| مقـالات
شاركت المملكة العربية السعودية في المؤتمر السابع لتعليم الكبار الذي عقد مؤخراً في أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة, وقد ناقش المؤتمر مواضيع منها استراتيجية تعليم الكبار في الوطن العربي ومناقشة وإقرار الخطة العربية لتعليم الكبار والاطلاع على التجارب العربية في مجال تعليم الكبار, وبالحديث عن استراتيجية تعليم الكبار في الوطن العربي فقد صدرت إستراتيجية جديدة لتعليم الكبار تتماشى مع متطلبات العصر, وحسب ما صدر من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في إصدارها ووثيقتها لهذه الاستراتيجية، ان هذه الاستراتيجية تأتي بعد صدور أول استراتيجية لمحو الأمية في البلاد العربية والتي صدرت عن كل من الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار والمركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار في العالم العربي، وأقرها مؤتمر الاسكندرية الثالث, وهذا يعني ان الاستراتيجية الحالية تظهر بعد مرور حوالي ربع قرن من الزمان حدثت فيه الكثير من المتغيرات العالمية والعربية التي تفرض ضرورة وضع استراتيجية لتعليم الكبار تراعي جميع المتغيرات بمستوياتها المختلفة وتلبي في ذات الوقت جميع احتياجات الأمة العربية من هذا النوع من التعليم, وتبدأ الاستراتيجية الحالية من حيث انتهت استراتيجية محو الأمية في البلاد العربية وتضيف إليها حيث أنها تركز على تعليم الكبار بمجالاته المختلفة والمتعددة، ومن بينها محو الأمية, وتحتم الظروف العالمية الخروج باستراتيجية جديدة حيث ان ما شهده المجتمع العالمي في عقد التسعينات من مؤتمرات قمة عقدت من أجل التنمية وفي مقدمتها المؤتمر العالمي التربية للجميع لمواجهة الحاجات الأساسية للتعليم الذي عقد في جومتيين بدولة تايلاند عام 1990م ومؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية قمة الأرض الذي عقد في ريو دي جانيرو البرازيل 1992م، والمؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي عقد في فينا النمسا 1993م والذي أكد على وجود علاقة واضحة بين حقوق الإنسان والديمقراطية والتنمية, وفي عام 1994م عقد المؤتمر العالمي للسكان والتنمية بالقاهرة والذي خلص إلى وجود علاقة واضحة بين الديموجرافيا والبيئة والفقر، وان التعليم النظامي عليه ان يقوم بدوره في نشر المعرفة والتكنولوجيا وضرورة القيام بعمل برنامج واسع النطاق لتعليم الكبار, كما عقد المؤتمر العالمي للتنمية الاجتماعية في كوبنهاجن 1995م وكان الغرض الرئيسي من هذا المؤتمر محاربة الفقر وإيجاد وظائف منتجة وتقوية النسيج الاجتماعي, ودعا إلى ضرورة توفير التعليم والرعاية الصحية الأولية كما دعا إلى تشكيل استراتيجيات زمنية لمحو الأمية ودعمها وتحقيق التعليم الأساسي للجميع, والمؤتمر العالمي للمرأة الذي عقد في بكين عام 1995م حيث سجلت وثيقة المؤتمر عزم الحكومات وتصميمها على ضرورة الارتقاء بالتنمية البشرية من خلال توفير التعليم الأساسي والتعليم مدى الحياة وتعليم القراءة والكتابة والتدريب والرعاية الصحية الأولية للفتيات والنساء.
إن هذه المؤتمرات وغيرها وجهت أنظار قادة العالم إلى أهمية التربية ودورها في تنمية ذكاء المواطنين وكفاياتهم كما أظهرت ان التربية تمثل أحد العناصر الأساسية في استراتيجيات التنمية.
وقد قامت منظمة اليونسكو في الربع الأخير من القرن العشرين بتشكيل لجنتين دوليتين لدراسة التحديات التي تواجه التعليم، فكانت اللجنة الأولى برئاسة إرجار فور الذي قدم تقريره بعنوان تعلم لتكون في عام 1972م, حيث ركز على مفهومين أساسيين هما التعليم مدى الحياة والتعليم للجميع وأشار إلى ان التعليم يواجه اليوم تحدياً خطيرا يتطلب منا معاودة التفكير في أمره ومن ثم يكون التعاون العالمي أكثر ضرورة من أي وقت مضى, أما اللجنة الثانية فتشكلت لبحث موضوع التعليم في القرن الحادي والعشرين، وكانت برئاسة جاك ديلور وقد تشكلت هذه اللجنة عام 1993م وقدمت تقريرها عام 1996م بعنوان التعليم الكنز المكنون , وقد أوضحت اللجنة ان مفهوم التعليم من خلال الحياة يمنحنا مفتاح الدخول إلى القرن الحادي والعشرين، كما أنه يتجاوز التميز التقليدي بين التعليم الأساسي والتعليم المستمر حيث يربط التقرير بين المفهومين لإيجاد المجتمع المتعلم والذي يعمل على إتاحة الفرصة للتعليم, ومن هنا فالتعليم مدى الحياة لا يعني التكيف مع التغيير في طبيعة العمل فقط بل يشمل أيضا تكوين الكائنات البشرية الكاملة وتكوين معارفها وذكائها وقدراتها العقلية الناقدة وقدراتها على التصرف, وكذلك تمكين الأفراد من أن يكونوا على وعي ببيئتهم والبيئة المحيطة بهم وأيضا مساعدتهم على القيام بدورهم الاجتماعي المنوط بهم في العمل وفي المجتمع الذي يعيشون فيه,وفي ظل هذه المتغيرات يأتي المؤتمر العربي السابع لتعليم الكبار الذي ناقش استراتيجية تعليم الكبار في الوطن العربي من أجل التطوير والتحسين ومواكبة عصر المعلومات والتقدم العلمي.
والله من وراء القصد.
|
|
|
|
|