| الاقتصادية
نشرت صحيفة المسائية في عددها الصادر برقم 5577 وتاريخ 20/4/1421ه خبرا مفاده ان عددا من الجهات الرسمية تقوم حاليا بدراسة وضع الخطط اللازمة للبدء في مشروع سعودة اكثر المحلات التجارية انتشارا والمتمثلة بالبقالات ومحلات بيع الملابس والعطورات والاواني المنزلية والمفروشات ويعلم الله ان هذا الخبر ليعد في اعتقادي احد اكثر الاخبار السارة التي وقعت عليها عيني وذلك راجع الى ان الشروع ومن ثم النجاح في سعودة الوظائف في تلك المهن التجارية المتعددة سيعد كسبا وطنيا من خلال توفير عشرات بل مئات الالاف من الوظائف لشبابنا السعودي والذين ضاقت بهم اسوار منازلهم، خصوصا وانه قد مضى على البعض منهم العديد من السنوات بحثا عن فرصة العمل.
الجدير بالذكر انه اذا كانت اعداد العمالة الاجنبية في المملكة تصل الى حوالي الستة ملايين عامل اجنبي، فانه يتوجب ان نضع في الاعتبار ان غالبية تلك العمالة انما تتركز في تلك الانشطة والحرف التجارية التي لا تتطلب الى خبرات طويلة او مهارات عالية كمحلات بيع الملابس والعطورات والاواني المنزلية وغيرها.
اضافة الى ذلك فانه من الاهمية الاشارة الى ان قرار السعودة المعروف رقم (50) لم يتطرق الى سعودة تلك الحرف التجارية حيث ينص هذا القرار على سعودة (5%) من مجموع العمالة ولكن فقط في تلك الشركات التي يزيد عدد العمالة فيها عن عشرين عاملا، اما بقية المحلات التجارية التي تقل عمالتها عن عشرين فهي غير ملزمة بالسعودة من اجل ذلك كان الشروع في سعودة تلك الحرف والمحلات التجارية على غاية من الاهمية.
ومما لاشك فيه ان هناك عددا من الجوانب التي يتوجب وضعها في الاعتبار اذا ما اردنا ان يكتب النجاح لسعودة الوظائف في تلك المهن التجارية ومن تلك الجوانب التي ارغب القاء بعض الضوء عليها ما يأتي:
أ ان ساعات العمل في تلك المحلات التجارية (ملابس بقالات وغيرها) في المملكة تمتد لمعظم ساعات اليوم وعلى فترتين (7 5,12 صباحا) و(5,3 12 مساء) في حين ان الساعات المحددة لعمل تلك المحلات في كافة دول العالم باستثناء المملكة لن تتجاوز الثماني ساعات وعلى فترة واحدة 9 صباحا 5 مساء يتخللها ساعة للراحة واذا ما عرفنا بالظروف والالتزامات الاجتماعية المتعددة التي تحيط بالعامل السعودي وذلك مقارنة بالعامل الاجنبي فإن ذلك يدفعنا الى المطالبة بتحديد ساعات العمل في تلك المحلات التجارية وجعلها في فترة عمل واحدة حيث ان مثل هذا الاجراء سيسهم بشكل كبير في نجاح مشروع سعودة تلك المحلات التجارية.
ب انه يتوجب التعامل مع سعودة المحلات التجارية بشيء من الحزم والبعد عن المجاملات التي لا تخدم الصالح العام ونحن نعلم جميعا بان نجاح الجهات المعنية في سعودة اسواق ومحلات بيع الخضار والفواكه لم يتم الا بعد ان طبقت العقوبات الصارمة على كافة اصحاب محلات الخضار الذين لا يلتزمون بسعودة كافة العمالة لديهم وقد نتج عن تلك السياسة الجادة ان العامل الاجنبي لم يعد يتجرأ ان يقترب من اسواق ومحلات الخضار والفواكه ما لم يكن مشتريا فقط.
ج أن اصحاب تلك المهن والحرف التجارية كالبقالات ومحلات الملابس وغيرها لن يكون بمقدورهم رفض توظيف العمالة السعودية لانعدام الخبرة او المهارات اللازمة, فالعمل في تلك الحرف لا يتطلب مهارات تقنية عالية.
د على الشاب السعودي الباحث عن فرصة عمل تقدير هذا الجهد المبذول من اجهزة الدولة المختلفة في سبيل توفير الفرص المناسبة للعمل في تلك الحرف التجارية, وبالتالي فانه يتوجب عليه الالتزام والانضباط والالتزام بكافة اخلاقيات العمل في علاقته مع صاحب المحل التجاري الذي اتاح له الفرصة بالعمل وفي هذا الخصوص فانني اتوجه بالنصح لاصحاب تلك المحلات التجارية بان لا يقتصر اجر العامل السعودي على المكافأة الشهرية التي يتقاضاها نهاية كل شهر حيث من الاجدى ان يخصص له نسبة بسيطة من الارباح خصوصا وان تخصص تلك النسبة سينعكس ايجابا على انضباطية العامل السعودي وحرصه على تعزيز ربحية المحل الذي يعمل به, وفي ذلك بلاشك فائدة مزدوجة لكل من العامل وصاحب المحل.
ه ان على الغرف التجارية والشركات الاسهام في وضع ورش وتدريب للشباب الراغب في خوض دورة تدريبية على القيام بأي من تلك الاعمال وفي هذا الخصوص يجدر بنا الاشادة بمجموعة العثيم التجارية لمساندتها الدائمة لخطط السعودة حيث لم تقتصر جهود المجموعة في توظيف الكثير من الشباب في مختلف الاعمال بالمجموعة وإنما تجاوز ذلك من خلال انشائها لمركز العثيم للتدريب وهو مركز متخصص في نشاط التجزئة ويعمل على تأهيل الشباب السعودي دون مقابل حيث يتيح ذلك للخريج الالتحاق بسوق العمل سواء كان ذلك في اسواق العثيم او في غيرها.
وختاما فانني أؤكد هنا بان تحقيق النجاح المتأمل في مشروع سعودة تلك المهن والمحلات التجارية سوف يسهم كثيرا في حل انفراج ازمة الكثير من الشباب السعودي الباحث عن فرصة للعمل، خاصة، وكما اشرت آنفا ان ذلك سيعمل على اتاحة مئات الالوف من الفرص الوظيفية.
** خاتمة:
أشعر احيانا عندما انظر الى الكثير من المحلات والمجمعات التجارية والتي تعج بالعمالة الاجنبية من مختلف الجنسيات (ما عدا السعودية) بأنني لست في وطني المملكة العربية السعودية فالعمالة في تلك الاسواق برمتها من الاجانب (خمسة ملايين عامل) وغالبية اموالنا (60 مليار ريال) تتسرب للخارج من خلال تلك العمالة عندها ينتابني شعور غريب الا وهو الشعور بأنني ضيف غريب في وطني، فما أسوأه من شعور وما أقدرنا على إزالة ذلك الشعور متى ما توافرت النوايا الصادقة المخلصة لهذا الوطن.
|
|
|
|
|