| مقـالات
نعم، هي قضية قديمة جديدة حيث إننا نعود مرة أخرى لنتكلم عن ضرورة التفكير وامعان النظر في كيفية الاستفادة من جمع القمامة والنفايات, فالقمامة هي فضلات الاستهلاك وما تضمه هذه الفضلات من مواد مادية وعضوية وصلبة يتم التخلص منها لعدم الحاجة اليها، أو لأنها أصبحت خارج نطاق الاستخدام الفعال.
ان العديد من الدول الغربية بل لدى بعض الدول المحيطة بنا، تعتبر القمامة ثروة يمكن استثمارها فلمَ لا نستفيد من تجارب هذه الدول خاصة وان ما يجمع من مدن المملكة يقدر بملايين الأطنان في اليوم الواحد؟ وهذا يعني ان هناك مليارات من أطنان القمامة تجمع في العام, ومن وجهة نظر متفائلة لأحد الخبراء فيقدر ما يجمع في اليوم الواحد بحوالي 25 مليون طن تقريبا يتم جمعها من المدن الرئيسية في المملكة.
وفي هذا الصدد يثور لدينا سؤال محير: لمَ لا تعتبر مخرجات القمامة من فضلات ثروة وطنية كما اعتبرها كذلك غيرنا وأمكنه الاستفادة منها بعد أن تم معالجتها؟ لمَ لا نتعامل معها بأسلوب علمي رصين، وبطريقة عملية توصلنا لما نريد؟ لمَ لا نستخلص من هذه الفضلات ما يفيد في صناعات عديدة لدينا مثل: صناعة الحديد وصناعة الألمنيوم، والورق، والزجاج، والخشب، والبلاستيك والكاوتشوك,,, وغيرها أسوة بما فعله غيرنا، وعلى مقربة منا.
ان خبراء البيئة الذين يزورون المملكة سواء في مناسبات رسمية أو غير رسمية ينصحون بأن المملكة يمكنها أن تعيد تصنيع حديد بما يقدر بنصف مليون طن سنويا إذا لم يزد من حديد التسليح يقدر ثمنه بمبلغ 150 مليون ريال، وكذلك يمكن ان يصنع ورق يقدر بثلاثة ملايين طن سنويا يقدر ثمنه بمبلغ 20 مليون ريال, هذا الحديد وهذا الورق ناتج من مخلفات وفضلات القمامة, أيضاً يمكن استخراج زجاج من القمامة يقدر بنصف مليون طن سنويا ويقدر ثمنه بمبلغ 40 مليون ريال, كذلك البلاستيك، ومثله الكاوتشوك يمكن أن يستخرج من كل منهما ما يقدر بربع مليون طن ثمنه نصف مليون ريال تقريبا, وكذلك الأقمشة بأنواعها المختلفة يقدر ما يجمع منها بنصف مليون طن سنويا، ويقدر ثمنه بمبلغ 50 مليون ريال تقريبا, وكذلك جمع أخشاب تقدر بحوالي 20 مليون طن سنويا يمكن الاستفادة منها بتحويلها الى نشارة تدخل في انتاج خشب مقنوجيد يقدر ثمنه بمبلغ 50 مليون ريال, وهكذا بالنسبة لأكياس النيلون المستخدمة في التعبئة، فكمياتها لا حصر لها، ويمكن اعادة استخدامها بعد معالجتها كيمائيا استعمالات شتى ومتنوعة.
ان ما ذكر آنفا من مواد يمكن اعادة تصنيعها بعد معالجتها المعالجة المناسبة، عن طريق مصانع وشركات متخصصة, وما من شك ان اجمالي هذا العائد من مستخلصات القمامة يقدر بأكثر من مليار ريال في العام, وهي قيمة اقتصادية لا يمكن التغافل عنها بأي حال فمع تلك الجهود التي تبذلها الدولة في جمع القمامة توقياً من الأمراض، ومنعاً للتلوث البيئي يتوجب الانتباه الى عائد هذه القمامة وهو عائد اقتصادي فيما يمكن الاستفادة به أقصى استفادة ممكنة، وهذا يدخل في نطاق الادارة المحلية الرشيدة التي يمكنها توظيف هذه المستخلصات فيما يعود على الدولة بالنفع.
وهكذا يمكن الافادة من مركبات القمامة بالعمل على تصنيفها، وتقسيمها الى نوعيات يتم توجيهها لقطاعات التصنيع التي تناسب كل نوعية منها كما أسلفنا القول.
وازاء ذلك يثور لدينا اقتراح نعرضه على المسؤولين عن البيئة ويرفعون شعار (بيئة نظيفة من التلوث) ليضيفوا إليه ومنتجة، ليصبح الشعار الجديد (بيئة نظيفة من التلوث ومنتجة),
واقتراحنا هو: ان يتولى احد المراكز البحثية ولتكن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية اجراء بحث علمي عن اقتصاديات القمامة وعلاقتها بقضايا التنمية المستدامة، وتكلفة جمع القمامة مقارنة بعائد تسويق المواد التي تم استردادها ومعالجتها منها، وما تتيحه هذه العملية من فرص للعمالة الوطنية في مختلف أعمال النقل، والحركة، والتجهيز، والتصنيع والتوزيع,,, وخلافه فضلا عما توفره الدولة من مصاريف علاج ناتجة عن تلوث البيئة بتأثير القمامة، وأجور العاملين في المجال الصحي، وتكلفة الأدوية التي تصرف لغرض العلاج، وطاقة العمل المعطلة أثناء فترة العلاج.
اننا نطمح في الخروج بدراسة لأفضل الأساليب العلمية والتكنولوجية للتعامل مع هذه الفضلات بهدف الجدوى الاقتصادية.
|
|
|
|
|