| أفاق اسلامية
هناك ظاهرة لا يرتضيها الشرع, ولا يقرها الدين وقد ألفها بعض الناس فاستحسنوها وهذه العادة السيئة هي تبادل انواع التحيات وأنواع الابتسامات وتثبيت مواعيد الوليمة في المقبرة اثناء دفن الميت وحيث إن هذا امر منكر احببت ان انبه عليه,جاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة فهل من العقل بل من الدين ان يأتي ميت الجسم يشيعه بعض موتى القلوب ثم يقفون عند القبر ولا ابالغ ان قلت على شفير قبر الميت ثم يتعانقون ويتبايعون ويتداعون الى الولائم بتلزيمات حادة وكأنهم في قصر افراح.
وقد بوب البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه باب موعظة المحدث عند القبر وقعود اصحابه حوله ثم ذكر تحته حديث علي رضي الله عنه قالكنا في جنازة في بقيع الغرقد فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس فجعل ينكت في مخصرته فقال,, ثم ذكر الحديث والشاهد من هذا الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحدث اصحابه بما يرقق قلوبهم بمثل هذه الفرصة السانحة في المقبرة بين الموتى وكانوا يجلسون حوله بوقار وسكينة كما جاء ذلك مصرحاً به عند أحمد من حديث البراء بن عازب قالفجلسنا حوله كانما على رؤسنا الطير,, الخ والنبي صلى الله عليه وسلم قالزوروا القبور فانها تذكر الموت اخرجه مسلم.
نعم لانه امر يذكرك بمصيرك إما عذاب او نعيم وكفى بالموت واعظاً، فالواجب على جميع المسلمين المسارعة في الاستجابة لامر الله عز وجل والا تكون العادات والتقاليد سبباً في مخالفتهم للشرع، فكم من المخالفات التي يرتكبها المسلم في حياته وقد يخط الشيب رأسه وهو متمسك بها بحكم انها عادات ورثها عن آبائه واجداده وبئس الارث وما ورث ان كانت ستمنعه من التقيد بالاحكام الشرعية وقال ابن عقيل الحنبلي رحمه الله لو تمسك الناس بالشرعيات تمسكهم بالخرافات لاستقامت أمورهم,, وقال: ابن مفلح رحمه الله ينبغي الانكار على الفعل غير المشروع وإن كثر فاعلوه.
فيا اخي في الله اقول عودا على بدء إن الداخل الى المقبرة في هذا الزمان يرى ويسمع عجباً ويشاهد امورا لم تكن معهودة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد صحابته ولا في عهد السلف الصالح من هذه الامة الذين هم خير القرون فطالما رأينا من علا صوته بالضحك وذاك يتكلم بأمر من امور الدنيا وكم من الصفقات التجارية تم عقدها بين القبور وبعضهم هدانا الله واياهم وجميع المسلمين يستخدم اجهزة الجوال فيحصل اذية للحاضرين بل بعضهم يبيع ويشتري بهذا الجوال فأين فزع الموت اين البكاء عند القبور اين الاتعاظ اين تذكر نعيم القبر وعذابه اين هؤلاء وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته فقل لي بربك هل هذا اقتداء بمن سلف!؟
روى الامام احمد عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه ابصر رجلاً يضحك في جنازة فقال تضحك في جنازة لا اكلمك ابدا وقال الاعمشكنا لنشهد الجنازة فما ندري من نعزي لحزن الجميع وقال الفضيل بن عياض رحمه الله اذا كانوا في جنازة يعرف ذلك فيهم ثلاثة أيام .
بل قال إبراهيم النخعيكنا اذا حضرنا جنازة او سمعنا الميت عرف ذلك فينا أياما لأنا قد عرفنا انه قد نزل به امر صيره الى الجنة او الى النار .
وقال مطرف بن عبدالله بن الشخيرأن اباه كان يلقي الرجل من خاصة اخوانه قد بعد عهده به فلا يزده على السلام حتى يظن الرجل في صدره عليه موجدةأي غضب وكل ذلك لانشغال فكره بالجنازة وتفكره فيها وفي مصيرها فإذا فرغوا منها لقيه وسأله عن حاله ولاطفه وكأنه منه على احسن حال .
فانظر رحمك الله الى هؤلاء القوم وانظر الى حالنا اليوم نسأل الله ان يردنا اليه رداً جميلاً ومما اريد ان انبه عليه ايضاً حمل الجنازة بالسيارة ولاسيما اذا كانت المقبرة قريبة وحيث إن هذه العادة تفوت الغاية من حملها وتشييعها وهي تذكر الاخرة كما نص على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قولهواتبعوا الجنائز تذكركم الاخرة اخرجه ابن شيبة وغيره .
اقول ان تشييعها على هذا الصورة مما يفوت على الناس هذه الغاية الشريفة تفويتاً كاملاً او دون ذلك فإنه مما لا يخفى على البصير ان حمل الميت على الاعناق ورؤية المشيعين لها وهي على رؤوسهم ابلغ في تحقيق التذكر والاتعاظ من تشييعها على الصورة المذكورة.
أضف الى ذلك انها سبب قوي لتقليل المشيعين لها والراغبين في الحصول على الاجر.
صالح بن عبدالله الشقيق إدارة التوعية والتوجيه بفرع منطقة القصيم
|
|
|
|
|