين يرتقون مدارج العلم حالياً، ويتطلعون بهمة لحفر خطاهم في مسالك الحياة هؤلاء هم الأولى بالالتفات لعلوم الكمبيوتر والتعرف على خباياها وادراك أدق أسرارها.
* * *
اقول قولي هذا بعد النقلة الكبيرة التي تبناها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بموافقته ودعمه مشروع وطني والذي يستهدف نشر هذه التقنية واستزراعها في بيئتها الصحيحة,, وهي المدارس بكافة مراحلها,, بحيث يمكننا ان نقول إننا مع بداية هذا المشروع الهام والحيوي سنكون قد خطونا الخطوة الاولى لنا في هذا العالم التقني الذي صار قدراً لا مفر منه لمن ينشد المواكبة ومسايرة ركب الدول المتقدمة.
ونعلم يقينا ان هذا المشروع قد اختار لنفسه الموقع الصحيح والخيار الامثل حيث النشء الذي لايزال يتشرب البدايات في كل مناحي الحياة، فالمثل العربي يقول: من شب على شيء شاب عليه .
وهكذا فان السنوات القريبة القادمة تبشر ان شاء الله بجيل متسلح بأحدث الوسائط التعليمية والاعلامية، قراءة وكتابة، ومرجعا.
* * *
إن (مشروع الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وابنائه الطلبة للحاسب الآلي) أو كما يطلق عليه اختصاراً (وطني) ليُعد مكرمة كريمة، وثورة ايجابية مباركة.
اما كونه مكرمة كريمة فلأنه جاء بتوجيه ودعم وتعضيد من سمو الامير عبدالله بن عبدالعزيز الذي قدم دعما نقديا للمشروع يتجاوز (العشرة ملايين ريال) مضافا إليها تبنيه ل3000 طالب في هذا المضمار.
وهو ثورة ايجابية لأن الفكرة والتبني بالدعم المادي والمعنوي والمتابعة الحثيثة يعني بكل ثقة اننا سنشهد تحولاً نوعياً في المملكة عبر مسارات عديدة,, وبخاصة بعد تبرع (رائد التعليم) ووالد الجميع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله بالمبلغ الكبير الذي اعلن عنه في حينه وقدره (عشرون مليونا من الريالات) وهذا التبرع السخي الكريم سيفعل فعله الايجابي الكبير بإذن الله وسيوفر آلاف الأجهزة الحاسوبية التي يتدرب عليها ابناء وبنات هذا الوطن.
وستنعكس آثار هذا المشروع الحيوي الهام على مستقبل ملايين الطلاب والطالبات في هذه البلاد بما يبشر بنهضة علمية عملية جديدة في النوع والكم، لصالح نهضتنا الحضارية الإسلامية الحديثة، بإذن الله تعالى.
فحيَّهلا ياشباب وشابات الوطن لما يخدم دينكم وامتكم وبلادكم، ويحقق طموحاتكم في التطور العلمي الحضاري، والنهوض المتكامل لحياة اكثر حيوية ولحاقا بالأمم المتقدمة.
|
|
|
|
|