| محليــات
* الجزيرة شيكاغو
أكد سعادة عضو مجلس الشورى بالمملكة الدكتور صالح بن عبدالله المالك أن الرؤية لمستقبل المسلمين في المجتمعات الغربية خاصة، ومستقبل المسلمين عامة يجب ألا تتم من زاوية أحادية الجانب، ولكن يجب اقتحام هذا المستقبل من منظور شامل، أي من زوايا مختلفة.
وأوضح سعادته في هذا الصدد أنه لايمكن معالجة الجانب الديني أو السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي أو الاجتماعي بمعزل عن الجوانب الأخرى، فهي حلقات في سلسلة مترابطة، يكمل كل جانب منها الآخر.
جاء ذلك في المحاضرة القيمة التي ألقاها مؤخراً الدكتور صالح المالك باللغة الانجليزية، في المركز الإسلامي بمدينة شيكاغو الأمريكية، وحضرها عدد كبير من أبناء الجاليات المسلمة المقيمة هناك.
وأشار د, المالك إلى أن هناك تحولاً ايجابياً تشهده كثير من الدول الأوروبية، بعد أن أصبح الدين الإسلامي ديناً رسمياً فيها، حتى إن عدد المسلمين قفز في الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، والبرازيل، وبلجيكا، وغيرها إلى المرتبة الثانية بعد المسيحيين.
وقال سعادته: إن التفاؤل يجب أن يقودنا إلى مضاعفة الجهود للحفاظ على هذا التحول، وتفعيله بالحكمة، والتعايش السلمي مع الآخرين، بشكل يجعل زيادة عدد المسلمين تتصاعد عاماً بعد آخر دونما مجابهة مع الآخرين، فالإسلام دين عقيدة وعمل وليس مجرد طقوس لاهوتية.
المسلمون في أوروبا وأمريكا
وتطرق عضو مجلس الشورى في محاضرته إلى تاريخ المسلمين في أوروبا وأمريكا قائلاً بأنه في الماضي القريب، كان المسلمون في أمريكا وأوروبا يشعرون بالغربة بسبب قلة عددهم، فلم يكن من السهل عليهم انشاء تجمعات إسلامية، ولم يكن أيضاً بالإمكان ممارسة أنشطتهم الدينية علناً وجهاراً، ونتج عن ذلك أن ذاب بعضهم في الثقافة المسيحية السائدة هناك، بل إن كثيراً منهم كان يقترب من فقدان الهوية الإسلامية لكن الصورة بحمد الله وتوفيقه بدأت تتغير جذرياً في الربع الأخير من القرن الماضي، إذ اعتنق الإسلام كثير من السكان طوعاً واختياراً، ووصلت موجات من المهاجرين العرب والمسلمين إلى كل من أوروبا وأمريكا، مما أتاح لهم إمكانية الانتشار الجغرافي والتركز في مناطق الجذب السكاني، ولاسيما في العواصم والمدن الكبيرة مما هيأ لهم انشاء مدارسهم الخاصة ومساجدهم، ومسالخهم، ومطاعمهم، وبقالاتهم، ومكاتبهم العقارية، ومكاتب المحاماة.
ثم قال المالك: ومن المتوقع حسب النظريات الاجتماعية السكانية، ان الجاليات المسلمة في تلك القارات الثلاث: (أوروبا، أمريكا الشمالية، أمريكا الجنوبية) سوف تزداد بشكل حاد، سواء من خلال الزيادة الطبيعية للسكان المسلمين، أو من خلال موجات الهجرة القادمة من الدول الإسلامية التي وجدت تشجيعاً من المنظمات الإسلامية في أوروبا وأمريكا، لأن تبقى وتستقر، وتشارك مشاركة ايجابية في عمليات التنمية في هذه القارات.
الاختلاط وعدم العزلة
ويرى الدكتور صالح المالك أنه حتى يستطيع المسلمون التأثير ايجابياً في هذه المجتمعات الغربية، فإن عليهم أن يكونوا جزءاً من النسيج الاجتماعي، والبعد عن العزلة الاجتماعية التي قد تحرمهم من كثير من الفرص السياسية والاجتماعية والاقتصادية والوظيفية ذات الأثر الكبير في صنع القرارات السياسية، وفي اعطاء فكرة سليمة عن سماحة الإسلام، ونبذه للعنف والإرهاب والتطرف والتعصب الأعمى.
وقال: نحن في مرحلة التصويت الكتلي، ويستطيع المسلمون مجتمعين بعد أن أصبح لأعدادهم المتنامية وزن في المعارك الانتخابية ان يأتوا بالمرشح الذي يخدم أغراضهم الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وكذلك من يخدم أحوال المسلمين ولا يسيء إليهم.
على أن ليس من مصلحة المسلمين في اوروبا أو أمريكا أخذ موقف من الخلافات السياسية، التي تنشأ أحياناً بين بعض الدول الاسلامية، لأن مثل هذا الموقف قد يحدث الفرقة والنزاع بين هؤلاء المسلمين الذين هم أحوج ما يكونون إلى التكاتف والتعاضد فيما بينهم.
بل إن على هؤلاء المسلمين تقوية صلاتهم بالدول الإسلامية من خلال الزيارات المتكررة، وتبادل الخبرات، والمحاضرات، والاستثمارات الرأسمالية والبشرية المتبادلة.
تربية الأطفال
كما تناول الدكتور صالح المالك دور العائلة والمؤسسات الدينية في تربية النشء بالمجتمعات الغربية فقال: من المعروف ان المجتمعات في تلك القارات الثلاث مهد لثقافات متعددة ومذاهب مختلفة، ومن الواضح ان دور العائلة والمؤسسات الدينية قد بدأ يضمحل في المجتمعات الحديثة، مقابل تزايد نشاط المجتمعات الثانوية كالنوادي، والمدارس والاصدقاء، التي تمارس حالياً أدواراً مؤثرة في تربية النشء.
وأضاف قوله: لذا فإن على المسلمين عدم التهاون في هذا الأمر، وعليهم حماية أولادهم من الضياع، من خلال انشاء المؤسسات الإسلامية، كالمساجد والمدارس والنوادي والمراكز الخاصة بهم، مما يسهم في تكوين شخصية الطفل في ظل التعاليم الإسلامية.
ثم قال: على ان ذلك لايعني انغلاق المسلمين على أنفسهم، بعيدين عن الاستفادة مما في المجتمعات الحديثة من علوم عصرية وتكنولوجيا متقدمة تحتاج إليها سوق العمل، فنحن نريد لأبناء المسلمين عند تخرجهم شغل وظائف مرموقة تسهم في حياتهم الكريمة وتحميهم من البطالة والضياع.
الممارسة الدينية
واختتم سعادة عضو مجلس الشورى محاضرته بالتأكيد على ضرورة تعويد أطفال المسلمين في هذه القارات، على ارتياد المساجد لأداء الصلاة والعبادات الأخرى، لأن في ذلك غرساً لروح الإسلام وتعاليمه في نفوسهم منذ الصغر، مبيناً أنه يجب علينا مع المحافظة على الشعائر الإسلامية أن نبتعد عن جذوة الخلافات التي قد تنشأ بين المذاهب أو الطوائف المختلفة، عملاً بقوله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا .
كما أن على المسلمين التعايش السلمي مع أهل الديانات الأخرى وعدم الدخول في مجابهات لاتخدم أياً من الأطراف المختلفة، ومعالجة الأمور بالحكمة والقول الحسن.
|
|
|
|
|