أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 27th October,2000العدد:10256الطبعةالاولـيالجمعة 30 ,رجب 1421

مقـالات

الوعي الأمني
د, عبدالرحمن بن محمد القحطاني
في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها جريدة الجزيرة الموقرة من اجل توعية امنية في وطننا السعودي الكبير واسهاماً منها في الدور الاعلامي للحملة الوطنية الاعلامية الشاملة للتوعية الامنية والمروية جاء تنظيم ندوة متخصصة تحت عنوان العلاقة بين رجال الامن والمواطن مساء يوم الاحد الموافق 26/6/1421ه وقد نشرت الجريدة فيما بعد ما دار في الندوة.
وجميل ان تخرج الندوة بعدة توصيات ستجد إن شاء الله العمل والتنفيذ ما دام الأمر يخدم المصلحة الأمنية الوطنية ومن ضمن التوصيات تكوين لجنة لمكافحة الجريمة, وقبل أن ندخل في موضوعنا اليوم أود أن أذكر أن الجزيرة مشكورة قد نشرت لكاتب هذا المقال موضوعاً عن الجريمة والإعلام نحو استراتيجية إعلامية لمكافحة المخدرات بتاريخ 11/3/1415ه عدد 7994 والتي تضمنت الرأي بأهمية تكوين لجنة وطنية لمكافحة الجريمة والذي نأمل ان يتم ذلك لاهميتها في العمل الآمن الشامل.
الوعي الأمني في حقيقة الأمر مطلب الإنسان العاقل السوي وبدون الأمن فلا حياة وبدون رجال الأمن فلا ضبط ولا أمل بأن يعيش الإنسان في أمان, فدرجة الأمن تحددها العلاقة بين رجل الأمن والمواطنين فهي علاقة طردية فكلما زاد الفهم والتفهم قلت الجريمة ودب الامن وكلما ضعفت العلاقة زادت نسبة الجرائم, إذآن العامل المشترك هو تعميق الوعي الامني لكل من رجل الأمن والمواطن، ونتيجته الحفاظ على الضرورات المعروفة الخمس الدين والنفس والعقل والعرض والمال , ومن هنا اصبح لزاماً على أجهزة الأمن السعي قدما لكسب ثقة المواطن والمواطنة المقيمة وتعميق ذلك الوعي الأمني وتحويل دور المواطن من مستفيد فقط إلى علاقة مشتركة يقوم الفرد بدور تعاوني ومؤيد لرجل الأمن, لاشك أن هناك فجوة بين رجال الأمن وفئات الجماهير المختلفة والتي تكمن في تقيد حرية الفرد عندما يتعامل رجل الأمن مع القضايا والوقائع الامنية ومنها اجراءات التحقيق الجنائي والتفتيش والمداهمة والقبض مما يسبب ردود فعل لدى المواطنين تجاه رجال الأمن أو رجل الشرطة المعنيين إن صح التعبير, وتزداد سعة الفجوة بعدم الثقة وذلك لعدة أسباب منها نسبة الأمية (الإنسان الذي لا يقرأ ولا يكتب) والأمية الأمنية المشتركة بين رجل الأمن والمواطن فضلاً على تدني المستوى التعليمي والتدريبي الذي ينعكس سلبيا على عمل أجهزة الأمن ومضاعفتها لأداء واجبها.
وهنا يتساءل رجل الأمن لماذا الدور السلبي وتدني درجة الوعي الأمني لدى المواطن؟ لعل خير إجابة ولا ضرر ان نعود إلى المكتبة الأمنية لطرح وجهة نظر أمنية بحتة, العقيد سالم علي محمد في بحثه المقدم للندوة العلمية الثالثة والأربعين حول العلاقة المتبادلة بين المواطن والشرطة، أكاديمية نايف العربية للعلوم الامنية، أرجع الاسباب إلى عدة عوامل أهمها:
1 النظرة القديمة التي لا تزال تسيطر على المواطن وترسخ في ذهنه من ان الشرطة جهاز قمعي مخيف ورهيب.
2 تدني المستوى التعليمي لعموم الشعب الذي تعاني نسبة كبيرة من سكانه من الامية والجهل.
3 نقص الثقافة الأمنية للمواطن نتيجة عدم التوعية الاعلامية الكافية.
4 عدم الإلمام أو العلم بالدور الذي تضطلع به الشرطة وما تقوم به من أعمال وما تبذله من جهود في سبيل تحقيق الأمن والسهر على راحة المواطن.
5 عدم الاحترام الذي يلقاه المواطن إذا ما استدعي لأي سبب كان أمام الشرطة ولو كان بصفة شاهد أو للحصول على مصلحة شخصية له فلا يجد سوى الغلظة والجفاء والخشونة في المعاملة وإهانة كرامته أحياناً.
6 عدم الإحساس بالمسؤولية الناجمة عن الوقوف موقف المتفرج من الظاهرة الإجرامية وتجاهل معرفة وتقدير حجم الضرر الذي ينتج عن ذلك والذي هو بلاشك عائد عليه او على اخوة له من مواطني دولته أو على سلامة الدولة التي يعيش فوق أرضها.
تلك الأسباب في جملتها قد لا تنطبق على واقع العلاقة بين رجل الأمن والمواطن السعودي إلا أن هذه الأسباب هي من الامور التي يجب أن تؤخذ في الحسبان عند التخطيط للحملات الأمنية الوطنية والمرورية المحلية!؟ وعليه فإن الأمر يقتضي القضاء على هذا الدور السلبي للمواطن وذلك بتطوير العلاقة بينه وبين رجال الأمن, الرائد محمد حمد الثقفي في الندوة العلمية الثالثة والأربعين حول العلاقة المتبادلة بين المواطن والشرطة ، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، أكد على عدة أمور يجب طرحها كما ذكرها الثقفي وهي:
