أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 28th October,2000العدد:10257الطبعةالاولـيالسبت 1 ,شعبان 1421

عزيزتـي الجزيرة

حروفها دون نقاط
وقفة تحذيرية من الأقساط الشهرية
نقطة بدء الحديث حوار مع النفس محفوف بالشجن,, واستهلال يقرأ تجارب مرت لأناس وقفوا على ضفاف الاستدانة,, وفكروا بألف مخرج ,, بحثوا عن قناة طوارئ, لتجيء الأقساط الشهرية، مشروعا ناجعا يخلصهم من براثن الأزمات وينتشلهم من خيوط المواقف المالية العصيبة في ظل ضغوط الحياة وقسوة المصاريف واستبداد المطالب.
وترى هل غدت الأقساط الشهرية ملاذاً يلجأ إليه المعسرون لحل مشاكلهم المالية وفك عقدهم الحياتية؟
هل استحالت الأقساط الشهرية بوابة دافئة تعبر من خلالها قوافل المحتاجين للمادة ولا سيما ان هناك مواقفا تجعلهم يستدينون اضطرارا وقد وجدوا أنفسهم بين أمرين أحلاهما مر؟!
إن منعطفات الحياة لا ترحم ومتطلبات الزمن لا تلبي وأبواب الإنفاق الاسري مشرعة وتبقى مجاراة الغير ومواكبة مظاهر المجتمع والخضوع لأعرافه ممارسة تقليدية تفرض على رب الأسرة مزيدا من الصرف كما يلي,.
وبنظرة متأنية لآفاق الاستدانة نلقى البرنامج المعتاد الأقساط الشهرية التي تثقل كاهل الراتب وتستحوذ على جزء كبير منه وتعطل أي مشروع إنمائي أسري بل ربما عجز عن تسديد فاتورة أو شراء مواد تموينية.
وتأتي الأقساط الشهرية على عدة صور وتتخذ عدة أشكال لعل أبرزها شراء سيارة أو أكثر يقوم بها بنك أو جهة ما ثم بيعها من قبل المقترض ليسدد الثمن من خلال أقساط شهرية ويؤخذ عليه نسبة مالية معينة مقابل ذلك.
لقد اتسعت تجارة الأقساط الشهرية وكثرت مؤسساتها بل ربما جنح بعض الأشخاص لامتهان ذلك لتشغيل أموالهم وكسب أرباح باردة والضحية اناس اندفعوا خلف بريق الأمل وشغفوا باستدانة الأقساط ليتفاجؤوا بركام هائل من الديون وتظل رواتبهم مقيدة بحبال التسديد لسنوات!!
أجل أقساط تصيب بالإحباط تأتي صاحبها كحروف بدون نقاط,, تلجم تفكيره,, تزرع ملامح الكآبة في جبينه,, وتعقد لسانه بخيوط الدهشة ليبقى التسديد هاجسا مؤرقا يضعه على رصيف القلق والتوتر وليس بيده سوى ان يذرف آهات الشكوى والتضجر وربما اضطر للتورط في ديون أخرى بعضها يسد بعضا في مسلسل نزوح مرّ دفعه إليه الاستعجال وعدم قراءة مواقف الحياة بحكمة.
عفواً,, ربما قال البعض ان الأقساط الشهرية وصفة فورية تمنحك حلا جاهزاً وعلاجاً معلباً وبخاصة عندما يعجز المرء عن التوفير,, فقد يتوقف بناء منزله,, أو تتعطل مسيرة مصالحه, أو تقف الحاجة دون إتمام مشروع زواجه,.
ونحن نقول إن اللجوء للأقساط أمر ليس بذي عيب طالما كان في طور اعتيادي طارئ وبحدود المعقول ,, كحل مقبول,, عبر نظرة متحفظة تلتزم الحذر من الاندفاع ودون ان تنهك الراتب,, أو تهيمن على آفاق الميزانية.
عفواً,, فتش عن مذكرات مستدين واقرأ صفحات مليئة بالآهات,, طالع دوائر الندم,, وانظر إلى الأوراق الملونة بعاطفة الانكسار,.
ليس ثمة حرج في أقساط مريحة لحاجة ماسة وفترة مقبولة ولكن العيب في أن تقيم معها جسرا من التواصل ينسف أحلامك,, ويغربل طموحاتك.
وعجبي من اتساع موجة الاقساط واندفاع شريحة واسعة في المجتمع نحوها وقد طغت تقاليد مظهرية واستبدت مصاريف حياتية ,, ليظل صاحب الأسرة يقاوم تيارات الإنفاق وعواصف التسديد.
نريد ان تتحول الأقساط إلى مصطلح ثابت في قاموس الراتب أو كبسولة جاهزة قد تكون حلا مؤقتاً لموقف طارئ لإعادة متأصلة تحجب ابتسامة صاحبها وتغطي صوت عقله,, وأنوار حكمته.
وتظل الديون لغة عاقة ذات مفردات مغرية وأبواب متنوعة تلوح للعابرين وتشير لسفن الإنقاذ ومجاديف الطوارئ,, أموال جاهزة تسيل اللعاب, تقدم الجواب,, لأسئلة الحياة ومطالبها المتعددة ولا مهرب ,, ولكن تظل الأقساط كحروف بدون نقاط ,.
محمد بن عبدالعزيز الموسى
بريدة

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved