| عزيزتـي الجزيرة
ماتت أم المساكين، ماتت كافلة الأرامل، ماتت مربية الأيتام، ماتت تلك التي طالما كفكفت دموع أرملة اشتعل رأسها شيبا وتقطعت أحشاؤها حزنا ولهفاً ، ويتيماً قد افترش الهم، وتوسد الغم، والتحف الحزن، ماتت تلك التي طالما أرضعت أطفالا كثر، لظروفهم المختلفة، وشعارها (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا) (9 الإنسان)، وممن أرضعت رحمها الله والدتي حفظها الله، وذلك قرابة شهرين متتابعين، فكانت لها نعم الأم، بل إلى ان توفيت وهي تهش وتبش لوالدتي، وكل من له صلة بها، وكأنها ابنتها التي ولدتها، لا ابنتها التي أرضعتها، إنها غيث ورحمة لكل من شملته برعايتها، وفيها يصدق
سقاك الغيثُ إنك كنت غيثاً ويسراً حين يُلتمسُ اليسارُ |
لقد تركت لنا سيرة عطرة، مليئة بالبذل والعطاء والتضحية رجاء لما عند الله جل وعلا ساعدها بعد توفيق الله في كتابة أحداث تلك السيرة رفيق دربها شيخ جلاجل وإمام جامعها وكاتبها المعروف الشيخ أحمد بن عبدالعزيز السلمان رحمه الله فكان من ثمار تلك السيرة العطرة عاجل بشرى المؤمن، ومحبة أخذت بشغاف القلوب وأولاد بررة هم فضيلة الشيخ عبدالعزيز وخمس بنات تقر عين المحب برؤيتهم وبسماع سيرهم الطيبة، كانت في حياتها ويوم مماتها لها في قلوب الناس مكانة عظيمة وصدق فيها قول الشاعر:
علوٌ في الحياة وفي الممات لحق تلك إحدى المعجزاتِ |
بعد دفنها وقف على قبرها ابنها عبدالعزيز يدعو لها بالثبات وكأني به نظر إلى قبرها وتمثل قول الشاعر:
ما كنت أحسب قبل دفنك في الثرى أن الكواكب في التراب تمورُ |
نعم هي كوكب أفل وشمس غابت بكتها عيون طالما سعدت برؤيتها وطالما تفيأت ظلال رعايتها, تلكم جدتي منيرة أُودعها باكياً إلى الأبد بل إلى لقاء في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار برحمة من الله جل وعلا.
أبكيك حتى نلتقي في جنةٍ برياض الخلدِ زينتها الحورُ |
أودعها متمثلا قول الشاعر:
عليكِ تحيةٌ من الرحمن تترى برحماتٍ غوادٍ رائحاتِ |
اللهم اغفر لجدتي وارفع درجتها في المهديين واخلفها في عقبها في الغابرين واغفر لنا ولها يا رب العالمين وافسح لها في قبرها ونوره لها.
أحمد بن محمد الجردان جلاجل
|
|
|
|
|