إذا كانت 12 × 12 =144 في لغة الرياضيات البسيطة,, فإنها في لغة الكرة الآسيوية لا تساوي شيئاً,, وربما ساوت (المجموعة الخالية),, كما هي لغة الرياضيات المعاصرة,.
هذا ما أكدته المنتخبات الآسيوية الاثنا عشر التي شاركت في نهائيات البطولة الآسيوية الثانية عشرة المقامة هذه الايام في لبنان الشقيق.
وأياً كانت نتائج ومستويات مباريات مساء أمس (الاثنين) وما ستكون عليه مباريات (اليوم) الثلاثاء إذ ان هذا الموضوع كما هو معروف يكتب مساء الاحد على ابعد تقدير,.
اقول أياً كانت النتائج والمستويات فإن هذا لاينفي لقب (الأضعف),, إن لم يؤكده,, عن هذه البطولة والتي توافقت وللأسف مع الالفية الثالثة مما يتطلب معه انقلاباً في المفاهيم الكروية,, ونقلة كبرى للأفضل.
و(الأضعف),, وصف شمولي,, فنياً,, وإدارياً,, و,, الخ، ولعله من حسن حظ دعاة الاحتكار إذ لا تستحق بطولة كهذه,, بذل مساع لاحتكارها,, وهي حسنة تحسب لمن فتحوا قنواتهم للجمهور الآسيوي ليطلع عن كثب على كرته,, ويقتنع بانها مازالت تحتاج لوقت طويل لتعانق العالمية,, ومن ثم تخف وطأة غضبه على (الفيفا) وموقفه من المقاعد الآسيوية في كأس العالم,, ويجد لهم بعض العذر في ذلك.
وهو رأي ليس أحادياً,, ولكنه بإجماع كثير من المراقبين,, والمتابعين للكرة الآسيوية,, سواء عبر تاريخها الطويل,, او في تاريخها المعاصر,, باستثناء سكرتير الاتحاد الآسيوي بيتر فيلمبان الذي شذ عن القاعدة برأي مبني على قاعدة هشة وخاطئة و(ما بني على باطل فهو باطل),.
وحتى لا اتهم الرجل اذكر هنا ما قاله عن البطولة الآسيوية.
(إن مستوى الكرة الآسيوية تطور بدليل ارتفاع نسبة الأهداف في هذه البطولة).
وهو يدري وتلك مصيبة ان 19 هدفاً منها جاءت في ثلاث مباريات غير طبيعية النتيجة (اليابان السعودية 4/1، اليابان اوزباكستان 8/1، السعودية اوزباكستان 5/0) ناهيك عن نتائج اخرى، وهي نتائج لم تكن موجودة في بطولات سابقة.
لنترك فليمبان وغفلته,, أو,, استغفاله,, فهو لا يستحق المنصب الذي هو فيه,, ولا يستحق الحديث عنه,.
إن مصدر الضعف في هذه البطولة,, في نظري,, ونظر آخرين مبني على أمور ثلاثة.
الأول:
ضعف البلد المضيف فنيا,, وفقره جماهيرياً وهما عاملان اساسيان في نجاح اي بطولة ولم تكن ظروفه الجغرافية,, والمناخية,, لتساعد على التعويض عن ذلك.
فالفريق اللبناني (المستضيف) خرج من الجولة الأولى بعد ان قدم مستويات خيبت آمال جماهيره,, إلى جانب بعض المشاكل التي كانت تحيط بالفريق قبل البطولة والاختلاف عليه، وجاء خروجه ليطلق الرصاصة على ما تبقى من أمل جماهيري,, وان كان ضعيفا من أساسه,,!
ولعب توقيت البطولة دوراً في تأكيد ذلك وتعميقه إذ لم يكن الموسم سياحيا بالنسبة للبنان (الصيف),, مما يساعد على وصول جماهير الدول المجاورة,, كذلك بعده الجغرافي نسبيا في ظل هذه الظروف,, واعني تحديدا دول الخليج الممثلة بثلاثة منتخبات، وهو عامل شاهدنا كيف ساهم في نجاح كأس 88م في الدوحة (البطولة التاسعة)، كأس 96م في الامارات (البطولة الحادية عشرة)، حيث كان الجمهور السعودي بكثافته متواجدا هناك لسهولة وصوله,, وتنقله,.
الثاني:
هبوط مستوى معظم المنتخبات الآسيوية (طبعاً المشاركة),, لاسباب تختلف من فريق لآخر,, ويصعب الحديث عنها هنا بالتفصيل لكنها واضحة للمتابع,, ومرور البعض منها بمرحلة انتقالية,, او تغيير الجلد,, (كما يمكن ان نسميه),, ولم تكن هذه الفرق جميعها التي وصلت دور الثمانية هي نفسها بذات المستوى في سنغافورة 84,, او الدوحة 88 او حتى الامارات وفيها اليابان,.
ربما نستثني اليابان التي كان واضحاً تميّز مستواها,, وارتفاعه بشكل تصاعدي ملحوظ,, والصين بصورة نسبية بعض الشيء.
فاليابان استثمرت قدراتها في التخطيط والبناء في مختلف المرافق وفق سياسات علمية وتقنية مدروسة,, وطبقت ذلك على كرة القدم فنجحت في زمن قياسي,, بدءاً من تعاقدها مع لاعبين اجانب بمبالغ لم يستطع احد مجاراتها فيها,, وانتهاء,, ولم تنته,, بمشاركتها مؤخرا في بطولة امريكا الجنوبية بمقابل مادي يصل ملايين الدولارات.
والصين تملك قاعدة من اللاعبين قد تفوق مجموع سكان الدول المشاركة في البطولة مجتمعة,,, إلى جانب فتحها باب الاحتراف مما ساهم في رفع مستواها,.
الثالث:
اعتماد 12 فريقاً في النهائيات على غير ماهو معهود في بطولات سابقة حيث لوحظ التباين في المستوى,, وان هناك اربعة منتخبات كانت تقوم بدور (الكومبارس) فقط وهي لبنان اوزباكستان اندونيسيا تايلند.
وقد تأهلت المنتخبات الثمانية الاحق,, لكنها ستلعب بقية الادوار بطريقة خروج المغلوب، وهو أسلوب يحمل الكثير من الحذر مما يؤثر على عطاء الفريق,, وبالتالي مستوى المباراة,, ويلغي متعة الإبداع.
في حين ان البطولات السابقة,, كانت تشمل ثمانية منتخبات (مجموعتين) تلعب كل منها بطريقة الدوري,, وهو ما يعطي نكهة افضل للبطولة.
ربما يكون الاتحاد الآسيوي رأى في ذلك دعما للمنتخبات المتواضعة ومساهمة في رفع مستواها من خلال احتكاكها بفرق اكثر عراقة ومستوى,, كما هو الحال في كأس العالم الذي رفع عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات بصورة تدريجية من 16 فريقاً,, الى 24,, ومن ثم 32 فريقاً.
هذه العوامل الثلاثة ساهمت مجتمعة أو متفرقة في التأثير سلبا على مستوى البطولة,, ونجاحها حتى الآن,, وربما كان لها اثر عليها بصورة عامة.
* * *
الأدوار النهائية,, والبطل
من الصعب ان نطرح رأياً مسبقاً عن مباراة,, ويظهر هذا الرأي بعد اعتماد نتيجتها,, وهو ما يمكن ان يحصل لو تحدثت عن مباريات الأمس في دور الثمانية,, لكن هذا لا يعني عدم طرح رؤى عامة عنها.
اليابان:
لن اركب الموجة,, سواء النابعة من رؤى فنية ذاتية,, او مجاراة لنقاد معينين,, ووكالات انباء,, وارشح اليابان مبكراً للبطولة.
شخصيا أرى ان اليابان,, وان كان يمتاز بانسجام تام بين لاعبيه,, وتحركات مدروسة تنبئ عن حمل كل منهم (كمبيوتر) في عقله,, يصدر اوامر مبرمجة لارسال الكرات للزميل في زمن ومكان محددين,, إلا انني ارى انه كمنتخب لم يخضع لاختبار حقيقي في هذه البطولة، ونتائجه في الجولة الاولى ليست مقياساً,, إذ انها تميل عن الواقعية بعض الشيء,.
لاشك ان اليابان تطور مستواه,, ولكن كانت الظروف الأخرى معه عاملاً أساسياً في تسليط الضوء على ارتفاع مستواه.
اعتقد ان الاختبار الحقيقي له,, ولدفاعه الذي تبدو فيه بعض الثغرات غير المكتشفة حتى الآن سيكون في دور الاربعة,, عندما يقابل الصين,, وربما قطر,, أو في الدور النهائي عندما يقابل أيا من المنتخبات الاربعة في الضفة الأخرى.
الصين:
قد لا يجد صعوبة في تجاوز قطر,, ولكن من يدري,؟! عموما الكرة الصينية تطورت عما كانت عليه في البطولات الآسيوية السابقة,, وهو فريق يمتاز بقدرته على التعامل مع ظروف المباراة,, وتعديل النتيجة,, كما حصل مع كوريا.
إيران كوريا
اقوى مباريات البطولة حتى الآن كما هو متوقع, ومن حسن حظ المنتخب الايراني انه واجه لبنان ثم تايلند في بدايتها,, فكانت هاتان المباراتان بمثابة اعداد له للمرحلة الثانية,, كفريق لوحظ عليه عدم انسجام افراده وهو امر كان سائدا حتى في التصفيات التمهيدية التي تجاوزها من عنق الزجاجة بفارق الاهداف عن سوريا,, وبعد خسارة من البحرين,, حيث واجه صعوبة في تجميع لاعبيه,, لتباعدهم الجغرافي سواء داخل ايران,, او محترفي الخارج,, واعتقد انه بدا الان افضل مما كان.
والفريق الكوري يطمح لتسجيل بصمة له,, كفريق مستضيف لمونديال 2002 وفريق حظه في الآسيوية عاثر بعد اول وثاني بطولة في تاريخ كأس أمم آسيا.
الدفاع الايراني الذي لم يختبر,, ربما انكشف اليوم امام المنتخب الكوري الذي يجيد القدرة على خلخلة خط الظهر,, لكن هل ينجح في هز الشباك,, وهو الذي يملك قدرة اكبر على اضاعة الفرص والتفنن في ذلك,؟!
السعودية الكويت
اكثر المباريات غموضا,, فمهما كان مستوى كل من الفريقين,, ومهما كانت القدرات المتواجدة فيهما,, ومهما كانت نقاط الضعف مكشوفة,, ومصادر القوة معروفة,, إلا انه لايمكن التنبؤ بنتيجتها.
إلى جانب الأمور الفنية,, والقدرات الفردية لكلا المنتخبين فإن:
قوة الفريق الكويتي في انسجامه,, ثقته بنفسه,, تحديه مع الكرة السعودية.
وقوة الفريق السعودي في معنويته,, سمعته,, مواقفه مع الكرة الكويتية في الفترة الأخيرة.
لا اريد ان ادخل في مزيد من التفاصيل الفنية لكن كوجهة نظر شخصية ارى ان ثلاثة امور يفترض ان ينتهجها المنتخب السعودي في مباراة اليوم.
عزل بدر الحجي عن بشار عبد الله من جهة,, وعزل هذا الأخير عن جاسم الهويدي من جهة اخرى.
اشغال الجهة اليسرى للمنتخب اليمنى للكويت بلاعب مثل سامي الجابر,, والشلهوب لإجبار ناصر عثمان على عدم التقدم وهو ظهير عصري خطير,, او على الاقل استغلال تقدمه لتحقيق نتيجة ايجابية.
اشراك الدوخي كظهير ايمن لفرض قوة هجومية في هذه الناحية تحفظ التوازن وتجبر الكويت على اعادة حساباته ورسم خططه.
يبقى سؤال:
هل يلتقي المنتخبان السعودي والايراني في الدور قبل النهائي,, كما جرت العادة,.
اتمنى ذلك,, واتمنى ان تستمر هذه العادة.
والله من وراء القصد,,
raseel@La.com
|