محمدُ قد أعدت لنا الصوابا
وإن كنت الضحية والمصابا
أكنت تظن ساح الحروب روضاً
تلاقي في ملاعبه الصحابا!
بأحلام البراءة كنت تجري
وكان الموت يجزلك الثوابا
صرخت أبي: فضمك في ثباتٍ
وقد ضاقت به الدنيا رحابا
تمنى لو تلقى ألف سهمٍ
بصدرٍ للمنازلة استجابا
وتبقى سالماً من كل سوءٍ
ولا تلقى الأسنة والحرابا
ولكن العدا قصفوك حتى
وقعت تبادل الأرض العتابا
دماؤك يا محمد تزدرينا
وقد سالت وعطرت الترابا
دماؤك هيبةُ المجد المسجّي
فلن نعلي بحضرتها الخطابا
كأنك من صلاح الدين رمحٌ
رماه فخط مفخرة وآبا
سلام الله يا بطلاً هماماً
وما عرف الرماية والطلابا
تملك هولُ مصرعك القوافي
وجاء الشعر يمتثل الجوابا
لقد فجرت ينبوعاً جديداً
يشد إلى محياك الركابا
تطيش به الأماني والمنايا
إلى ان يبلغ الحلمُ النصابا
فنم واهنأ فقد عمرت دهراً
وطاول في ربا القدس القبابا
وجاور في الثرى أبطال أرضٍ
تمنى المجد عزمهمو إهابا
رموا حجرا بوجه مزمجرات
فعاث بها على ضعف خرابا
وليست تصنع الأمجاد إلاّ
مقاومةً وبذلاً واحتسابا
فيا خمسين جرحاً وانكساراً
متى تترجلين لكي نُهابا؟!
لقد جَرَّبتِ فينا كل ذلّ
فطأطأنا وأسلمنا الرقابا
كأنا لم نكن للحق رسلاً
ولم نُحكم على الخيل الركابا!!
ولم نحرز بحطين انتصاراً
ولم نسقط عن الثغر النقابا!!
خُدعنا بالسلام الهش عشراً
عجافاً نقتفي فيها سرابا
وأمس يصول بالأقصى دنيء
يجرعنا المهانة والعذابا
فزمجر أهلنا غضباً فريداً
ومات (السلم) أو قل عنه ذابا
ومن لم يبذل الأرواح طوعاً
فلن يخشى العدوُّ له جنابا