| الفنيــة
للمسرح قدره عجيبه على التغلغل في سراديب الحياة وخفاياها فهو فن راق استقراطي كان يشاهده في الماضي علية القوم واصحاب البلاط وهو ايضا لايترفع ابدا عن الفقراء واصحاب المهن حيث يمكِّنهم من نفسه ويفتح لهم المستور والمتواري خلف ستارته ليشاهدوا عالمه السحري الذي يفوق مايرونه في حياتهم الواقعية حيث ان له قدره على اختزال المواقف الحياتية واعادة صياغتها من جديد وفق تنظيم فنوني جنوني احيانا لايتهيأ الا للمسرح الذي وصل إلى كل طبقات المجتمع من اصحاب المهن والفلاحين ورواد المقاهي والمدارس والجامعات والمصانع والغابات والاسواق والبيوت والصالونات وغيرها حيث كان دائما مستعدا ليتشكل حسب وضعية المكان ونوعية الجمهور!
والان ترد الينا الاخبار من بريطانيا عن تجربة فريدة حيث سيتحول مجموعة من الشبان ممن عاثوا في الارض فسادا في شوارع بريطانيا الى نجوم مسرح بين عشية وضحاها في تجربة رائدة لاستخدام المسرح كعلاج لظاهرة العنف بين الشباب، الفريق المسرحي ممن سبق لهم القيام ببعض الممارسات الجنائية وتتراوح اعمارهم بين 13 و19 سنة في بلدة نيوكاسل اندلايم، هذه التجربة تدخل ضمن مشروع كبير يستهدف مساعدة شبان المنطقة من خلال اسلوب علاجي غير تقليدي، بعض الممثلين فشلوا في التعليم وبعضهم سقط في براثن المخدرات، العرض المسرحي الذي سيحصل بعده الممثلون على شهادات تقدير لكن الجائزة الكبرى بالنسبة لهم هي ذلك التصفيق والتشجيع الذي سيقابلون به من الجمهور، ويعلق بعض المختصين فيقول: ان ذلك التشجيع ونجاح العرض سوف يحقق للممثلين اشباعا ذاتيا يعمل على رفع نسبة الادرينالين في دمائهم بدرجة كبيرة وهذه الاثارة نفسها التي كانوا يسعون لها اثناء مغامرات السرقة او تعاطي المخدرات,, هذا في بريطانيا وفي مصر تجربة مختلفة نوعا ما حيث ستعرض مجموعة من السجناء عرضاً مسرحيا ضمن معرض تشكيلي وفني وحرف يدوية، جمهور المسرحية من نزلاء السجن وتهدف التجربة الى اعطاء الفرصة لبعض النزلاء للتعبير عن مشاعرهم ومالديهم من مواهب خاصة ان الابداع لا يعترف بالقضبان الحديدية, هاتان التجربتان وغيرها من التجارب التي ربما لم تصلنا بعد ما الهدف منهما؟ انهما توجهان المسرح او تستخدمان المسرح في تعديل السلوك الاجرامي والترفيه عن النزلاء؟ واذا تحقق الترفيه عن النزلاء فذلك بحد ذاته هدف نبيل او ان يكون الهدف افراغ الشحنات الانفعالية واكتشاف المواهب فذلك هدف نبيل ايضا,, لكن المختصين لهم بالاضافة الى ذلك وجهة نظر اخرى انهم يؤكدون ان المسرح في هذه الحاله يقوم بعملية تحويل النشاط لان الشاب (الجانح) يمكن ان يحقق وعن طريق ممارسة المسرح نفس النتيجة التي يحصل عليها من الجريمة فكما يقولون ان الجريمة مغامرة والمسرح مغامرة أيضا ولكنه مأمونة العواقب، والجريمة = تحقق ذاتية الشخص الذي يمتهنها المسرح يفعل نفس الشيء الجريمة تحقق للبعض ان يجد نفسه ويجد مكانه في مجتمعه الجانح ولكن المسرح يحقق له مكانة افضل في المجتمع الطبيعي,.
الجريمة ربما تحقق النجومية والشهرة بين مجتمعه من الجانحين وشلة المجرمين المسرح يفعل ذلك ويحقق له نجومية على مستوى اكبر ونجومية ايجابية في مجتمع سوي وافضل مافيها انها لاتؤدي الى السجن!
اذا النتيجة كما يقولون لصالح المسرح دون خسائر فهل تدخل المؤسسات الاجتماعية لدينا والتي تهتم بالمراهقين الجانحين المسرح كعلاج في برامجها بعد ان اتجهت اليه بريطانيا ومصر! ان تطبيقه خاصة مع الجانحين الصغار ربما يحقق لهم بعض مايبحثون عنه,,, وهي ذواتهم الضائعة المتشردة ويمكن للمسرح ان يلمها ويعيدها الى جسد صاحبها، ان المسرح حري به ان يدخل الى مستشفيات الامل معالجا ومرفها ودور الملاحظة الرعاية الاجتماعية خاصة وان هناك جزءاً علاجيا ليس جديدا للمسرح وهو له علاقة وطيدة بعلم النفس وهو مايسمى بالسيكو دراما لا يعمل به لدينا بشكل جاد هذا اذا عمل به ,,, ؟ وهو حري به أن يستخدم لانه يحقق على الاقل الترفيه والتسلية والتطهير النفسي ان من الضروري ان نفكر جديا بادخال المسرح في حياة اولئك الفئات وقبل ان انهي هذه الاسطر يتقافز امام عيني سؤال ملح وهائنذ اكتبه الان لتقرأونه ( وهل أدخل المسرح في حي الاسوياء ليدخل في حي المرضى والجانحين) ,,, ؟! ومن يملك الاجابة يدخل ,,, !!
alhoshanei@ hotmail.com
|
|
|
|
|