| مقـالات
بعد اثنين وعشرين عاما من معاهدة التطبيع المصرية الإسرائيلية، كان الشارع المصري هو اكثر الشوارع العربية حماسا وغضبا وانفعالا مع انتفاضة الأقصى الأخيرة، بل هم يرفضون ان ينعتوها بالانتفاضة، ليقولوا ان الانتفاضة توحي بالمؤقت الذي سرعان ما يخمد وما يحدث في الارض المحتلة هو ثورة عامة تسترد ماء وجه العرب من اواني المذلة والانكسار الذي سكبته فيها معاهدات الاستسلام!!
وبعد ما يقارب على العقد من الزمان على معاهدة أوسلو مابرح الشارع الفلسطيني عاجزا عن تفسير رموز المعادلة الصعبة والبوصلة المجنونة التي تتنقل بين اليمين والشمال بتعسف وعجز عن الإنصات الى نبض الشارع ووجيب آماله وطموحاته وتطلعاته، وتتعامل وإياه بفوقية ووصاية وستار من الصمم يفصل بين المواطن ومؤسسات الدولة، وكأن القضية لا تشتبك مع دم الشهداء وجراح المصابين ومقدسات الأمة، بل هي اقرب مايكون للترويج الى مباراة في كرة القدم!!
فعند الحاجة الى تثوير وتأجيج للمشاعر والأحاسيس واشعال الشارع البسيط الذي لايعي من لغة السياسة الا المفردات الواضحة المباشرة والقيم والمثل التي تطمئن إنسانيته وحقه في العيش بالحد الأدنى من الكرامة المصانة علىالمستوى القومي والديني!! بينما للسياسية دهاليزها المعتمة ووجوهها المتعددة وأقنعتها التي تتبدل بين الشارع وطاولة المفاوضات.
وفي مقابلة اجرتها محطة امريكية مع سياسي فرنسي حول هذا الموضوع قال: (لو ان الحكومة الفلسطينية تنصت الى شعبها بشيء من الصبر والاهتمام لما هرولت الى معاهدة السلام بهذه الأذرع المفتوحة الخالية من أي سلاح، ولجعلت السلام ارداة شعبية وليس قرارا فوقيا مهددا ومتعثرا، وسينهار بين اللحظة والاخرى لأنه لا يمتلك الأرضية الشعبية التي تدعمه وتحميه وتمنحه الحياة والاستمرار والتطور).
هذه وجهة نظر غربية ومحايدة استطاعت ان تلمح هذه الحقيقة وهي ترقب المشهد عن بعد، ولكننا لانراه او بالأحرى لانود ان نراه، وشيء مرعب ان نكتشف يوما ما ان تلك السحابة العظيمة المقدسة التي تحمل الشهداء ابتداء بمحمد الدرة وسامي او جزر وصولا الى ايمن العاطل آخر الشهداء الذين سقطوا امس ماهي الا ورقة يلوح بها ياسر عرفات على طاولة المفاوضات، وصخب الشارع ليس الا غوغاء صادرة عن مشجعين منفعلين لمباراة في كرة القدم!!!.
* * *
الأخ سلمان العنزي جامعة بيركلي كالفورنيا:
اوافقك على الكثير مما جاء في رسالتك،ولكن اذا حلمنا ان نغير في الواقع يجب ان نعي معطياته والمكانيزم التي تتحكم فيه، ومقارنة مع الماضي (القريب) كان الإعلام مهذبا ملمعا لا ينقل الا الذي يسر الفؤاد ويبهج الخاطر، واليوم الجميع يلمح هذه الانفراجة، وإلا ان يحصل على استقلاله التام عن مؤسسات الدولة، فسيظل يعاني الكثير من الكبح والعسف!!
مع وافر تقديري لوعيك واهتمامك.
Omaima khamis @ yahoo. com
|
|
|
|
|