| مقـالات
اختتمت يوم الخميس 21 من ربيع الاول 1421ه بمقر الامانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة اجتماعات الدورة 33 لمجلس وزراء الإعلام العربي لمناقشة قضايا في مقدمتها دعم القدس وحماية عروبتها ومقاومة الاستيطان والدعوة الى انهاء الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين والجولان، ودعم العمل الإعلامي والثقافي في الاراضي العربية المحتلة، وقضايا العولمة وتأثيرها، ومشروع الإعلان العربي لحقوق الطفل، والبث الفضائي والإنتاج الإعلامي، وحقوق النقل للأحداث الرياضية ولا اعلم ماذا بقي للجنة الدائمة ان تضع امام وزراء الإعلام من قضايا والى اين يسير إعلامنا العربي، واين سيصل، ولماذا؟
القضايا السابقة لاشك جزء من هموم شعوب الامة العربية والإسلامية قاطبة ولكن أليس الأفضل ان تناقش قضيةواقع الإعلام العربي وبشكل جدي ونحترم العقل العربي، ونكلمهم على قدر عقولهم بأن الامر ليس إسرائيل وحدها وان جيل اليوم هو قلق الروح مرتابا بحاضره خائفا من المستقبل ويأمل ولو فكريا انتشاله بإعلامه بأن هناك بالفعل تحديا حضارياً وغزواً فكرياً فضلا عن التحدث عن الاستيطان وسلب حقوق العرب من قبل اليهود واعوانهم وهذا الامر واضح منذ الاستيطان الاسرائيلي وبمباركة المملكة المتحدة.
المشهد المألوف في حقيقة الامر على مسرح الامة العربية يسدل عن واقع مفاده انه من الصعوبة بمكان الوصول الى آلية علمية وعملية تصون للامة العربية ذهنها وحقوقها ولو بالكلام الإعلامي لعدة امور اهمها:
اولاً: ندرة الادارة السليمة الواعية العصرية التي تفرق بين كل وسيلة اعلامية او اتصالية عن الاخرى ومدى تأثيرها على الانسان والسبب في ذلك هو غياب التوجه السليم والصادق من قبل القائمين على الاجهزة الاعلامية والمؤسسات الصحفية،وشح الكفاءات التي يمكن ان تنظر وتقنن وسائل اعلامها وطبيعي ان يواجه الإعلام العربي إذن معوقات مادية وبشرية ليخرج التخطيط الإعلامي احياناً وبنظرة تفاؤلية بمعايير وضوابط ممكن تحقيقها لكنها غالبا ما تستقر في نهاية الامر داخل الادراج دون تنفيذ,, لماذا؟ لأن التخطيط السليم في امور الحياة وخصوصاً عندما تدخل في الشؤون السياسية والاجتماعية توضح للأعيان وتكشف للعقول مدى قدرة العقل العربي على العطاء والتعامل مع أنفسنا بل قد تمس المصالح الشخصية, في عبارة واحدة سوف تكشف العقول القادرة على البناء والتطوير إذا ما اعطيت الفرصة مقابل مواجهة ممن يرون ان هناك طرقاً ومساساً بمصالحهم الشخصية على حساب المصلحة الوطنية.
ثانياً: ان الوظيفة الإعلامية التي تنهجها وسائل الدول العربية لا تمت بصلة والى حد كبير جدا باسم ونيابة عن وبالاشتراك مع الاقطار العربية وتحت اشرافها لصالح الوطن العربي في مجموعه وهذا الأمر أيضاً طبيعي لأن الدول العربية بينها ما يعكر الوحدة والوئام ويوسع دائرة الشقاق فواقع بعض وسائل إعلام الدول العربية بل والصحافة المهاجرة وبحجة اختلاف الرأي لايفسد للود قضية وقد تبين ذلك ابان كارثة الخليج وتحرير الكويت 1990-1991 ، تخرج بأطروحات ومتاقشات تهوي بالعقل العربي الى الدرك الاسفل من التخلف واحدث ذلك عدم الثقة بين عموم العرب, وهذا الانكسار واضح في الخطاب الإعلامي والذي يشمل ابعاداً سياسية واجتماعية واقتصادية يتصف هو الآخر في ثناياة المحاباة او المجاراة او النقد غير الموضوعي والأخطر التهجم أو السخرية على سياسات دولة اتضح فيما بعد أنها على حق, فتم الخلط بين فكرة من ينادي بإعداد رجال ونساء اليوم لمواجهة الالفية الثالثة، بقدرة فكرية وقابلية لغوية وخيال واسع وبديهة سريعة ومكانة علىالساحة الدولية وبين من يرى ان الانفتاح الاعلامي والثقافي سوف يعيق العقلية العربية اليوم بعد خلطها بمعايير التفكير الغريبة وأنها لم تشكل تشكيلاً عمليا وعلميا في الوقت الذي تشكلت بقصد اناني ومادي الى الاستسلام بشعار نعم لا شعار لا يقابل ذلك أيضا إشكالية خطيرة في واقع الخطاب السياسي لسببين هما: أولا: أن الخطاب الاساسي مازال يعيش إشكالية الوجود والشخصية القيادية في عالم هو الآخر منفتح محمول بإشكاليات لغوية ونفسية وعقدية وسياسية, وثانياً: ان الخطاب السياسي يحتوي على طلاسم توحي بشيطان أكبر تهدف تسخير المرء للخنوع كما هو المعمول به في عالم السحر والعياذ بالله وبالتالي فالأمر طبيعي الا