1 إزالة آثار الماضي وذلك بنقل مفهوم الأمن التقليدي من إقرار النظام وحماية القانون الى ما يسمى بالوظيفةالاجتماعية للشرطة وكذلك الوظيفة الاقتصادية,, وحسن الأداء وأدب التعامل مع المواطن وتقديم الخدمات اللازمة يسهم كثيراً في إزالة آثار الماضي وكسب ثقة واحترام المواطنين.
2 تبسيط اجراءات استقبال المواطنين وهذا يعني اختصار خطوات العمل، وأخذ المعلومات الكاملة من المواطن دونما تعطيل وكذلك استخدام التقنية الحديثة والابتعاد عن الاساليب البدائية ومضايقة المواطن لمجرد انه تعاون مع رجال الامن.
3 إزالة العوامل النفسية بازالة الشعور السلبي من نفوس المواطنين وذلك من خلال تقديمه للخدمات الانسانية والاجتماعية للمواطن الملتجئ إليه، فحينما يقوم رجل الشرطة بايصال الطفل التائه إلى أهله أو يسعى لإسعاف مصاب أو يقوم بدرء الخطر عن مواطن كاد أن يقع فيه، فإنه هنا سيمتلك ثقته وسيحوز على اعجابه، وسيساعد ذلك على تقوية أواصر المحبة والتعاون بينهما.
4 إزالة العوائق الناتجة عن تصرفات بعض أفراد الشرطة من خلال اختيار العناصر البشرية المؤهلة وتدريبها,, فسلوكه الشخصي متى كان متزنا (سواء كان في الملبس أو في التخاطب او في التعامل) فإن ذلك يساعد في اكتساب المواطنين المراجعين له وبالتالي اقامة علاقات اجتماعية قوية بينه وبينهم,, وكفاءة رجل الأمن يمكن اكتسابها بالتدريب والتثقيف.
5 تأمين الاحتياجات اللازمة لاداء العمل الشرطي: وذلك بتوفير الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لتحقيق الأهداف من حيث مبنى القسم، عدد الضباط، عدد الأفراد، عدد الآليات، ومستوى ونوع تلك الآليات.
6 الإعلام والمواطن ورجل الشرطة يستفاد من وسائل الإعلام في الاتصال الجماهيري وذلك من خلال طرح المجهودات الحقيقية التي حققتها الشرطة لصالح المجتمع والمخاطر التي تعرض لها أفرادها فإن ذلك سيزيد من تعاطف الجمهور مع الشرطة ذاتها، كما أن الأعمال الفنية التي تنشر للجمهور عبر وسائل الإعلام والتي تتضمن الأخلاق الفاضلة التي يتمتع بها رجل الشرطة ودوره في المجتمع، وتعرض حياته دائما للخطر لقاء تحقيق أمن المجتمع واستقراره سيؤدي إلى إرسال رسالة مباشرة لكل مواطن تحثه على التعاطف مع رجل الأمن, وبالتالي لتأييد الجماهير للشرطة يتطلب الاستعانة بخبراء متخصصين في مجال الاقناع والإعلام ولديهم المقدرة على تشكيل الرأي العام وتوجيهه عبر وسائل الإعلام خاصة في مواجهة أحداث العنف والارهاب وغيرها.
7 تنمية الوعي الأمني لدي للمواطنين حيث يتطلب حث المواطن للتعاون مع الشرطة في مجال الوقاية من الجريمة ومكافحتها,, فاثارة وعي المواطن الى اهمية المشاركة في حفظ الأمن والاستقرار يتم:
(أ) باقامة الندوات ودعوة الدارسين والباحثين من رجال ونساء لدراسة المشكلات الاجتماعية.
(ب) اشراك المواطنين في دراسة المشكلات الامنية واقتراح الحلول اللازمة لها.
(ج) غرس مبادئ الوعي الأمني لدى الطلاب في المدارس من خلال الأهداف السلوكية والوجدانية للمواد التعليمية وحصص التربية الوطنية.
(د) انتاج برامج مرئية ومسموعة ومقروءة ونشرها عبر وسائل الاعلام توضح كيفية استدماج الوعي الامني وتوضح كيفية التعاون مع رجال الامن وأهمية ذلك.
8 رفع الروح المعنوية بين العاملين بالشرطة انفسهم وهنا يأتي دور الادارة بتنمية الاخلاص في العمل وتنمية المهارات الادارية والفنية مع تقديم حوافز معنوية ومادية مما يوثق العلاقة بين المواطن والشرطة ويتحقق ذلك بمتابعة تنفيذ أداء العاملين في الاقسام وهنا يأتي، أيضا التأكد من حسن اختيار الافراد ووضع صناديق الاقتراحات والتفتيش المستمر والتأكد من المظهر الأنيق.
9 وأخيرا مكافأة وتشجيع المواطن المتعاون الذي هو الاخر قد يتعرض إلى مضايقات الوقت الخاص به وفي اثناء الاستدعاء للتحقيق إما مكافأة معنوية أو مادية نتيجة ما قدمه من وقت ومعلومات.
وخلاصة القول إن هذا الواقع والنموذج المقدم في تحسين العلاقة بين رجل الأمن الشرطة والمواطن يظهر بصورة قاطعة تكامل عناصر هذا النموذج وتداخلها بعضها ببعض, فإحياء العلاقة يستدعي ضرورة صناعة ثقافية امنية مناسبة تبدأ أولا من رجل الأمن قبل المواطن ومصافحة أمنية مع وسائل الاتصال الجماهيرية، فهي نافذة مفتوحة لدعم العلاقة نحو وعي أمني أفضل.

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved