| مقـالات
إن الغذاء هو مصدر التواجد البشري، انه ضرورة حياة، وهو أساس استمرار الانسان في الحياة وتواصل نموه وتكامل صحته, فماذا حول تلك الضجة الكبرى التي تناولت المواد الغذائية والمشروبات الغازية التي بلغت الى حد وصفها بأنها تحمل سموما للبشر عند الاستخدام الآدمي لها، فهي أغذية مهدرجة وملوثة تحتوي على عناصر مليئة بالأضرار التي تحيق بمتعاطيها ومستهلكها، ولها آثارها السلبية على صحة الانسان في عمومها وخصوصها.
ويقول الخبراء المختصون بعلوم التغذية انه حقا ثمة أصناف ثبت ضررها كالتسممات التي لحقت بالكولا، والهرمونات، والمضادات الحيوية للحوم، وكذلك ما حاق من شبهة الزبدة الدنماركية والتونة التايلاندية المحظور تناولها.
فمن هذه المواد ما هو خاضع للمعالجة الوراثية حيث استخدام الهرمونات لزيادة معدلات النمو بطريقة غير صحية، أو أنها ملوثة بالاشعاعات الضارة أو أنها لحوم مصابة بمرض يمكن أن ينتقل أثره للانسان عن طريق تناولها مما ينال من صحة المواطنين ويؤثر على الوطن بالتالي فيما يقوم به من علاج لما أفسدته هذه المواد، وسيتحمل الوطن تكلفة هذا العلاج الى جانب التضحية بصحة وحياة المواطنين الذين يمثلون قوى الانتاج في المجتمع.
لقد أحدثت هذه الضجة تشوشا في فكر واتجاهات المواطنين سيزيد من صعوبة تلقي هذه المواد من أجل استهلاكها، كما يظهر بعض المشاكل المضمنة في محاولة اغراق السوق بهذه المواد الخطرة للانسان وغير المأمونة كما أثير في هذه الضجة.
ولكن الخطر كما يوضحه الخبراء في التغذية والعلماء راجع لاستخدام التطبيقات البيوكيماوية على المواشي والدواجن ومعالجة تقنيات البويضات المخصبة لإنتاج أبقار ودواجن ذات حجم كبير تنتج كمية من اللحم أو اللبن تفوق ما تنتجه حاليا، وان نسبة اللحم الى العظم ستتعاظم وذلك نتيجة زيادة في هرمون النمو مما يؤدي الى سرعة معدله واكتساب خصائص جديدة ستفتح الطريق لفيض لا ينتهي من اللحم الرخيص والغذاء الكافي، ولكن الضرر الكامن فيها يتمثل في انها تحمل العديد من أنواع البكتيريا التي تسبب متاعب صحية للانسان وربما في القدرة العقلية وفي الشخصية نتيجة ما يصيب المخ من ضرر نتيجة التحويرات البسيطة التي تحدث في المواشي والدواجن وحتى الأسماك.
وازاء هذا كله نتساءل: أين موطن الأمان فيما هو معروض بالسوق من مواد غذائية؟ وما احتمالات تأثيراتها البيولوجية؟ وما التضمينات الاجتماعية لحماية المواطنين من العبث في صحتهم؟
إننا منذ هذه الضجة ونحن نعيش قلقا عارما مما يدعونا بطلب أن تقوم الجهات المتخصصة بيطريا وصحيا لدراسة معايير الأمان القانونية التي تحول دون تسرب هذه المواد محتملة الخطورة التي تهدد المواطنين، واجراء الاختبارات المعملية العالية الدقة على المواد الغذائية المسموح بها، واستخدام الامكانات التقنية للحد من الانفجار البكتيري المهندس وراثيا غير المحسوب لما له من أخطار محتملة ستزيد من تكلفة الخدمات العلاجية كما أسلفنا القول.
إننا في حومة معركة بيولوجية كبرى ربما تكون نتائجها لصالح تحسين نوعية الحياة، في نفس الوقت ربما تكون ضدها فأمامنا الآن منتجات تسوق تجاريا, وهذه المنتجات هي نتاج لتكنولوجيا الهندسة الوراثية فإلى أين ستمضي بنا هذه التكنولوجيا؟ أليس هو بلوغ تحوير أهم أجزاء الحياة؟.
إن المستهلك يريد أعلى جودة ممكنة وتحسين نوعية السلع المنتجة حيث ان المستهلك يشتري السلعة كحل لحاجته، ويهمه بالدرجة الأولى جودة المنتجات، وهو يبني قدراته الشرائية على أساس الاختيار فيما بين البدائل المتاحة معتبرا الجودة هي ركيزة المفاضلة.
وفي امكان المستهلك ان يتجه الى شراء المنتج الذي يمثل ضرورة ملحة بالنسبة له، ويشبع حاجاته ورغباته بطريقة أكثر نفعا وفاعلية وتأثيراً في حدود المواصفات المقررة, فالمستهلك لا يشتري سلعة يستشعر فيها ضررا لصحته، متأثرا في ذلك بدوافعه النفسية والدوافع الناتجة من الضغوط المتصلة بالجماعة أو الجماعات التي ينتمي اليها اجتماعيا.
ولهذا فان الرغبة في الشراء هي محصلة هذه الدوافع النفسية وتلك الضغوط الاجتماعية، فحيث يشعر الفرد بأنه في حاجة لسلعة ما فان دافعه في هذه الحالة هو دافع أولي لإشباع حاجة من حاجاته، والخطوة التالية هو أنه يقرر أي صنف من الأصناف يشتريه ليستهلكه.
وحينئذ يلزم على أجهزة الدولة ان تحدد الاحتياجات والرغبات التي يحتاجها أفراد المجتمع وأولوياتها بناء على دراسات ميدانية تسويقية ثم القيام بعملية تخطيط وتطوير نظام متكامل لتوفير السلع بالصلاحية والجودة الضرورية حتى تكون مهيأة للإشباع الآمن المطلوب، وقطعا لن يتحقق ذلك الا بدعم مراكز الدولة المسؤولة عن فحص الجودة النوعية لأصناف الاستهلاك الآدمي، وتطوير مختبرات تحليل المواد الغذائية لإمكانية التأكد من الصلاحية والكفاءة وتطابقها مع المواصفات السعودية التي تصنفها هيئة المواصفات والمقاييس بما يؤكد خلوها من المواد والعناصر ذات الاضرار بالصحة العامة.
وثمة دور لا يمكن تغافله وهو ما تقوم به وزارة التجارة في فحص عينات من الأصناف القادمة للأسواق السعودية.
والسؤال: أين دور وزارة الصحة من مراقبة الأسواق؟ وأين نحن من هذه السلع الغذائية التي تغطي كافة المملكة؟ هل نقبلها أم نرفضها؟ وهل هي قاصرة على السلع المستوردة وحدها أم تنسحب للسلع المنتجة محليا؟
واذا كان الشك قد احتوانا من ناحية اللحوم والدواجن والزبدة والمعلبات، فماذا بقي لنا للاستخدام الآدمي؟ ولمن يرجع القصور هل للمنتج أم الموزع أم المستهلك أم أجهزة الرقابة؟ ومن المسؤول عن إحداث التنسيق بين الأجهزة المختلفة الصحية والتجارية والتسويقية والرقابية؟ ومن المسؤول عن حماية المستهلك وحماية الوطن من جراء هذه السلع المشكوك في مصداقيتها؟
هل من مجيب؟
|
|
|
|
|