صباح الخميس أقبلت النساء كما فعل الرجال في الأيام التي مضت إقبالاً جيداً على معرض الكتاب الدولي الذي أقامته وأشرفت عليه جامعة الملك سعود,,.
ولقد عاصرتُ ما بذل في إعداده والإشراف عليه من الجهود، مع الحرص الكبير على أن يتم في نجاح يحقق الهدف منه,,, ويرضي كل الذين شاركوا فيه، وحرصوا على تنفيذه في دقة الاختيار، والموقع، والزمن,,, والمضمون,,,، وعلى شيء كبير من التنظيم بحيث يهيىء لكلِّ مرتاديه على اختلاف مشاربهم، وتنوّع رغباتهم ما يناسب اطلاعهم ومن ثم يحدد اختيارهم، ويقنن بذلك اقتناءهم,,.
وتمَّ أن جاء المعرض مرضياً بكلِّ ما حرصت عليه الجامعة بجهود أفرادها وعلى وجه الخصوص عمادة شؤون المكتبات، والجهات الأخرى المعنية من علاقات، وإعلام، وأمن، وسواهم فتحقق لهم النظام، والهدوء، وتمكين الناشرين من تقديم مقتنياتهم,,, والمرتادين من الحصول على ما يريدون في يسر,,, وعدم تناكب مُخلٍّ,,.
لكن يحدث أن يعترض لهذا كلهِّ شيء من أوجه السلوك التي يحار الإنسان أمامها تبدر من فئات تكشف عن ضرورة ملحة إلى اختيار الشخص المناسب في الموقع والمناسَبة المناسِبين,,,، كي لا تشوَّه الجهود,,, ولاُتخدش الصورة,,.
يبدو أن المرأة تظل عند بعض الناس في موضع (الإضافة) أو (عدم اللزوم)، أو (عدم الأحقية),,.
ويبدو أن المرأة عند هؤلاء (جدار قصير) يمكن أن يقذفوها أو يقذفوا عنها ما يُلقى من القول جزافاً دون مراعاة لخلق الإيمان، أو سلوك المتخلِّقين به، يحار المرء كيف يتعامل مع مثل هؤلاء,,.
ففي يوم الخميس الماضي,,.
وفي معرض الكتاب,,, كانت النساء تتنقل للشراء، وللاقتناء، منهن الباحثات، ومنهن المثقفات، ومنهن الكاتبات، منهن المدرسات، ومنهن الطالبات، ومنهن أستاذات الجامعات، منهن المتزوجات ومنهن الواثبات، ومنهن الصغيرات في أذيال أمهاتهن,,.
وبين هذا الحشد الطامح المحافظ على الحجاب الشرعي بمثل محافظتهن عليه عند ارتياد الأسواق,,.
لم يكن هناك ما يدعو للتلفظ بما يكره,,,، ولا بالتطاول بلا سبب، ولا بالتعبير عن الأشياء دون مبرر,,.
كنت من بين المرتادات، لكنَّ أذنيَّ التقطتا جملةً من العبارات ما إن مرت مروراً عابراً فإن التمادي سيتم,,, أذكرها هنا فقط لتحفيز مسؤولي الحسبة، لتوجيه رجالها بضرورة التحلي بالكلمة الطيبة عند الحاجة، إذ قال أحدهم لإحداهن بصوت سمعته جلُّ المارات: غطِّ عينك لا يصيبها السرطان، ويوم يصيبك السرطان تعرفين كيف تغطي عيونك ,,, تلفتت مجموعة منهن لرؤية مَن المعنية بهذه العبارة لم يجدن من هي في وضع يستدعي مثل هذا الكلام,,,، لكن لم أستمع إلى أي رد منهن وكأني بهن قد فضَّلن السكوت عنه درءاً لئلا يستمعن للمزيد,,.
كنت أتساءل عن دور مثل هذا الرجل؟ أليس التوجيه بالحسنى؟ وبلطيف القول؟ لكن الذي لا يُحسن النطق، لا يُحسن الفعل بالتأكيد,,.
والسؤال: عندما يُختار رجل الأمن يُشترط أن يكون ملماً بعمله قادراً على أداء واجبه في الوقت المناسب، لا يغفل، ولا يتقاعس، يكون حازماً في اللحظة، فعّالاً عند الطلب، مبادراً عند الإحساس,,,، كل ما فيه على استعداد لواجبه,, ولا يعني ذلك أن يتجرد من الخلق الحسن بكل ما فيه من صفات الهدوء، والاحتمال، وسعة الصدر,,, بل لا بد أن يفعل ومهمة رجل الأمن الحماية,,.
وعندما يُختار المعلم، أو المدير، أو المشرف فلا بد أن يتحقق في الشخصية مع الصفات المهنية والسمات الشخصية حسن الخلق بما فيه القدرة على احتواء المواقف.
فما بال رجل الحسبة الذي يُفترض فيه أن يكون أول المتمثلين لأخلاق المسلم من الكلام الطيِّب، والقدرة على التوجيه في غير جرح وفي غير إيلام، إن رأى منكراً قوَّمه بحكمة، وإن سمع بذيئاً تجاوز عنه في غير إسراف، فما بال التعامل في مواقع عامة، وعلمية، ومنظمة، وبين نخبة واعية ومدركة لأمورها، وحريصة على خطواتها,,, لم تأت للفرجة، ولا للاستعراض، ولا للتسوّق العشوائي، ولا للفسحة، جاءت مثقلة بواجبات العلم، وهموم التحصيل، وسيلتها للرؤية عيون ربما تكون كليلة من القراءة، أو تقدُّم العمر,,, أو حتى القصور الخَلقي؟، فكيف وهي كذلك,,, تجد من يدعو بإصابتها بالسرطان,,,؟
هدى الله كل الناس إلى ما يحب ويرضى من حسن القول والفعل,,.
وتحيّة صادقة لجامعة الملك سعود ولكلِّ من شارك في معرض الكتاب الدولي وما رافقه من جهود.
|