أنا بالطبع لا أفهم بالخطط العسكرية، ولكني أقرأ التاريخ لأنه تخصصي الجامعي ولأنني أجد متعة زائدة حين أقرأ التاريخ الحديث,, أي القرن العشرين بكل التحولات والزوابع التي حصلت به,, ومنطقة الشرق الأوسط,, دولنا العربية ,, الجزء الذي كان أكثر تفاعلاً مع تلك الأحداث بل وفي كثير من الأحيان هو الدافع والمحرك لها,, سلباً وليس إيجاباً بمعنى بسبب موقعه الاستراتيجي والثروات الطبيعية فيه، أصبح عامل جذب لكل أنواع القوى,, تتصارع للحصول على تلك الخيرات والمميزات,, والتاريخ الحديث يقول ان كسب الحروب يأتي بعدة عوامل أهمها التكتيك الحربي اي الخطط العبقرية لشل حركة العدو,, واستخدام كل سلاح جديد وأيضا أهمية دراسة العلاقات الدولية والاستفادة منها,.
هذه الفلسفة ليست مني بل هي اقتراحات هتلر فقد رفضت فرنسا العظمى استخدام السلاح الجديد الدبابة ثم الطائرة لأنهما يستنفدان الكثير من الوقود النفط بينما الحصان يأكل الشعير الذي كان متوفراً حينذاك ورخيصاً,, وهكذا اكتسح هتلر فرنسا وهولندا وبلجيكا مرة واحدة بالدبابات التي تحميها أسراب من الطائرات الحربية التي كانت جديدة على ميادين القتال وكان العالم كله يرتجف من الهول الألماني القادم,, تذكرت العدوان الثلاثي على مصر,, أوروبا خرجت من هزيمتها أكبر قوة وأعظم اقتصادا، ومصر العزيزة تعاني انكسارات الذات,, نحن أقوام متشائمة تكره الجمال وتبحث عن القبح والسلبية وتضخم العيوب ثم تجلس تندب حظها,,
الكلام يقودنا إلى مؤتمر القمة التي يطلب منها البعض اجتراح المعجزات وهذا مستحيل, الخطب التي ألقاها الزعماء العرب, الأسد أدخل الرعب في قلوبنا عندما استشهد بالقاتل والمقتول,, وعزيزتي المؤلفة البريطانية الشهيرة أجاثا كرستي تقول وتؤكد: عندما ترى جثة قتيل ابحث فورا عن أقرب الناس وأحبهم إليه وستجد الجاني .
ملك الأردن الشاب غمز من قناة العراق وأزمة الخليج والكويت, وكنا نتمنى ان تكون القمة العربية مجالا لتصفية القلوب,, ولا نرضى ان تعامل العراق العظيمة ذات التاريخ العربي العريق مثل الطفل المذنب,, هذا كثير,, ودغدغة عواطف الخليج الذي تعتمد عليه الأردن لا يكون على حساب العراق الغالي,, عشر سنين من المعاناة والحصار أكثر مما يجب بل ان الأمر صار ماسخاً أي بدون ملح وكريه.
الخطاب الوحيد الذي كان مختصرا ومفيدا هو كلمة سمو الأمير عبدالله آل سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية لقد كان موضوعيا وصريحاً وقدم الملايين التي تحتاجها دولة فلسطين دون سفسطة كبيرة, بقية الدول ألقت كلماتها أو شعاراتها العاطفية وساندت وشجبت ولا نطلب المستحيل فهذا قدرنا, ونتمنى ان يعيش الجاران اللدودان بسلام ولا نقول بحب,, فقصة الصراع بينهما طالت وتمططت ومللنا, ونريد زيارة دولة فلسطين والصلاة في القدس التي هي للجميع كما أرادها الله ,, كل الناس من كل الديانات لهم حصة بالقدس وقد ألبسها الله سبحانه رداء الشرق العربي وروح العروبة.
هل كانت مصادفة أم لمحة ذكية من الدكتورة الجميلة هالة سرحان في محطة art عندما أعادت تقديم مقابلة لها مع محمد الجمسي زعيم القوات المصرية المسلحة أيام الرئيس السادات، كان مثاليا قويا حاسماً يرفض التفاوض مع العدو الإسرائيلي بشكل قاطع,, وضع خطة العبور وشارك السادات في انتصاره بمعركة عام 1973م الخالدة.
أقاله السادات ,, ولم يشارك في احتفالات النصر ,, وظل صامداً، وقال لا,,, وكان يمثل جيلا وزمنا وكان آخر الرافضين, وعندما غير السادات وزارة الحرب إلى وزارة الدفاع كما قال الجمسي فقد افتتح عهد الحوارات ومحاولة فهم العدو,, كان السادات مرحلة وتجربة ومن الظلم الإساءة إلى ذكراه.
القمة الحالية يجب ان تؤرخ لمتغيرات الزمن التي يجب ان نتعلم احترامها,, ونضع لكل مرحلة ما يناسبها من حلول وأسباب بعقلانية وهدوء,,وأن يعلم العرب احترام قرارات الآخرين ويدعوا عنهم دور الوصاية غير المرغوب فيه.
فقطر دولة حرة تستطيع اتخاذ قراراتها بنفسها ، والفلسطينيون كذلك وينسحب ذلك على الدول الأخرى, والتاريخ يقول لكل قضية حل ونهاية!!.
|