| متابعة
عندما نقرأ قول الله تعالى في كتابه العزيز: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون نتأكد أن القرآن الكريم سوف يبقى محفوظاً من الضياع، مصوناً من التحريف والتبديل، محوطاً بالقلوب والعقول من الهجر: تلاوة، وطباعة، ودراسة، وتفسيراً.
وما هذه المسابقة الكبرى التي تقيمها المملكة العربية السعودية كل عام إلا صورة صادقة وبرهان عملي على هذه الحقيقة، وهي عمل جاد مشكور فيه حفز لحملة كتاب الله تعالى في شتى بقاع المعمورة على المثابرة في الحفظ، والتدقيق في الفهم والتفسير، والتجويد في التلاوة,, مما يحفظ للقرآن العظيم رسوخه في العقول، وامتزاجه بالأفئدة، كما أنها دافع لانضمام المزيد من الشباب من مختلف الأمصار والأعمار لحفظه وفهمه وتفسيره وتلاوته، تحقيقاً لوعده سبحانه وتعالى في الآية الكريمة المذكورة.
وتجيء أهمية هذه المسابقة من منظور آخر: إذ هي رباط قوي بين سائر المسلمين في كل البلاد الإسلامية، فهم على اختلاف لغاتهم يجتمعون حول هذا الكتاب العظيم باللغة التي شاء الله لها أن تكون لغة هذا القرآن الكريم, فتنشأ بين المشاركين روابط الحب في الله والالتقاء بالمخلص في رحاب بيت الله.
أما عن اثر هذه المسابقة الدولية السنوية الكبرى ونفعها لأبناء المسلمين في العالم فيظهر جلياً في قربهم من تعاليم الإسلام التي عرفوها في حفظهم وتلاوتهم لكتابهم، وتمسكهم بتعاليم الدين الحنيف الذي هو صلاح الحياة.
أما عن الدعم والرعاية التي توليها المملكة العربية السعودية للقرآن الكريم وحفظته,, فتبدو جلية للجميع,, ويقف مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف صرحاً شامخاً يؤكد كل يوم مدى الاهتمام الأكبر بالقرآن الكريم,, ومدى العناية به,, والعمل على حفظه,, والقيام بكل ما يوسع دائرة الاتصال به.
تطبع في هذا المجمع المصاحف الشريفة بالملايين كل عام بأحجام مختلفة، وترجمات لمعانيه متعددة، وفي صور تقنية راقية حتى تكون نسخة بين أيدي جميع المسلمين في كل مكان.
والحمد لله على أن في المملكة مئات المدارس لتحفيظ القرآن الكريم تنتشر في رحاب هذا الوطن وتضم الآلاف من الطلاب الذين توفر لهم الدولة المواصلات والمكافآت فهم أهل القرآن وهم الناشئة على نهج القرآن.
هذا على المستوى الداخلي,, وإذا نظرنا خارج المملكة فلا تكاد تجد دولة من الدول إلا وللمملكة فيها مركز إسلامي ثقافي يعنى أول ما يعنى بالقرآن الكريم في كل صور العناية به.
ثم تجيء المسابقات الداخلية التي تعقد خلال العام الدراسي على مستوى المحافظات وترصد لها الجوائز للبنين من الحفظة والبنات.
أما صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله على تسمية المسابقة باسم مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله فهي عرفان للملك المؤسس بما كان له من حرص شديد وعناية بالغة بحفظ القرآن الكريم ورعاية طلابه، فهو الذي بادر بالتشديد على حفظ القرآن الكريم وفهمه وتلاوته لأولاده قبل غيرهم فقال: أريد أن يفهم أولادي ما يقرؤونه من القرآن الكريم وقال في احدى خطبه: قد جعلنا الله أنا وآبائي وأجدادي مبشرين ومعلمين بالكتاب والسنة ، وقال لمعلمي أبنائه: اهتموا بالقرآن: قراءة، وفهماً، وتفسيراً .
فاهتمام حكومتنا الرشيدة بمسابقة القرآن الكريم، وبذل الجهود لتعميق آثارها، إنما هو امتداد لاهتمام الملك المؤسس بالقرآن الكريم الذي قامت على شرعه ومنهجه هذه الدولة المباركة إن شاء الله.
وفي الختام أسأل الله لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ولمعالي الأخ الوزير، والإخوة العاملين معه التوفيق والسداد والمثوبة على جهودهم المشكورة في تنظيم هذه المسابقة العالمية الكبرى، وفي غيرها من مجالات الدعوة الكثيرة.
والحمد لله رب العالمين.
|
|
|
|
|