| القرية الالكترونية
* عبدالعزيز أبانمي أريزونا
تحتضن الذاكرة ثلاثة مشاهد تختلف في مدلولاتها وتتنوع في أماكن حدوثها وتتفاوت في مدى ونوعية التفكير الذي يتميز به أبطالها, لكن عاملا واحدا مشتركا يجمع فيما بينهما وهو الانترنت.
المشهد الأول يتمثل في اعلان تم إلصاقه على جدران ممرات قسم اللغة الانجليزية بجامعة أريزونا الحكومية يطلب فيه أصحابه من مدرسي اللغة الانجليزية لغير الناطقين بها TESOL أن يراسلوا عنوانا معينا لملء وظائف تدريسية تتطلب من المتقدمين لها أن يكونوا على المام بكيفية استخدام الحاسوب والشبكة العنكبوتية في تعليم اللغة الانجليزية لأن المهمة الرئيسية لمن سيقع عليهم الاختيار لهذه الوظائف تنحصر في تقديم المساعدة لمجموعة من الطلبة الكوريين في تعلم اللغة الانجليزية عبر الانترنت فقط.
المشهد الثاني أبطاله مجموعة من المتخصصين في علم الصوتيات PHONETICS الذين صمموا موقعا مبسطا على الانترنت يمكن للمتخصصين في علم اللغويات LINGUISTICS بشكل عام ومدرسي اللغة الانجليزية بشكل خاص ان يرجعوا اليه لاحتوائه على وصف مفصل لمخارج الحروف وكيفية نطقها, ولا يقف الأمر عند ذلك بل يتعداه الى وضع رسومات توضيحية وتسجيلات صوتية لكيفية نطق كل حرف من الحروف, الموقع أقل ما يقال عنه هو أنه يمثل اقصى درجات الاستفادة الممكنة من الانترنت.
أما المشهد الثالث فيختصر بأنه صورة المئات من شاباتنا وشبابنا الذين لم يعرفوا من الشبكة العنكبوتية سوى المحادثة CHAT إذ تحول الانترنت بالنسبة لهم الى مجرد وسيلة أخرى من وسائل ابقاء الاتصال بالآخرين واضاعة الوقت في أحاديث لا تأتي بأي جديد أو مفيد!!.
وهذا المشهد الأخير بالذات لا أرغب في اضاعة الوقت بالحديث عنه وتحليله لأن المشهدين الأولين يستحقان الالتفات اليهما بشكل أكبر فهما اجدى نفعا وأكثر فائدة, وهما يعكسان بوضوح الاتجاه المستقبلي لاستخدام الانترنت والذي سيكون جزء كبير منه مخصصا لأمرين ترى فيهما الأمم المتقدمة مستقبلها الواعد: التجارة والتعليم.
فعلى صعيد التجارة، لا يمكن لأحد أن يشكك في حقيقة أن أكثر المواضيع اثارة حاليا هو موضوع التجارة الالكترونية E-COMMERCE أو E-BUSINESS، والتي تعتمد على عمليات التسويق واجراء المبادلات التجارية عبر الانترنت, أما على المستوى التعليمي فيكفي تحول الانترنت الى وسيلة تربوية متعددة الأهداف, فالشبكة العنكبوتية هي المكان الذي يحتضن المحاضرة وهي المكان الذي يحتوي على المقرر الدراسي بكتبه وأنشطته وواجباته وهي قبل ذلك كله توفر للمعلم امكانية توظيف الكثير من التقنيات التي كان من الصعب في السابق استخدامها داخل القاعة الدراسية من أشرطة صوتية ومرئية, انها أداة تضع في يد صاحبها كل العوامل المساعدة على الابداع في عملية التدريس وهو ما يقودنا الى التساؤل عن تلك الجهود المبذولة في هذا المجال داخل المملكة العربية السعودية والعالم العربي من أجل توظيف الانترنت في العملية التربوية حتى يمكننا على الأقل أن نغرس في أذهان أبنائنا وبناتنا من الطلاب والطالبات حقيقة أن للشبكة العنكبوتية استخدامات ترقى بكثير على مجرد محادثة صوتية أو نقاش عقيم في ساحة مفلسة.
|
|
|
|
|