باختصار: وإذا صارت الأشجار أجساداً,,,، فقد صارت الأوراق,,, ألسنة,,,، كل منها تردد,,, ذكر الله,,,، بمجرد مسِّ الهواء,,,، تُعلن الحياة صنع الحي القيوم,,,، لأن جميع الأشياء تقول: لا إله إلا هو، وتعمل ضمن حلقة,,, الكائنات,,,، وتسأل كل حين من خزينة الرحمة الإلهية مترجمة عن الكردية للشاعر أحمد الجزري، ضمن المقام الثاني من الكلمة السابعة عشرة ص 243، ج1 (الكلمات) لبديع الزمان النورسي,,, .
ومن رسالة (النورسي) في استنطاق النجوم ص 246 247 المرجع ذاته: إنها جميعاً تهتف وتقول بلسان (الحقيقة): نحن براهين ساطعة على هيبة القدير ذي الجلال,,,، نحن شواهد صدق على وجود الصانع الجليل وعلى وحدانيته، وقدرته، نتفرَّج,,, على تلك المعجزات اللطيفة التي جمَّلت وجه الأرض,,,، فنحن ألوف العيون (المبصرة) تطل من السماء إلى الأرض وترنو إلى الجنة,,,، نحن ألوف الثمرات الجميلة لشجرة الخلق,,,، نحن معجزات قدرة قدير ذي كمال، هكذا نبيِّن مائة الف برهان وبرهان، بمائة ألف لسان ولسان، ونسمعها إلى من هو إنسان حقاً,,, عميت عين الملحد لا يرى وجوهنا النيِّرة، ولا يسمع أقوالنا البيِّنة,,, فنحن آيات ناطقة بالحق,,, نذكره تعالى,,,, .
و(النورسي) يستنطق الكلمات في عذوبة تعبير تتحرك معه دلالات الكلمات وهو يطوعها نحو خدمة آيات الله في خلقه لتكون شواهد إيمان ناطقة بقدرته تعالى، وبتأثير هذه القدرة في إشعاعات تلفُّ الحروف، وتفجِّرُ المعاني,,,.
والله تعالى يؤكد في محكم تنزليه تسبيح كلِّ الخلائق له تعالى، وكلٌّ منها يسبِّح بلغته، الشجر والحجر والدواب والطائر، والإنسان ليس وحده من يسبح، بل هو مناط بعقلانية الإدراك،
وبإدراك عقلنة التسبيح,,,، وهذه الأشجار تنطق متحركة كأنها الأجساد تنتصب أمام المستلهم قدرة الله تعالى في خلقه، حتى ليخال أوراقها وقد تحوّلت إلى ألسنة لا تفتأ تذكر الذي خلقها وأحسن صنعها,,,، فلعل الرحمة تُسكب من خزائنه الثرية الوفيرة،
و(النورسي) يستشهد في ملتقى دلالاته بدلالات (الجزري)، عند محك الإيمان الناطق في شواهد الخلق الرباني العظيم,,.
ثم هو وهو يستنطق النجوم، إنّما يفعل ما يمكن أن يفعله كلُّ من آمن بالله تعالى، فأبصرَت بصيرتُهُ ما أبصَرَ بصرُه مما يترامى من آيات ملموسة، ومحسوسة، في مجالي الرؤية والإحساس في حياة الإنسان، وكأن النجوم وهي تنطق، إنما هي تعبر بلسان كافة شواهد الآيات في خلق الله تعالى، تلك الناطقة أمام البصائر والأبصار,,.
فكما تطل النجوم، تنهض الجبال، وكما يتحرك الهواء، تتحرك أجنحة الطيور، وكما تتجاذب الأنحاء أصداء الأصوات، تنفذ من المسارب الدفينة أشعة النور، وقطرات المياه، وذرات الهواء، وكما يستوعب المدى الذرة يستوعب الكيان بكل جزئياته,,.
فلا مجال في ملكوت الخلق العظيم الفسيح بكل تفاصيله لأن يضيع الإنسان دون أن تحاجه الآيات والأدلة,,.
ومن غوى فإنما غوايته على نفسه، لأن ما من ناهض فوق الأرض أو فيها أو دونها أو حولها إلا أدلة صارخة تدحض إلحاده أو غوايته، وتؤكد وجود هذا الخالق العظيم الذي يدل على وجوده كل الذي يستقبله الحس في الإنسان والرؤية،,,, فلا مجال لغواية إلا ما هوت النفوس، أو ضلت بفعل الشيطان فيها أو خارجاً عنها,,.
إن الكلمات وهي تستنطق دلائل الإيمان بالله العظيم إنما هي متعة التفكير، ومتعة الإحساس، ومتعة الهروب من أوجه الحياة التي شوهها الإنسان وهو يطغى,,.
وإن الأقلام بين أنامل الكتاب إن لم تفعل ما يفعله الموحدون بالله ممن يستهويهم التفكر في خلق الله فإنهم يفقدون لحظات الاستمتاع بجمال وجلال معطيات الله تعالى في حياتهم فيغيب عنهم الاستفادة النافعة مما هو في مجالي البصيرة والبصر لديهم,,, ويفقدون بذلك أجمل لحظات محاكاتهم لما حولهم، وتجاذب هذه المحاكاة مع نبض أقلامهم,,, فتهرب منهم متعة الإحساس في أجلى لحظاتها,,.
,,, ولعل لحظات مع تجليات عظمة الخالق في الكون,,, أجدى من لحظات نُكِبَ فيها الإنسان بما يفعل الإنسان,,.
فإن صفت النفوس في الاقتراب بالله تعالى,,.
كشفت لها البصائر دروب النور، وتلمس الطمأنينة,,.
ولعل في ذلك ما يهوِّن كرب الحياة على الإنسان.
|