| مقـالات
اتصل بي أحد الذين ينسبون أنفسهم الى قافلة المعاقين أو المعوقين وسألني لماذا يا دكتور لم تكتب عن المعاق، أليس له حظ من كتاباتك؟!! قلت اليه بكل ايجاز أنني لا أعترف بوجود المعاق بيننا!! وقد سعيت جاهدا في أن يرفع هذا اللقب عنه، لان ذلك مجحف لحق الانسان اجتماعيا.
لقد ساهمنا بحسن نية في إلباس هذا اللقب كحلة لكل صاحب عاهة معطلة في جوارحه، ولكننا لو نظرنا وتمعنا في مصطلح معاق نجده مستمداً من العائق الذي يحول دون فعل شيء، وفي الإنسان تكون الإعاقة حائلا دون تحقيق الواجب,, ولكننا لم نسأل انفسنا: أي واجب؟!! أي واجب هذا الذي يجب على الإنسان ان يحققه ليكون انسانا مكتمل الصورة!!
هل يوجد بيننا انسان مكتمل على الاقل بالمقاييس التي تصل اليها محدودية فهمنا نحن الناس؟!! ففي الجانب الصحي مثلا هل يوجد انسان لا يشكو من شيء ظاهري او باطني، ان الكثير من الناس من يشكون من امراض داخلية فلماذا لا نطبق عليهم نفس المقاييس التي تحدد مدى ادائهم للواجب لنصل بعدها بكل يقين الى انهم أناس معاقون؟!! هذا سؤال.
وفي الجانب العقلي، هل كل البشر في هذه المعمورة متساوون في العقل وفي أنماط التفكير، ومرتبة الذكاء؟!! بالطبع,, الإجابة لا , اذن فلماذا لا يضع المنظرون والعلماء المختصون بالذكاء مقاييس علمية لأقصى مدى في الذكاء، الادنى محدد وهو الجنون ولكن من يقع بينهما ألَّا يجب ان يقال عنه معوق ايضا؟!!
لقد دخلت في احدى الدول الغربية مركز التأهيل من يسمون HANDICAPPED معاقين برفقة احد الذين يقومون بتأهيلهم ولا اخفي مدى الخوف الذي ملأ جسدي والقشعريرة التي انتابتني وانا اقابلهم واحدا واحدا بين الاروقة فجأة في كثير من الاحيان، بينما كان صاحبي الاجنبي يضحك معهم وميزح مبررا بسبب عدم تأهلي لمعايشة هؤلاء في مجتمعي ولذلك تربيت على عدم التفريق بين من يسمى معاق وبين المجذوم وبينهما فرق شاسع!!
هنا الآن اذن نريد ان نوصل رسالة مهمة مفادها اننا يجب ان نتبنى نظرة جديدة مغايرة نحو من نسميه معاق بان نرفع عنه حمل هذا اللقب الثقيل، وبالتالي يمكن ان يشاركنا فعالياتنا وتظاهراتنا الثقافية كما يمكن ان نشاركه نحن في برامجه ولا نتركه بمعزل عنا بالتأهيل، وهذا التأهيل يجب ان يقصد به لا ان يكون انساناً بل ان يتغلب على مفهوم الاعاقة لديه، ويزيح عن نفسيته انه معطل عن القيام بدورها ما تقوم به تلك الجارحة من جوارحه, ولو تأملنا في حكمة الله سبحانه وتعالى لاكتشفنا سرا عظيما يجب ان ننتبه له الا وهو تعويض النقص الظاهري بالباطني او العكس، او الظاهري بالظاهري او العكس ايضا، ويمكن دراسة كل حالة لمعرفة التعويض الذي هو حتما موجود.
|
|
|
|
|