تفي وسائلنا الإعلامية العربية في أبسط حقوقها المشروعة وخير مثال عندما عرض الإعلام الغربي الحق في استخدام النفط كقوة دبلوماسية ابان حرب أكتوبر 73م وماتبع ذلك عندما يرتفع سعر النفط في الآونة الأخيرة والضعف أمام الإعلام الأمريكي والغربي تجاه انتفاضة فلسطين الشهر الماضي, وهذا يقودنا إلى نقطة جديرة بالتأمل وهي أن الإعلام العربي وعلى الصعيد الخارجي له إشكالية لايتسع المجال إلى ذكرها فالقضية ليست إعلاما خارجيا أو وسيلة أو تخطيطا إعلاميا في المكان الأول بل هو العجز بعينه من قبل المتخصصين الإعلاميين على فك رموز المؤامرة الإعلامية العالمية! وخصوصاً فيما يتعلق بالخطاب السياسي بسبب عدم تفهم الرؤية الغربية والأمريكية لصناعة الخير الذي يحتوي دائماً على خلفيات ثقافية وتاريخية وزمنية ومكانية، وهذا القصور له عدة اسباب اهمها عدم اهتمامنا بمراكز البحوث ومعاهد الدراسات الاستراتيجية في وطننا العربي وإن وجدت فإن مساحة التفكير وحرية الدراسة او الباحث مقيدة بأغلال الأنظمة والخطوط المطروحة تجاه حرية التعبير أوالنقد ولو كان البحث موضوعياً, ومن جانب آخر فإن نظرتنا للإعلام تختلف باختلاف الأنظمة السياسية ومساحة حرية التحرك الفكري المعطاة وكنتيجة طبيعية اصبح ومازال الإعلام هو الذي يرمم للقرار السياسي في أوطاننا العربية لايمهد له، بعكس الإعلام الأوربي أو الأمريكي الذي لايخرج اي قرار سياسي أو اقتصادي وغيره إلا بعد أن تتعامل الأجهزة الحكومية بدور التمهيد عن طريق ليحصل القرار على قبول ودعم الرأي العام ويتحمل الجميع نتائجه الإيجابية والسلبية وإذا اردنا تأكيد ذلك فانتظر الى الإعلام الغربي عندما يشعل فتيل الصراع أو الحروب حتى تشرع دولها بتكثيف جهودها نحو أهدافها القومية والإقليمية المحددة والمرسومة مسبقاً, فلن ترضى عنك اليهود ولا النصارى لتوعية الرأي العام العالمي وخاصة الراي العام الغربي بمخاطر استمرار إسرائيل في التسلط أو سلب حقوق الغير أو أية قضية تشعل لاي سبب سياسياً كان او بترولياً! فالمشكلة الحقيقية تكمن في الداخل اي في وصاية الدول على العمل الإعلامي العربي دون ترك المتخصصين في تسيير العمل الإعلامي وبالتنسيق مع العمل السياسي, ومداخلة مختصرة حيث يجب أن نبارك لأنفسنا بالخطاب السياسي الذي سمعه العالم العربي والإسلامي وأجهزة استخبارات دول العالم قاطبة من بعض قادة الدول العربية في اجتماع القمة يوم السبت 24 من رجب 1421ه ذلك الخطاب الذي يؤكد أهمية الشفافية والصراحة في الأهداف والتوجه والعلاقات الدبلوماسية وهذا يعد إشارة خير في طريق الاستقرار والتقدم.
ولعله من المفيد تلخيص المشكلات الذاتية للإعلام العربي، بانها تعود الى اختلاف وجهات النظر للمواضيع المعلقة فيما يخص بالحقوق والقضايا المصيرية، والتوجه غير الموحد بفعل اختلاف الانظمة العربية واعتناق اغلب مفكريها وقادتها الفوضوية والوجودية والدادية والعبثية والغموض والسريالية واللامعقول والتي ساعدت على تفاقم الفكر العربي وهذا ينعكس على تقدير العملية الإعلامي, ومن جانب آخر امتلاك وسائل الإعلام لفئة لاتفرق بين ماهو رسمي وجماعي واصبح سريان المعلومات يتخذ اتجاها عموديا من فوق السلطة الى تحت الشعب وبالتالي اصبحت هموم الإعلام العربي فقط إزاء مشكلة او مسألة خاصة لايكون الناس بشأنها آراء, واخيراً عدم التحديد والفصل بين القضايا والمشاكل العربية وصهرها في قالب واحد لمصير مشترك, ومن ناحية المضمون الإعلامي يغلب عليه الطابع الإنشائي ولا يلتحم بحياة الناس وقضاياهم ويتناول موضوعات تقليدية مكررة لا تسمن ولا تغني من جوع، تقوم في قوالب جامدة ومتخلفة فنياً.
فهل يعترف في الدورة القادمة، وزراء الإعلام العربي المشتركون في اجتماعات الدورة 33 في مؤتمر حزيران 2000 بعجز أجهزة الإعلام العربي عن القيام بدورها مثل ماتم الاعتراف به في مؤتمر شباط 1969م؟ ام ان هناك آلية او وفاقاً جديداً يخرج قريباً للعمل الإعلامي في عصر العولمة (التحدي الحضاري والفكري) وذلك ماندعو الله به أن يتم على يد وزراء الإعلام العربي وفريق العمل المعني بتحديث ميثاق الشرف الإعلامي العربي في الاجتماع المقرر له ان تم في يومي 15 و16 اكتوبر الماضي، ومن ثم النظر فيما تم من خلال اجتماع مجلس وزراء الإعلام العربي القادم, هذا ما يتطلع اليه الكثير الكثير.
|
|
|
|
|