| العالم اليوم
* غزة زكي الأشقر
شهادات حيّة يرويها جرحى انتفاضة الأقصى من على أسرة الشفاء, أشبال الانتفاضة الذين تحدوا وتصدوا بصدورهم العارية وأسلحتهم البسيطة من الحجارة استطاعوا الصمود أمام أقوى ترسانة أسلحة إسرائيلية عاقدين العزم وعلى الاستمرار في نضالهم وكفاحهم حتى تحرير كامل تراب فلسطين ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
الشبل أحمد الزغبل ذو الأربعة عشر ربيعاً من حي الشيخ رضوان سجل قصة اصابته برصاص العدو عند مفترق الشهداء المحاذي لمستوطنة (نتساريم) الواقعة جنوب قطاع غزة والتي شهدت أعنف المواجهات والمجازر الدامية والتي سقط خلالها العديد من الشهداء قائلا: لقد ذهبت إلى مفرق الشهداء فور سماعي بالمواجهات لكي أشارك في مقاومة قوات الاحتلال وذلك بعد عودتي من المدرسة وذهبت خلسة من عيون أسرتي خوفا من منعي من المشاركة وخلال مواجهات اليوم الأول اصبت برصاصة مطاطية في قدمي ولكنها لم تثنني عن المشاركة في اليوم الثاني عدت للمشاركة وأصبت برصاص آخر من نوع الدمدم المتفجر.
وعن دوافع مشاركته في المواجهات أجاب بفخر واعتزاز وثقة عالية بنفسه إنها من اجل القدس التي تستحق ان نفديها بالدم وكل ما نملك من الغالي والنفيس, ويقول يهون الدم من أجلها وأضاف لقد قدمت عائلتي التضحيات الجسام خلال فترات الاحتلال فأصيب أبي وعمي وابنه وحتى عمتي فقدت عينها في الانتفاضة المباركة الماضية لعام 1987م.
كل هذا دفعني لكي اشارك أبناء شعبنا في مقاومة الاحتلال.
الشبل أحمد
الشبل أحمد حسن الذي لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره ويدرس بالصف الأول الثانوي ويسكن مع عائلته في حي الزيتون في قلب مدينة غزة يقول عن يوم اصابته لقد آثرت أن أخذ إذنا من المدرسة لمدة أسبوع لكي أتفرغ وأودي واجبي الوطني من خلال مقاومة الاحتلال ولاسيما انني شاهدت الاحداث والعمل الاجرامي الذي قام به جنود الاحتلال من اطلاق الرصاص المتعمد على الشهيد محمد الدرة الذي سقط بين يدي والده برصاص الغدر فعزمت حينئذ على المشاركة في هذه المواجهات فتوجهت الى مفرق الشهداء برفقة اصدقائي الخمسة دون علم اسرتي فاستأجرنا سيارة نقلتنا من شارع صلاح الدين إلى موقع المواجهات وهناك استحضرنا أدوات الحرب وفق تعبيره التي تشمل الحجارة والزجاجات الحارقة والاعلام الفلسطينية وخلالها بدأنا بمواجهة العدو الجاثم على ارضنا ومن ثم انضمت إلينا مجموعة من عشرة افراد حيث تم تقسيم المجموعة الى ثلاث حلقات وكل واحدة متخصصة بعمل خاص بها وبدأنا بمواجهة قوات الاحتلال وأمطرناهم بوابل من الحجارة وقذفناهم بالزجاجات الحارقة فقام على اثره جنود الاحتلال باطلاق نيرانهم علينا فأصيب اثنا عشر شخصا.
وعن تصوراته لمستقبل الانتفاضة اكد الشبل الفلسطني انها سوف تستمر ولن تهدأ أبداً نحن لا نريد سلاما مع اليهود نريد استرداد أراضينا المحتلة وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف واستبعد عودة الهدوء أو اجهاض الانتفاضة المباركة وأكد المقاتل الصغير وبالرغم من اصابته بأنه سيواصل وزملاؤه الذين اصيبوا وبعد الشفاء مقاومة ومواجهة الاحتلال بكل قوة وبفاعلية اكثر من السابق.
وعن كيفية توفيقه بين الدراسة والعمل الوطني الذي يقوم به قال انني أواظب على دراسة دروسي ليلا وفي النهار في مقاومة الاحتلال وذلك لتحقيق هدفي وهو النجاح والتفوق لانني من المتفوقين في الدراسة.
