| العالم اليوم
بدأت القمة العربية الطارئة في القاهرة، وهي فعلا طارئة في توقيتها وطارئة في القرارات التي ستتمخض عنها,, ورغم كل المحاولات التي بذلها حلفاء اسرائيل لتثبيط همم القادة العرب الا ان قادة اسرائيل اكدوا وللمرة الالف انهم بالنسبة لحلفائهم واصدقائهم صديق جاهل,, وويل للذي يدعم صديقاً جاهلاً اذ لابد ان يجر ذلك الصديق من يقف معه ويدعمه الى الهاوية التي لا تقتصر هذه المرة على اسرائيل وحلفائها واصدقائها بل تجر المنطقة العربية وما يجاورها من مناطق اوروبا وغرب آسيا الى مخاطر جمة,, فقادة اسرائيل الذين حاولت امريكا واوربا معا وبمساعدة امين عام الامم المتحدة على الخروج من مأزق جرائمها الاخيرة في الاسابيع الثلاثة بقتلها اكثر من مائة فلسطيني وتخريبها المتعمد لمسيرة السلام فسارعوا بالقدوم الى شرم الشيخ يتقدمهم كلينتون مصحوبا بالممثل الاعلى للاوربيين وامين عام الامم المتحدة، الا ان الاسرائيليين لم يقدروا ذلك ولم يروا في انعقاد قمة شرم الشيخ الا ما صورته لهم عقولهم المؤسسة على الاستخفاف بالعرب جميعا والاستناد الى الدعم السياسي والمادي والعسكري الامريكي والاوروبي,, فاعتبروا عقد قمة شرم الشيخ دعما لاعمالهم القمعية للشعب الفلسطيني واذ ساعدت قرارات شرم الشيخ على تكريس هذا الفهم الاسرائيلي الخاطىء، ففي شرم الشيخ لم تعالج اسباب اندلاع الانتفاضة بل بحث كيف يتم ايقافها ولم يتخذ اي شيء لردع اسرائيل بل لم يتم توجيه اي لوم لها رغم ان كل المشاركين يعرفون ان جنودها قتلوا بالرصاص اكثر من مائة شهيد فلسطيني لانهم يدافعون عن انفسهم بالحجارة,,!!
ولم يتخذ في شرم الشيخ اي شيء لحماية الشعب الفلسطيني,,!!
هذه النتائج التي ظهرت بها القمة شجعت الاسرائيليين على مواصلة عدوانهم فلا تزال عمليات القتل متواصلة ومنذ انتهاء قمة شرم الشيخ قتل الجنود الاسرائيليون اكثر من عشرين فلسطينيا وعشية بدء اعمال القمة العربية هدد باراك بتجميد مفاوضات السلام مع الفلسطينيين,,!!
ماذا يعني هذا استخفافا اسرائيليا بكل العرب,, وتطاولا على كل نصائح الحلفاء الامريكيين والاوروبيين، وهنا لابد من ان يكون الموقف العربي بمستوى التحدي الاسرائيلي، واذا كان العرب يرددون ولازالوا ملتزمين بالسلام كخيار استراتيجي، فالسلام يجب ان يكون سلاما مشرفا لا سلام الاستسلام وفرض العنجهية الاسرائيلية, وهنا لابد من ان يكون التعامل مع المعطيات الجديدة التي يفرضها الاسرائيليون تعاملا علميا وعمليا وفق رؤية استراتيجية جديدة وليس ردا عاطفيا كردود الفعل العربية المعتادة,, والكلمات التي استمعنا لها من قادة الامة العربية في افتتاح القمة تحمل بوادر هذه الاستراتيجية التي تأمل كل الجماهير العربية ان تترجم الكلمات الى افعال تؤسس لعمل عربي فعال.
والان ومن خلال كلمات القادة وضح ان هناك تبايناً في النظرة العربية للسلام والسعي الاسرائيلي لفرض الاستسلام على العرب جميعا، وهذا يعني انه لا يوجد تلاقٍ بين التوجهين، الا ان رضخنا للهوان والذل ولا اعتقد ان أي عربي تسري في عروقه نقطة دم يرضى بما تريد اسرائيل فرضه وتساعدها في ذلك امريكا واوروبا.
اذن يجب ان نستعد لما هو آت والاستعداد لدعم الفلسطينيين وحماية القدس,, وما قدمه الامير عبدالله في كلمته لانشاء صندوقين لانقاذ القدس والاخر لدعم انتفاضة الفلسطينيين يجب ان يقرا.
اما وقف التطبيع والغاء اي علاقات مع اسرائيل فلم يعد مطلبا عاطفيا او جماهيريا فحسب بل المتطلبات الاستراتيجية والكرامة العربية تفرض ان يوقف المطبعون فورا هرولتهم نحو اليهود اعدائهم، ويبقى وضع استراتيجية جديدة للتعامل مع مسيرة السلام وفق رؤية عربية واضحة للاسرائيليين والامريكيين معا,, فيجب ان يفهم الاسرائيليون ان الفلسطينيين ليسوا وحدهم في مواجهة اسرائيل وان الحكومات العربية وان اتصفت ردود افعالها حتى الان بعقلانية وحكمة فان الشارع العربي لا يمكن ان يظل في حدود ما صدر عنه خصوصا وانه يرى ان عقلانية الحكومات العربية تقابل باعمال عنيفة لا مسئولة وعدوانية من الاسرائيليين الذين ترسخ لديهم فهم وقناعة ان الحكومات العربية لا تستطيع الرد لتفوق اسرائيل عسكريا وللضغوط الامريكية، وهذا الفهم الذي لا يتوافق مع التطور التاريخي والتفاعل الطبيعي وفق ديناميكية الفعل ورد الفعل لا يمكن ان يستمر طويلا خصوصا وان العرب المسلمين يستندون الى موروث تاريخي ديني,, فكم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة باذن الله,, ولذا فلن يرهب العرب التفوق العسكري الاسرائيلي الامريكي، وبهذا فان اسرائيل لم تظل وحدها العدو الاوحد للعرب والفلسطينيين وافعالها ودعم امريكا المطلق لها وتخلي الادارة الامريكية عن دورها المأمول كراعية للسلام سيجعلها في موقع واحد مع اسرائيل.
فهل يفهم الامريكيون ما حصل في الشارع العربي في الاسابيع الثلاثة الماضية ام تظل آذانهم مفتوحة فقط للذي يصلهم من تل ابيب ويغلقونها عن كل ما يجري في المدن العربية والاسرائيلية,,,؟!
تلك هي مهمة واشنطن بأن تفهم وتحلل وتتخذ المواقف التي تتوافق مع مصالحها ومبادئها.
وتلك هي مهمة القادة العرب لصياغة استراتيجية جديدة وفق رؤية عربية واضحة تأخذ في الاعتبار كل عناصر القوة,, ومواقف الاصدقاء,, والاعداء معا.
والله المستعان،،،
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني Jaser @ Al-jazirah.com
|
|
|
|
|