| الاقتصادية
هل الإصلاح الاقتصادي توجه واحد للأمام أم أنه لف ودوران؟ وهل هو يأتي من أعلى الى أسفل أم يدور في حركة لولبية متكاملة؟ أسئلة مهمة تمس مفهوم الاصلاح الاقتصادي وتطبيقاته فلنناقشها مع الأمثلة, إذا قررنا بأن الأنظمة والقرارات المهمة التي صدرت مؤخرا لتعالج بعض الاصلاحات الاقتصادية ولتقدم فرصاً للنمو والتطور الاقتصادي فإن هناك من ناحية أخرى قرارات وتصرفات تتعارض مع مفهوم التطوير والإصلاح وتتسبب في حالة من الغموض خاصة لمعرفة النهج الاقتصادي الذي نسير عليه والتفضيلات الاقتصادية التي نرغبها، بمعنى أن هناك نوعا من التردد في المنهج والدوران في حلقة مفرغة.
على سبيل المثال في الوقت الذي تتم فيه الدعوة لتطبيق مفهوم السوق وإعطاء آليات السوق فرصة الحركة وزخم التأثير بعيدا عن التدخلات السلطوية والقرارات الوزارية، فإن ما حصل في حكاية الألبان الصناعة وليس الشعب كانت (خضة) من يخض للمنهج وليست دعما له.
زبدة القول هي أن اللجنة الوزارية التي فرضت الاتفاق في صناعة الألبان على تحديد الأسعار والحصص وربما مناطق النفوذ قد ضربت منهج السوق المفتوح في مقتل، وعن المستهلك لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم !! المقصود هاهنا أن الاجتماعات التنسيقية والاتفاقات المعلنة أو السرية بين المنتجين في صناعة معينة والتي تؤدي الى حمايات أو احتكارات تتعارض مع الدور المتوقع لآليات العرض والطلب وقد تقع الفأس على رأس المستهلك، وهذا سيؤثر على قدرة القطاع الخاص لقيادة الاصلاح والتنمية الاقتصادية بمهنية أو احترافية معقولة بعيدا عن الممارسات الشخصية والسياسية.
قرار منع الوزراء من تولي رئاسة مجالس ادارة الشركات المساهمة كان من أفضل القرارات لجهة نزع صبغة البيروقراطية والنمط الحكومي من ادارات الشركات المساهمة ذات الأهداف الربحية، ولكن لم يأت القرار شاملا فقد استثنى بعض الشركات ولم يدخل بعض المناصب ذات الطابع الحكومي مثل وكلاء الوزارات وغيرهم في معية أصحاب المعالي الوزراء وغض الطرف عن أهمية تداول الرئاسة والادارة في الشركات المساهمة، وهذه مسألة على درجة عالية من الأهمية, في بعض هذه الشركات المتعثرة يستمر رئيس مجلس الادارة فترة طويلة بفضل اسمه ورأس ماله وعلاقاته وأشياء أخرى، ولكن ليس بالضرورة كفاءته, أما بعض مديري العموم في هذه الشركات فهم يتغنون بالمقطع الشعري الشهير مقيم ما أقام عسيب !! لذلك لابد من قرارات وتنظيمات تعالج هذه المسألة بعناية فائقة.
من ناحية أخرى، ما زلنا نرى القرارات الاقتصادية المهمة تنزل نزولا من أعلى ويتضاءل دور القطاع الخاص في التفكير والتنفيذ مع أن الرؤية الاستراتيجية للاقتصاد الوطني تتجه في وضوح الى اعطاء دفة القيادة لهذا القطاع, لنأخذ مثالا من صلب تجارب ومداولات الخصخصة, أغلب المبادرات المطروحة في هذا المجال حكومية المصدر وأغلب الطروحات التطويرية تأتي من المكاتب البيروقراطية, وهنا نقول أين دور القطاع الخاص أم أنه لم يجد آذانا صاغية؟
التطوير والإصلاح في عالم الاقتصاد عملية متكاملة تجري آلياتها وأساليبها ومفاهيمها كتفا الى كتف ولا تأتي هكذا بالمزاج والانتقائية والجهود المبعثرة.
|
|
|
|
|