يعاهد نفسه بالشهادة
محمد خليل اللوح البالغ 18 عاما ويدرس في كلية الصيدلة السنة الاولى عاهد نفسه على الشهادة فداء للأقصى يقول انا أكبر اخوتي عندما علمت بالمواجهات عزمت على المشاركة بالرغم من محاولات والدي منعي إلا انني قررت المشاركة باصرار حيث توجهت بعد الدراسة برفقة احد أقاربي ويدعى رائد الى مفرق الشهداء وبدأت المواجهة مع جنود العدو بقذفهم بالحجارة والزجاجات الحارقة وبينما كان رائد يحاول رفع العلم الفلسطيني فوق برج المراقبة للمستوطنة اصيب بيده قبل تحقيق ذلك فعلم والدي بالامر فهددني بعدم الذهاب مرة أخرى إلى المواجهات ولكن لم اهتم بذلك فعدت مرة أخرى ووجدت زملائي وقد قاموا بتحضير الزجاجات الحارقة في ساحة كلية التربية المجاورة لساحة المواجهة وقد تحدثنا في كيفية المواجهة مع الجنود ووسط هتافات الله أكبر تقدمنا نحو برج المراقبة وبدأنا قذف الجنود بالحجارة والزجاجات الحارقة وفوجئنا بانهمار الرصاص كالمطر على رؤوسنا فأخذنا بالانبطاح على الارض وحاولنا النزول عن البرج بعد ان خفت حدة الرصاص حيث اصيب في هذه المواجهة زميلي قبل ان يأخذ وضع الانبطاح وحاولنا تهدئة الاوضاع وأخبرناهم بأن الاصابة بسيطة طلبنا الاسعاف الذي حاول الوصول للمصاب بصعوبة بالغة إلى ان تمكن في النهاية من ذلك.
وقال اللوح بلهجة قوية وبجدية لقد أجبرت والدي على الرضوح لرغبتي في الجهاد والمقاومة رغم انني اعرف تماما ان الحجارة لا تعني شيئا مقابل الصواريخ والطائرات والدبابات ولكن الاهم من ذلك ان اعبر عن انتمائي لوطني خاصة انني عشت الانتفاضة الاولى عام 1987 وتمنيت حينها الشهادة ولم انلها ولكنني اتمنى ان انالها في يوم من الأيام فداء ودفاعا عن (وطني) الحبيب فلسطين والاقصى.
أحمد نبهان
شهادة أخرى يرويها الشبل أحمد نبهان من مخيم جباليا الذي حمل وصية استشهادة في جيبه ويعمل في مصنع للباطون قال حينما سمعت بالأحداث في البداية لم يكن يخطر في بالي المشاركة ولكن بعد سماعي للاغاني الوطنية في التلفاز والاذاعة ومشاهدة الاحداث تحركت جوارحي ومشاعري واثارت لدي الدافع الوطني وقلت ان هذه الاغاني تؤثر في الحجر فما بالك بالانسان والحقيقة الذي لا يشارك في المواجهات يكون جبانا فعزمت على ذلك وكتبت وصيتي بجيبي وتمنيت الشهادة ولكن لم أنلها فأصبت في الايام الاولى للانتفاضة اثناء المواجهات الساخنة في مفرق الشهداء برصاصة مطاطية ودخلت مستشفى الشفاء للعلاج وبقيت هناك ثلاثة ايام ولكن لعزمي واصراري على مواصلة النضال ومواجهة العدو هربت من المستشفى على مسؤوليتي وتوجهت على الفور الى موقع الاحداث في نتساريم وأخذت اشد من عزم الشباب وفعلا تمكنت من تجميع مجموعة من الشباب وأمسكت علما كبيرا وتقدمت برفقة الشباب الغاضب نحو جنود العدو وقمنا بقذفهم بالحجارة والزجاجات الحارقة وفوجئنا بالصواريخ من حولنا من كل صوب وبعد كر وفر قررت الاقتراب اكثر نحو الجنود بدلا من الاختباء خلف ماكينات المصنع في تلك المنطقة حيث حدثتني نفسي بأنني قادم من اجل الشهادة وليس سواها فصعدت فوق ماكينة واطلقت الهتافات المعادية لشارون وباراك وأشرت بيدي لتحدي قوات الاحتلال الذين اكتفوا باطلاق النار على زملائي البعيدين من الموقع وبعد ذلك تركت المصنع وتوجهت نحو كلية التربية رافعا العلم وقطعت الطريق وفجأة قام أربعة من جنود العدو باطلاق الرصاص باتجاهي حيث اصبت في قدمي والعلم مازال بيدي حاولت استكمال الطريق لكن دون جدوى فقامت سيارة الاسعاف على الفور بانقاذي وقلت بأعلى صوت لم يرهبني رصاصكم ايها القتلة ولا أسلحتكم,, وأضاف بحسرة للاسف لم استطع نيل الشهادة التي طالما حلمت بها ولم استطع تحقيقها وحينها اخرج ورقة من جيبه وقرأ وصية كان قد كتبها قبل توجهه إلى المواجهات وتقول: بسم الله الرحمن الرحيم (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون) صدق الله العظيم.
|
|
|
|
|